خواطر من جبل البَرَكَة

33/52

« اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ » (متى 6: 33)

كان الناس الذين أصغوا إلى أقوال المسيح ينتظرون بشوق أن يسمعوا إعلانا عن الملكوت الأرضي. فإذ كان يسوع يفتح لهم كنوز السماء كان أهم وأسمي سؤال يتردّد في أذهان غالبية الناس هو هذا: كيف يمكن أن ارتباطنا به يحقق آمالنا وانتظارنا في العالم؟ ويسوع يبيّن أنّه إذ يجعلون أمور العالم مطلبهم الأسمى وغاية اهتمامهم فهم يشبهون الأمم الوثنية حولهم الذين يعيشـون كما لو لم يكن هناك إله يرعى خلائقه باهتمام رقيق. ArMB 48.3

قال يسوع: « فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ ». « لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (لوقا 12: 30؛ متي 6: 32، 33). لقد جئت لأفتح لكم ملكوت المحبة والبرّ والسلام. فافتحوا قلوبكم لقبول هذا الملكوت واجعلوا خدمته موضوع اهتمامكم الأسمى. فمع انّه ملكوت روحي فلا تخافوا من أن احتياجاتِكم في هذه الحياة لن تَلقى اهتماماً. فإن كرّستم نفوسكم لخدمة الله فذاك الذي له كل سلطانٍ في السماء وعلى الأرض سيدّبر كل أعوازكم. ArMB 48.4

إنّ يسوع لا يعفينا من وجوب بذل الجهد، إلاّ أنّه يعلمنا أن نجعله الأول والآخر والأفضل في كل شيء، فينبغي ألاّ ننشغل في أي عمل أو نسعى وراء أي مطلب أو نطلب أيّ لذة أو متعة يمكن أن تعيق عمل برّه في خلقنا وحياتنا. فكل ما نعمله لنعمله من القلب كما للرب. ArMB 48.5

إنّ يسوع حين كان عائشا على الأرض عظّم الحياة بكل تفاصيلها بكونه جعل مجد الله نصب عيون الناس دائما. وبكونه اخضع كلّ شيء لإرادة أبيه. فإذا اتبعنا مثاله فهو يؤكّد لنا انّه فيما يختص بكل شؤون هذه الحياة الضرورية « هذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَنا ». فالفقر أو الغنى، المرض أو الصحة، البساطة أو الحكمة — هذِهِ كُلُّهَا قد حسب حسابها في وعد نعمته. ArMB 48.6

إنّ ذراع الله السـرمدية تحيط بالنفس التي تتجه إليه في طلب العون مهما تكون تلك النفس واهنة وضعيفة. إنّ نفائس الجبال ستغني أما النفس التي تحيا لله فستسكن معه. « الْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ » (1يوحنا 2: 17). إنّ مدينة الله ستفتح أبوابها الذهبية لقبول من قد تعلم وهو على الأرض أن يستند على الله لأجل الإرشاد والحكمة، لأجل العزاء والرجاء في وسط الخسائر والبلايا. وسترحّب به أغاني الملائكة للدخول إلى هناك وستقدم له شجرة الحياة ثمرها. « فَإِنَّ الْجِبَالَ تَزُولُ، وَالآكَامَ تَتَزَعْزَعُ، أَمَّا إِحْسَانِي فَلاَ يَزُولُ عَنْكِ، وَعَهْدُ سَلاَمِي لاَ يَتَزَعْزَعُ، قَالَ رَاحِمُكِ الرَّبُّ » (إِشَعْيَاء 54: 10). ArMB 48.7