قِصَّة الفداء

56/229

ماء مِن الصخرة

بعد أن ارتحلوا مِن برِّيَّة سين وعسكروا في رفيديم، لم يكن هناك ماء لكي يشرب الشعب. SRAr 131.2

«فَخَاصَمَ الشَّعْبُ مُوسَى وَقَالُوا: ‹أَعْطُونَا مَاءً لِنَشْرَبَ.› فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: ‹لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي؟ لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ الرَّبَّ؟› وَعَطِشَ هُنَاكَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَاءِ، وَتَذَمَّرَ الشَّعْبُ عَلَى مُوسَى وَقَالُوا: ‹لِمَاذَا أَصْعَدْتَنَا مِنْ مِصْرَ لِتُمِيتَنَا وَأَوْلاَدَنَا وَمَوَاشِيَنَا بِالْعَطَشِ؟› فَصَرَخَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ قَائِلاً: ‹مَاذَا أَفْعَلُ بِهذَا الشَّعْبِ؟ بَعْدَ قَلِيل يَرْجُمُونَنِي›» (خروج ١٧: ٢-٤). SRAr 131.3

«فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: ‹مُرَّ قُدَّامَ الشَّعْبِ، وَخُذْ مَعَكَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. وَعَصَاكَ الَّتِي ضَرَبْتَ بِهَا النَّهْرَ خُذْهَا فِي يَدِكَ وَاذْهَبْ. هَا أَنَا أَقِفُ أَمَامَكَ هُنَاكَ عَلَى الصَّخْرَةِ فِي حُورِيبَ، فَتَضْرِبُ الصَّخْرَةَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ لِيَشْرَبَ الشَّعْبُ›. فَفَعَلَ مُوسَى هكَذَا أَمَامَ عُيُونِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. وَدَعَا اسْمَ الْمَوْضِعِ ‹مَسَّةَ وَمَرِيبَةَ› مِنْ أَجْلِ مُخَاصَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمِنْ أَجْلِ تَجْرِبَتِهِمْ لِلرَّبِّ قَائِلِينَ: ‹أَفِي وَسْطِنَا الرَّبُّ أَمْ لاَ؟›» (خروج ١٧: ٥-٧). SRAr 131.4

أرشدَ الله بني إسرائيل أنْ يُعسكروا في ذلك المكان، حيث لم يكن هناك ماء، لكي يختبرهم وليرى إذا كانوا سينظرون إليه في كربهم وضيقهم، أو سيتذمَّرون كما فعلوا مِن قبل. كان عليهم أنْ يؤمنوا به أثناء ضيقهم، وذلك مِن خلال النظر إلى ما قد فعله مِن أجلهم في خلاصهم العجيب. كان ينبغي أنْ يُدرِكوا بأنَّه لن يسمح لهم أنْ يهلكوا مِن العطش، فهو وعد أنْ يجعلهم شعبًا خاصًّا له. ولكنْ بدلًا مِن أنْ يتوسُّلوا إلى الربِّ باتِّضاع لإمدادهم باحتياجاتهم، تذمَّروا على موسى وطالبوه بالماء. SRAr 132.1

كان الله يُظهِر لهم باستمرار قوَّته بطرق عجيبة لكي يدركوا أنَّه هو مصدر كلَّ البركات التي كانوا يحصلون عليها؛ وأنَّه يستطيع أنْ يمنحهم تلك البركات أو يمنعها عنهم، حسب مشيئته هو. في بعض الأحيان كانوا يدركون ذلك تمامًا، فكانوا يخضعون أمام الربِّ؛ ولكنْ حين كان يشتدُّ عليهم الجوع أو العطش، كانوا يتَّهمون موسى بكلِّ ما كان يأتي عليهم وكأنَّهم تركوا مصر ليُفرحوه. حزن موسى مِن تذمُّراتهم القاسية، وطلب مِن الربِّ أنْ يرشده فيما ينبغي عليه فعله، لأنَّ الشعب كانوا على استعداد لرجمه. أمره الربُّ بأنْ يذهب ويضرب الصخرة بعصا الله. استقرَّت سحابة مجد الله فوق الصخرة مُباشرة. «شَقَّ صُخُورًا فِي الْبَرِّيَّةِ، وَسَقَاهُمْ كَأَنَّهُ مِنْ لُجَجٍ عَظِيمَةٍ. أَخْرَجَ مَجَارِيَ مِنْ صَخْرَةٍ، وَأَجْرَى مِيَاهًا كَالأَنْهَارِ» (مزمور ٧٨: ١٥، ١٦). SRAr 132.2

إنَّ موسى ضرب الصخرة، لكنَّ المسيح كان واقفًا إلى جواره، وجعل المياه تتدفَّق مِن تلك الصخرة الصمَّاء. إنَّ الشعب في عطشهم جرَّبوا الربَّ قائلين: «أَفِي وَسْطِنَا الرَّبُّ أَمْ لاَ؟” (خروج ١٧: ٧). فإذا كان الله قد أتى بنا إلى هُنا، فلماذا لا يُعطينا ماء ويُعطينا خبزًا أيضًا. إنَّ هذا التساؤل الذي جاهروا به أظهر عدم إيمان، وجعل موسى يخاف مِن أنْ يُعاقِبهم الله على تذمُّراتهم الشرِّيرة. لقد اختبر الربُّ إيمان شعبه، لكنَّهم لم يحتملوا التجربة وتذمَّروا بسبب الطعام والماء واشتكوا إلى موسى. وبسبب عدم إيمانهم، سمح الله لأعدائهم بمهاجمتهم، حتَّى يُبرهِن لشعبه مِن أين تأتي قوَّتهم. SRAr 132.3