قِصَّة الفداء

194/229

الاستعداد لمُلاقاة الربِّ

إنَّ الذين قبِلوا الرسالة كانوا يتوقَّعون مجيء مُخلِّصهم بشوق لا يُوصف. كان قد اقترب موعد اللقاء الذي توقَّعوه، فاقتربوا مِن تلك الساعة بوقار هادئ رصين، واستراحوا في شركة حلوة مع الله، وهذا كان عربونًا للسلام الذي كانوا سيتمتَّعون به في الأبديَّة المُتألِّقة المجيدة. إنَّ مَن اختبر هذا الرجاء وهذه الثقة لا يمكنه أنْ ينسى ساعات الانتظار الثمينة تلك. وطوال بضعة أسابيع ألقِيَ بأكثر الأعمال الدنيويَّة جانبًا لأغلب الوقت. وراح المؤمنون يفحصون بكلِّ دقَّة كلَّ أفكار قلوبهم وبواعثهم، كما لو كانوا على فراش الموت وستغمض عيونهم عن المشاهد الأرضيَّة بعد ساعات قليلة. إنَّهم لم يصنعوا لأنفسهم (ثيابًا ليصعدوا بها إلى السماء)، لكنَّهم أحسُّوا جميعًا بالحاجة إلى البرهان الداخليّ على أنَّهم مستعدِّون لملاقاة المُخلِّص؛ فثيابهم البيضاء كانت هي طهارة النفس والصفات المُطَّهرة مِن الْخَطِيَّةِ بكفَّارة دم المسيح. SRAr 362.2

لقد قَصَد الله أنْ يمتحن شعبه، ولهذا فقد أخفت يده خطًأ في حساب الفترات النبويَّة. ولم يكتشف منتظرو المجيء هذه الغلطة، ولا اكتشفها أذكى خصومهم وأغزرهم علمًا. فلقد قال أولئك الخصوم: «إنَّ حسابكم للفترات النبويَّة صحيح. وإنَّ حدثًا عظيمًا يوشك أنْ يقع، ولكنَّه ليس الحدث الذي توقَّعه السيِّد ميلر؛ إنَّما هو اهتداء العالَم وليس المجيء الثاني للمسيح”. SRAr 363.1

مَرَّ وقت الانتظار، ولكنَّ المسيح لم يظهر لخلاص شعبه. فالذين انتظروا مخلِّصهم بإيمان ومحبَّة خالصَين مرُّوا في اختبار خيبة مريرة. ومع ذلك، فقد تمَّت مقاصد الله: لقد امتحن الله قلوب الذين أقرُّوا واعترفوا بأنَّهم ينتظرون ظهوره. وكان بينهم كثيرون ممَّن لم يكن يدفعهم إلى ذلك غير باعث الخوف، واعترافهم بالإيمان لم يؤثِّر في قلوبهم أو حياتهم. وعندما لم يتحقَّق ذلك الحدث المُنتظر، أعلن هؤلاء القوم بأنَّهم لم يفشلوا ولم تُصبهم خيبة أمل؛ فهم لم يكونوا يعتقدون أبدًا بأنَّ المسيح سيأتي. وكانوا أوَّل الذين سخروا مِن حزن المؤمنين الحقيقيِّين. SRAr 363.2

لكنَّ يسوع وكلَّ أجناد السماء نظروا بِحُبٍّ وعطف إلى أولئك المُجرَّبين الأمناء الذين قد خابت آمالهم. ولو أزيح الستار الذي يحجب العالَم المنظور عن العالَم غير المنظور لرأى الناس الملائكة وهم يقتربون مِن هذه النفوس الصامدة ويصدُّون عنها سهام الشيطان. SRAr 363.3