قِصَّة الفداء

40/229

الإيمان الذي يغلب

إنَّ جِهاد الإيمان الذي كان ليعقوب قد انتصر. لقد تمسَّك يعقوب بالملاك بكلِّ قوَّته إلى أنْ نال البركة التي كان يتوق إليها، وتأكَّد أنَّ خطاياه قد غُفِرت. عندئذ، تغيَّر اسمه مِن يعقوب المُتعقِّب إلى إسرائيل الذي يعني أمير الله. «وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: ‹أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ›. فَقَالَ: ‹لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟› وَبَارَكَهُ هُنَاكَ.فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ ‹فَنِيئِيلَ› قَائِلاً: ‹لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ، وَنُجِّيَتْ نَفْسِي›» (تكوين ٣٢: ٢٩-٣٠). إنَّ المسيح هو الذي تواجد مع يعقوب تلك الليلة، وهو الذي تصارع معه وبقي مُتعلِّقًا به إلى أنْ باركه. SRAr 95.2

استمع الله إلى توسُّلات يعقوب، وغيَّر مقاصد قلب عيسو. فلم يقم عيسو بمعاقبة يعقوب على أيِّ مسلك خاطئ كان قد سلكه تجاهه. كانت حياة يعقوب حياة شكٍّ وارتباك وندم بسبب خطيئته، إلى أنْ حان وقت مُصارعته المُخلِصة مع الملاك وهناك حصل على البرهان بأنَّ الله قد غفر له خطاياه. SRAr 96.1

«جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا. وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ يَهْوَهُ اسْمُهُ» (هوشع ١٢: ٤، ٥). SRAr 96.2

كان عيسو يتقدَّم نحو يعقوب ويرافقه جيش بهدف قتل أخيه. ولكنْ، بينما كان يعقوب يتصارع مع الملاك خلال تلك الليلة، أرسل الله ملاكًا آخر للتأثير على قلب عيسو بينما كان نائمًا. رأى عيسو يعقوب في حلمٍ وهو في غربته عن بيت أبيه خلال عشرين عامًا إذ كان خائِفًا على حياته. وشاهد حزن يعقوب حين عَلِمَ بأنَّ والدته قد ماتت. ورأى في حلمه اتِّضاع يعقوب وملائكة الله تُحيط به. وحلم أنَّه عندما التقيا لم تكن لديه نيَّة لإيقاع الأذى بيعقوب. وعندما استيقظ عيسو مِن نومه، قصَّ هذا الحلم على جنوده الأربعمئة وأوصاهم ألَّا يوقعوا الأذى بيعقوب لأنَّ إله أبيه كان معه. وعندما سيُلاقون يعقوب، لم يكن ينبغي لأحد منهم أنْ يُلحق به الأذى. SRAr 96.3

«وَرَفَعَ يَعْقُوبُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا عِيسُو مُقْبِلٌ وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُل... وَأَمَّا هُوَ فَاجْتَازَ قُدَّامَهُمْ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حَتَّى اقْتَرَبَ إِلَى أَخِيهِ. فَرَكَضَ عِيسُو لِلِقَائِهِ وَعَانَقَهُ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ، وَبَكَيَا» (تكوين ٣٣: ١-٤). توسَّل يعقوب لعيسو أنْ يقبل هديّة سلام، لكنَّ عيسو رفض قبولها، فقال يعقوب: «‹خُذْ بَرَكَتِي الَّتِي أُتِيَ بِهَا إِلَيْكَ، لأَنَّ اللهَ قَدْ أَنْعَمَ عَلَيَّ وَلِي كُلُّ شَيْءٍ›. وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَأَخَذَ» (تكوين ٣٣: ١١). SRAr 96.4