قِصَّة الفداء

66/229

الأحكام والفرائض

كتب موسى هذه الأحكام والفرائض التي خرجت مِن فم الله عندما كان معه على الجبل. لو أنَّ شعب الله أطاعوا مبادئ الوصايا العشر، لما كانت هنالك حاجة لتلك التعليمات المحدَّدة التي أعطيت لموسى، والتي كتبها في كتاب، حول واجباتهم نحو الله ونحو واحدهم الآخر. إنَّ التعليمات المحدَّدة التي أعطاها الله لموسى بخصوص واجبات شعب الله نحو بعضهم البعض ونحو الغرباء، هي نفسها مبادئ الوصايا العشر بأسلوب مُبسَّط ومُحدَّد، وذلك كي لا يُخطئوا في فهمها. SRAr 149.1

أعطى الربُّ موسى إرشادات لا ريب فيها بخصوص التقدمات الطقسيَّة التي كانت ستبطل بموت المسيح. كان نظام الذبائح ظِلًّا لتقدمة المسيح كَحَمل بلا عيب ولا دنس. SRAr 149.2

لقد أسَّس الربُّ نظام تقدمات الذبائح أوّلًا مع آدم بعد سقوطه، وقد علَّم آدمُ ذلكَ النظامَ لنسله مِن بعده. وقبل الطوفان تعرَّض هذا النظام للفساد بسبب الذين فصلوا أنفسهم عن أتباع الله الأمناء وانخرطوا في بناء برج بابل. لقد قدَّموا ذبائح لآلهة مِن صُنع أيديهم بدلًا مِن إله السماء. ولم تكن الذبائح التي قدَّموها نتيجة إيمانهم بالفادي الذي سيأتي، بل لاعتقادهم بأنَّ عليهم أنْ يُرضوا آلهتهم بتقديمهم الكثير من الذبائح على مذابحهم الوثنيَّة الملوَّثة والفاسدة. لقد قادتهم خرافاتهم إلى الكثير مِن التبذير والتهوُّر. وعلَّموا الشعب أنَّه كلَّما زادت قيمة الذبيحة، زاد معها رضا الآلهة الوثنيَّة وعظُمَ معها الرخاء والغنى في أمَّتهم. أدَّى ذلك إلى تقديم البشر، في كثير مِن الأحيان، كذبائح لتلك الأصنام الصمَّاء. وكانت لتلك الأمم قوانين وأحكام للتحكُّم بأعمال شعوبها، وقد كانت تلك النظم والقوانين بالغة القسوة. وقد صَدَرَت تلك القوانين مِن أشخاص لم تعمل نعمة الله في قلوبهم لتليينها؛ وبينما كانوا يغضُّون الطرْف عن أبشع الجرائم انحطاطًا، كان تصدر عن أصحاب السلطان أقسى العقوبات على أيِّ حادث أو إساءة بسيطة. SRAr 149.3

لقد أدرك موسى هذا كلَّه حين قال لإسرائيل: «اُنْظُرْ. قَدْ عَلَّمْتُكُمْ فَرَائِضَ وَأَحْكَامًا كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ إِلهِي، لِكَيْ تَعْمَلُوا هكَذَا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ دَاخِلُونَ إِلَيْهَا لِكَيْ تَمْتَلِكُوهَا. فَاحْفَظُوا وَاعْمَلُوا. لأَنَّ ذلِكَ حِكْمَتُكُمْ وَفِطْنَتُكُمْ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كُلَّ هذِهِ الْفَرَائِضِ، فَيَقُولُونَ: هذَا الشَّعْبُ الْعَظِيمُ إِنَّمَا هُوَ شَعْبٌ حَكِيمٌ وَفَطِنٌ. لأَنَّهُ أَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ آلِهَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَالرَّبِّ إِلهِنَا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِنَا إِلَيْهِ؟ وَأَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ عَادِلَةٌ مِثْلُ كُلِّ هذِهِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ الْيَوْمَ؟” (تثنية ٤: ٥ـ٨). SRAr 150.1