قِصَّة الفداء
٦٦ - الموت الثاني
يبدو الشيطان وكأنَّ قواه قد شُلَّت عندما يرى مجد المسيح وجلاله. فذاك الذي كان قبلًا كروبًا مُظلّلًا يذكر مِن أين سقط. كان أحد السرافيم المُتألِّقين بالنور، «زُهَرَةُ، بِنْت الصُّبْحِ» (إشعياء ١٤: ١٢)؛ كم تغيَّرت حاله وانحطّ! SRAr 427.1
يرى الشيطان أنَّ تمرُّده الذي أقدم عليه بمحض إرادته جعله غير مُؤهَّلٍ للسماء. لقد درَّب قواه على مُحاربة الله؛ ولهذا ستكون طهارة السماء وسلامها وانسجامها مصدر عذاب هائل له. إنَّ اتِّهاماته ضدَّ رحمة الله وعدله قد أسْكِتَت الآن. والعار الذي حاول أنْ يلصقه بالربِّ استقرَّ كلُّه عليه. والآن فها الشيطان ينحني معترفًا بعدالة الحُكم الذي صدر ضدَّه. SRAr 427.2
لقد اتَّضح كلُّ تساؤل عن الحقِّ والضلال في الصراع الهائل الطويل الأمد. وها هي عدالة الله تقف مُبرَّرة تمامًا. وأمام العالَم أجمع عُرِضت بكلِّ وضوح الذبيحة العظمى التي قدَّمها الآب والابن لأجل الإنسان. وقد أتت الساعة التي يتبوَّأ فيها المسيح مركزه الشرعيّ ويتمجَّد فوق كلِّ رياسة وسلطان وقوَّة وسيادة وكلِّ اسم يُسمَّى (انظر أفسس ١: ٢١). SRAr 427.3
على الرغم مِن أنَّ الشيطان قد أجبِرَ على الاعتراف بعدالة الله والانحناء أمام سيادة المسيح، إلَّا أنَّ صفاته تبقى كما هي مِن دون تغيير. فروح العصيان ترتدُّ عليه كسيل جارف. وإذ يمتلئ بالجنون يُصمِّم على عدم الاستسلام في الصراع العظيم. لقد حان الوقت حين يشتبك في صراع أخير يائس ضدَّ ملك السماء. فيندفع الشيطان بين رعاياه محاولًا أنْ يُلهمهم بما يضمره في صدره مِن ثورة غضب ويُثيرهم للاشتباك في الحرب على الفور. ولكنْ، مِن بين كلِّ الملايين التي لا تُحصى مِن الذين قد أغواهم على العصيان لا يوجد الآن أحدٌ يعترف بسيادته. لقد انتهى سلطانه. والأشرار تملؤهم الكراهية نفسها التي تعتمل في قلب الشيطان ضدَّ الله. لكنَّهم يرون أنَّ قضيَّتهم صارت ميؤوسًا منها وأنَّهم لا يستطيعون الانتصار على الربِّ. فيثور غضبهم ضدَّ الشيطان وضدَّ الذين كانوا أعوانه في الخداع، وبغضب إبليسيّ يرتدُّون عليهم، ويتبع ذلك مشهد نزاع عالميّ. SRAr 427.4