قِصَّة الفداء

39/229

١٣ - يعقوب والملاك

يعتمد هذا الفصل على ما جاء في سِفر التكوين ٣٢: ٢٤-٣٣؛ سِفر التكوين ١١.

إنَّ خَطِيَّة يعقوب التي ارتكبها في أخذه بَرَكة أخيه بالتحايل والخداع عادت تتماثل أمامه بقوَّة، وكان خائفًا مِن أنْ يسمح الله لعيسو بأنْ ينال منه ويقتله. وفي كربه صلَّى إلى الله طوال الليل. لقد مَثُل أمامي ملاكٌ وكأنَّه واقف أمام يعقوب مُظهِرًا له الطبيعة الحقيقيَّة لخطيئته. وإذ استدار الملاك ليتركه، أمسك به يعقوب ولم يدعه يذهب. وبصرخات حادَّة ممزوجة بدموع تضرَّع إلى الله وتوسَّل إليه مُعربًا عن توبته العميقة عن خطاياه وعن سلبه ما ليس له مِن أخيه، وهو ما أدَّى إلى انفصاله عن بيت أبيه لعشرين سنة. لقد تجرَّأ على المطالبة بوعود الله ودلالات رضاه عليه، مِن حين إلى آخر، خلال تغيُّبه عن بيت أبيه. SRAr 94.1

تصارع يعقوب مع الملاك طوال الليل مُتضرِّعًا أنْ ينال البركة. وقد بدا الملاك وكأنَّه كان يُقاوم صلاته، إذ ظلَّ يُعيد ذِكرَ خطاياه إلى ذاكرته محاولًا في ذات الوقت الإفلات منه. كان يعقوب عازمًا على التمسُّك بالملاك، لا بالقوَّة البدنيَّة، بل بقوَّة الإيمان الحيّ. وفي محنته أشار يعقوب إلى توبته وندمه العميق نتيجة أخطائه. بدا أنَّ الملاك تعامل مع صلاة يعقوب بِلا مُبالاة، إذ كان يحاول باستمرار الإفلات مِن قبضة يعقوب. كان بمقدور الملاك أنْ يُمارس قوَّته الفائقة للطبيعة للإفلات مِن قبضة يعقوب، لكنَّه لم يشأ أنْ يفعل ذلك. SRAr 94.2

لكنْ، عندما رأى الملاك بأنَّه لم يتغلَّب على يعقوب، ولكي يقنعه بقوَّته الخارقة للطبيعة، ضرب حُقَّ فخذه فانخلع حُقَّ فخذ يعقوب في الحال. لكنَّ يعقوب لم يتخلَّ عن جهوده الجادَّة تحت وقع آلامه الجسديَّة. كان هدفه نيل البركة، وآلام الجسد لم تكن كافية لِتُحوِّل عقله عن هدفه. كانت عزيمته في اللحظات الأخيرة للصراع أقوى مِن ذي بدء. وإيمانه نما بإخلاص ومُثابرة أكثر حتَّى النهاية إلى أنْ طلع الفجر. لم يُطلِق يعقوب الملاك إلى أنْ باركه. «وَقَالَ: ‹أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ›. فَقَالَ(يعقوب): ‹لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي›. فَقَالَ لَهُ (الملاك): ‹مَا اسْمُكَ؟› فَقَالَ: ‹يَعْقُوبُ›. فَقَالَ: ‹لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ›. وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: ‹أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ›. فَقَالَ: ‹لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟› وَبَارَكَهُ هُنَاكَ» (تكوين ٣٢: ٢٦-٢٩). SRAr 95.1