قِصَّة الفداء

203/229

الوحش وصورته

هذا الوحش الأوَّل يرمز إلى كنيسة روما، التي هي عبارة عن هيئة كنسيَّة قد اكتست بسُلطة مدنيَّة، وتمتلك القدرة على معاقبة جميع الخارجين عن طوعها والمُنشقِّين عنها. أمَّا صورة الوحش فهي ترمز إلى هيئة دينيَّة أخرى قد كستها قوى مشابهة. إنَّ تشكيل هذه الصورة هو عمل الوحش نفسه الذي ــ نتيجة صعوده السلميّ ومبادئه اللطيفة ــ يلفت الأنظار بشكل صارخ إلى أنَّه رمز للولايات المتَّحدة. وهُنا يمكن العثور على صورة البابويَّة. عندما تتَّحد كنائس الولايات المتَّحدة مجتمعة حول نقاط الإيمان المُشترك فيما بينها، ستؤثِّر على الدولة لتفرض قوانين تلك الكنائس وتدعم مُؤسَّساتها، وعندئذ ستكون البروتستانتيَّة الأمريكيَّة قد شكَّلت صورة للسُّلطة الرومانيَّة. حينذاك ستُهاجَم الكنيسة الحقيقيَّة بالاضطهاد كما حدث مع شعب الله قديمًا. SRAr 381.3

إنَّ الوحش الشبيه بالخروف يأمر: «الْجَمِيعَ: الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، وَالأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ، وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى يَدِهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جَبْهَتِهِمْ، وَأَنْ لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ، إِّلاَّ مَنْ لَهُ السِّمَةُ أَوِ اسْمُ الْوَحْشِ أَوْ عَدَدُ اسْمِهِ» (رؤيا يوحنَّا ١٣: ١٦، ١٧). هذه هي علامة الإنذار الذي نطق به الملاك الثالث. إنَّها علامة الوحش الأوَّل، أي البابوية، ولذلك يمكن النظر إليها على أنَّها مِن بين الصفات المميِّزة لتلك القوَّة. لقد أعلن النبيُّ دانيال أنَّ القرن الصغير الذي يرمز إلى الكنيسة الرومانيَّة «يَظُنُّ أنَّهُ يُغَيِّرُ الأوْقَاتَ وَالسُّنَّة” (دانيال ٧: ٢٥)، بينما لقَّبها بولس بـ «إِنْسَان الخَطِيْئَة” (٢تسالونيكي ٢: ٣)، الذي يرفع نفسه على الله (٢تسالونيكي ٢: ٤). والبابويَّة لم تستطع أنْ ترفع نفسها فوق الله إلَّا عندما قامت بتغيير شريعته؛ وكُلُّ مَن يحفظ الشريعة بعد تغييرها وهو على علم بذلك إنَّما يُقدِّم إكرامًا فائقًا لذلك السلطان الذي أحدث هذا التغيير. SRAr 382.1

إنَّ الوصيَّة الرابعة التي سَعَتَ روما إلى استبعادها هي الوصيَّة الوحيدة التي تُشير إلى الله على أنَّه خالق السماوات والأرض، وهكذا فهي تُميِّز الإله الحقيقي عن جميع الآلهة الزائفة. لقد فُرِض السبت ليكون ذكرى لعمل الخلق، وبهذا يوجِّه أذهان البشر إلى الإله الحيِّ الحقيقيِّ. ويُشار إلى قُدرته الخالقة في صفحات الكتاب المقدَّس باعتبارها دليلًا وبرهانًا على أنَّ إله إسرائيل هو فوق كلِّ الآلهة الوثنيَّة. لو حُفِظ السبت على مرِّ الأجيال، لكانت أفكار الإنسان وعواطفه تنعطف إلى صانعه بوصفه موضوع الإكرام والعبادة، ولَما وُجد عابد وثن أو كافر أو مُلحد. SRAr 382.2

تلك المُؤسَّسة التي تُشير إلى الله على أنَّه الخالق هي علامة على سيادته الشرعيَّة على جميع الخلائق التي صنعها. وتغيير السبت هو علامة، أو سِمة، تشير إلى سُلطة الكنيسة الرومانيَّة. والذين يختارون حفظ السبت الزائف بدل الحقيقيّ ــ مع علمهم بمطالب الوصيَّة الرابعة ــ إنَّما يُقدِّمون بذلك ولاءهم لتلك السُّلطة التي أمرت به مِن دون سواها. SRAr 383.1