قِصَّة الفداء
المَنّ
«وَلَمَّا ارْتَفَعَ سَقِيطُ النَّدَى إِذَا عَلَى وَجْهِ الْبَرِّيَّةِ شَيْءٌ دَقِيقٌ مِثْلُ قُشُورٍ. دَقِيقٌ كَالْجَلِيدِ عَلَى الأَرْضِ. فَلَمَّا رَأَى بَنُو إِسْرَائِيلَ قَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ‹مَنْ هُوَ؟› لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا مَا هُوَ. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: ‹هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي أَعْطَاكُمُ الرَّبُّ لِتَأْكُلُوا. هذَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ. اِلْتَقِطُوا مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ. عُمِرًا لِلرَّأْسِ عَلَى عَدَدِ نُفُوسِكُمْ تَأْخُذُونَ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلَّذِينَ فِي خَيْمَتِهِ›” (خروج ١٦: ١٤-١٦). SRAr 129.3
«فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ هكَذَا، وَالْتَقَطُوا بَيْنَ مُكَثِّرٍ وَمُقَلِّل. وَلَمَّا كَالُوا بِالْعُمِرِ، لَمْ يُفْضِلِ الْمُكَثِّرُ وَالْمُقَلِّلُ لَمْ يُنْقِصْ. كَانُوا قَدِ الْتَقَطُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ. وَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: ‹لاَ يُبْقِ أَحَدٌ مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ›. لكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى، بَلْ أَبْقَى مِنْهُ أُنَاسٌ إِلَى الصَّبَاحِ، فَتَوَلَّدَ فِيهِ دُودٌ وَأَنْتَنَ. فَسَخَطَ عَلَيْهِمْ مُوسَى. وَكَانُوا يَلْتَقِطُونَهُ صَبَاحًا فَصَبَاحًا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ. وَإِذَا حَمِيَتِ الشَّمْسُ كَانَ يَذُوبُ» (خروج ١٦: ١٧-٢١). SRAr 129.4
«ثُمَّ كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ أَنَّهُمُ الْتَقَطُوا خُبْزًا مُضَاعَفًا، عُمِرَيْنِ لِلْوَاحِدِ. فَجَاءَ كُلُّ رُؤَسَاءِ الْجَمَاعَةِ وَأَخْبَرُوا مُوسَى. فَقَالَ لَهُمْ: ‹هذَا مَا قَالَ الرَّبُّ: غَدًا عُطْلَةٌ، سَبْتٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. اخْبِزُوا مَا تَخْبِزُونَ وَاطْبُخُوا مَا تَطْبُخُونَ. وَكُلُّ مَا فَضِلَ ضَعُوهُ عِنْدَكُمْ لِيُحْفَظَ إِلَى الْغَدِ›. فَوَضَعُوهُ إِلَى الْغَدِ كَمَا أَمَرَ مُوسَى، فَلَمْ يُنْتِنْ وَلاَ صَارَ فِيهِ دُودٌ. فَقَالَ مُوسَى: ‹كُلُوهُ الْيَوْمَ، لأَنَّ لِلرَّبِّ الْيَوْمَ سَبْتًا. الْيَوْمَ لاَ تَجِدُونَهُ فِي الْحَقْلِ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَلْتَقِطُونَهُ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتٌ، لاَ يُوجَدُ فِيهِ›” (خروج ١٦: ٢٢-٢٦). SRAr 130.1
إنَّ الله في أيَّامنا هذه ليس أقلَّ تدقيقًا بخصوص يوم سبته ممَّا كان عليه حين أعطى التعليمات الخاصَّة لأبناء إسرائيل في الماضي. لقد طلب منهم أنْ يخبزوا ما يخبزون، ويطبخوا ما يطبخون، في اليوم السادس، استعدادًا للراحة يوم السبت. SRAr 130.2
لقد أظهر الله عنايته العظيمة ومحبَّته لشعبه في إرساله لهم خُبزًا مِن السماء. «أَكَلَ الإِنْسَانُ خُبْزَ المَلائِكَةِ» (مزمور ٧٨: ٢٥)؛ أيْ الخبز الذي أعدَّته لهم الملائكة. كان لمعجزة المن ثلاثة أبعاد: توافر كمِّيَّة مُضاعفة منه في اليوم السادس، وعدم وجوده في اليوم السابع، وحفظه طازجًا خلال اليوم السابع، في حين لم يكن يصلح للاستعمال في الأيَّام الأخرى، وكان القصد منها أنْ تطبع في عقولهم قُدسيَّة يوم السبت. SRAr 130.3
بعدما قُدِّم لهم الطعام بوفرة، خجلوا مِن عدم إيمانهم وتذمُّراتهم، وتعهَّدوا بأنْ يثقوا بالربِّ في المُستقبل، لكنَّهم سرعان ما نسوا وعدهم وفشلوا في أوَّل تجربة امتحنت إيمانهم. SRAr 131.1