خواطر من جبل البَرَكَة

34/52

« فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ ... يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ » (متى 6: 34)

إنّك إن كنت قد سلمت نفسك لله لتعمل عمله فلا حاجة بك لأن تهتم بالغد. فذاك الذي أنت خادمه يعرف النهاية من البداية. فأحداث الغد التي هي مخفية عن عينيك مكشوفة لعيني ذاك القادر على كلّ شيء. ArMB 49.1

فعندما نضع في أيدينا أمر تدبير الأشياء المتصلة بنا ونعتمد على حكمتنا لضمان النجاح فنحن نتحمل عبئاً لم يضعه الله علينا ونحاول أن نحمله بدون معونته. إنّنا نضطلع بمسؤولية هي من خصائص الله، وهكذا نحن في الحقيقة نضع أنفسنا في مكانه. وفي هذه الحالة يحسن بنا أن نهتم ونتوقع الخطر والخسارة لأن هذا لابدّ من أن يصيبنا. ولكن عندما نؤمن حقا أن الله يحبنا ويقصد أن يحسن إلينا فسنكفّ عن القلق بالنسبة إلى المستقبل. وسنثق بالله كما يثق طفل بأبيه المحب. وحينئذ تختفي اضطراباتنا وعذاباتنا لأن إرادتنا تُبتلع في إرادة الله. ArMB 49.2

إن المسيح لم يقدم لنا وعدا بالعون ونحن نحمل اليوم أعباء الغد. لقد قال: « تَكْفِيكَ نِعْمَتِي » (2كورنثوس 12: 9)، ولكن نعمته تُعطى كل يوم لأجل حاجة اليوم كما كان يعطي المنّ في البرية. فكما كانت جموع العبرانيين في حياة اغترابهم يمكننا أن نحصل على خبز السماء لسد حاجة كل يوم، صباحا بعد صباح. ArMB 49.3

إنّ لنا يوما واحدا فقط، وفي هذا اليوم يجب أن نعيش لله. ولأجل هذا اليوم الواحد علينا أن نضع في يد المسيح، في الخدمة المقدسة، كل مقاصدنا وتدبيراتنا، ملقين كل همنا عليه لأنَّه هو يعتني بنا. « لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً » (إِرْمِيَا 29: 11). « بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ » (إِشَعْيَاء 30: 15). ArMB 49.4

فإن طلبت الرب ورجعت إليه كل يوم، وإن كنت بمحض اختيارك الروحي تتحرر وتفرح بالله، وإذا كنت برضى القلب الفرح، واستجابة لدعوته الرحيمة تأتي حاملا نير المسيح — نير الطاعة والخدمة — فإنّ كل تذمراتك ستهدأ وتسكن وكل مشاكلك ستزول، وكل معضلاتك المربكة التي تواجهك الآن ستُحلّ. ArMB 49.5