قِصَّة الفداء
الخطر الداهم القادم مِن عبادة الأوثان
أراد الله مرَّة أخرى أنْ يحمي أبناء إسرائيل مِن عبادة الأوثان، فقال لهم: «لاَ تَصْنَعُوا مَعِي آلِهَةَ فِضَّةٍ، وَلاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ آلِهَةَ ذَهَبٍ» (خروج ٢٠: ٢٣). لقد كانوا مُعرَّضين لخطر أنْ يقلِّدوا مثال المصريِّين في صنع أصنام ترمز إلى الإله. SRAr 142.3
قال الربُّ لموسى: «‹هَا أَنَا مُرْسِلٌ مَلاَكًا أَمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي الطَّرِيقِ، وَلِيَجِيءَ بِكَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَعْدَدْتُهُ. اِحْتَرِزْ مِنْهُ وَاسْمَعْ لِصَوْتِهِ وَلاَ تَتَمَرَّدْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ لاَ يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِكُمْ، لأَنَّ اسْمِي فِيهِ. وَلكِنْ إِنْ سَمِعْتَ لِصَوْتِهِ وَفَعَلْتَ كُلَّ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، أُعَادِي أَعْدَاءَكَ، وَأُضَايِقُ مُضَايِقِيكَ. فَإِنَّ مَلاَكِي يَسِيرُ أَمَامَكَ وَيَجِيءُ بِكَ إِلَى الأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، فَأُبِيدُهُمْ›” (خروج ٢٣: ٢٠-٢٣). إنَّ الملاك الذي سار أمام إسرائيل كان الربَّ يسوع المسيح. «لاَ تَسْجُدْ لآلِهَتِهِمْ، وَلاَ تَعْبُدْهَا، وَلاَ تَعْمَلْ كَأَعْمَالِهِمْ، بَلْ تُبِيدُهُمْ وَتَكْسِرُ أَنْصَابَهُمْ. وَتَعْبُدُونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ، وَأُزِيلُ الْمَرَضَ مِنْ بَيْنِكُمْ» (خروج ٢٣: ٢٤، ٢٥). SRAr 142.4
أراد الله مِن شعبه أنْ يدركوا أنَّ العبادة ينبغي أنْ تكون له وحده؛ وعندما يتغلَّبون على الأمم الوثنيَّة المحيطة بهم، عليهم ألَّا يحتفظوا بأيَّ صنم مِن الأصنام التي كان يعبدونها، بل عليهم أنْ يهدموها بالكامل. وكانت الكثير مِن تلك الأصنام الوثنيَّة غالية الثمن وجميلة الصُنع، وكان بالإمكان أنْ تُغري أولئك الذين شاهدوا عبادة الأوثان المنتشرة على نطاق واسع في مصر إلى درجة أنْ يحترموا تلك الأصنام الصمَّاء العديمة الإحساس. أراد الربُّ مِن شعبه أن يُدركوا أنَّه بسبب وثنيَّة هذه الأمم التي قادتها إلى ارتكاب جميع صنوف الشرور، فهو سوف يستخدم بني إسرائيل كأداته التي سيُعاقِب بها تلك الأمم ويدمِّر آلهتها. SRAr 143.1
«أُرْسِلُ هَيْبَتِي أَمَامَكَ، وَأُزْعِجُ جَمِيعَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَأْتِي عَلَيْهِمْ، وَأُعْطِيكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مُدْبِرِينَ. وَأُرْسِلُ أَمَامَكَ الزَّنَابِيرَ. فَتَطْرُدُ الْحِوِّيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ مِنْ أَمَامِكَ. لاَ أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، لِئَلاَّ تَصِيرَ الأَرْضُ خَرِبَةً، فَتَكْثُرَ عَلَيْكَ وُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ. قَلِيلاً قَلِيلاً أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ إِلَى أَنْ تُثْمِرَ وَتَمْلِكَ الأَرْضَ. وَأَجْعَلُ تُخُومَكَ مِنْ بَحْرِ سُوفٍ إِلَى بَحْرِ فِلِسْطِينَ، وَمِنَ الْبَرِّيَّةِ إِلَى النَّهْرِ. فَإِنِّي أَدْفَعُ إِلَى أَيْدِيكُمْ سُكَّانَ الأَرْضِ، فَتَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. لاَ تَقْطَعْ مَعَهُمْ وَلاَ مَعَ آلِهَتِهِمْ عَهْدًا. لاَ يَسْكُنُوا فِي أَرْضِكَ لِئَلاَّ يَجْعَلُوكَ تُخْطِئُ إِلَيَّ. إِذَا عَبَدْتَ آلِهَتَهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَكَ فَخًّا» (خروج ٢٣: ٢٧-٣٣). كانت هذه الوعود التي قطعها الله لأجل شعبه مشروطة بطاعتهم. فإنْ هم خدموا الربَّ وعبدوه عبادة كاملة، فهو سيصنع لأجلهم العظائم. SRAr 143.2
بعد أنْ تسلَّم موسى الأحكام مِن الربِّ وكتبها للشعب وكتب الوعود أيضًا التي كانت مشروطة بالطاعة، قال له الربُّ: «‹اصْعَدْ إِلَى الرَّبِّ أَنْتَ وَهَارُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو، وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَاسْجُدُوا مِنْ بَعِيدٍ. وَيَقْتَرِبُ مُوسَى وَحْدَهُ إِلَى الرَّبِّ، وَهُمْ لاَ يَقْتَرِبُونَ. وَأَمَّا الشَّعْبُ فَلاَ يَصْعَدْ مَعَهُ›. فَجَاءَ مُوسَى وَحَدَّثَ الشَّعْبَ بِجَمِيعِ أَقْوَالِ الرَّبِّ وَجَمِيعِ الأَحْكَامِ، فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَقَالُوا: ‹كُلُّ الأَقْوَالِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ نَفْعَلُ›” (خروج ٢٤: ١-٣). SRAr 144.1
إنَّ موسى لم يكتب الوصايا العشر، بل الأحكام التي أراد الله أنْ يحفظها الشعب، بالإضافة إلى المواعيد المشروطة بطاعتهم له. قرأ موسى هذه الأحكام والمواعيد على مسامِع الشعب، فتعهَّدوا بأنْ يُطيعوا جميع الأقوال التي تكلَّم بها الربُّ. بعد ذلك، كتب موسى تَعهُّدهم في كتاب وقدَّم محرقة عن الشعب لله. «وَأَخَذَ كِتَابَ الْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ، فَقَالُوا: ‹كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ›. وَأَخَذَ مُوسَى الدَّمَ وَرَشَّ عَلَى الشَّعْبِ وَقَالَ: ‹هُوَذَا دَمُ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ عَلَى جَمِيعِ هذِهِ الأَقْوَالِ›” (خروج ٢٤: ٧-٨). ردَّد الشعب أمام الربِّ تعهُّدهم المقدَّس بأن يفعلوا كلَّ ما أوصاهم به وأنْ يُطيعوه. SRAr 144.2