قِصَّة الفداء
المُعارَضة
أثارت إذاعة وقت مُحدَّد لمجيء المسيح مقاومة عظيمة خرجت مِن الكثيرين مِن كلِّ الطبقات، مِن الخدَّام في منابرهم إلى أشدِّ الخطاة طياشة وتحدِّيًا للسماء. وقد ظلَّ هذا القول «وأمَّا ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد!” يرنُّ في آذان الساخرين الجريئين والخدَّام المعترفين بولائهم للمسيح على حدِّ السواء. لقد صمُّوا آذانهم عن سماع الشرح الواضح والمُتناسق لذلك النَّص والذي قدَّمه أولئك الذين كانوا يُشيرون إلى ختام الفترات النبويَّة وإلى العلامات التي أنبأ بها المسيح ذاته كرموز لمجيئه. SRAr 360.1
إنَّ كثيرين مِمَّن اعترفوا بمحبَّتهم للمُخلِّص أعلنوا أنَّهم لا يقاومون الكِرازة بمجيئه؛ إنَّما هم فقط يعترضون على تحديد الوقت، لكنَّ عين الله التي ترى كلَّ شيء قرأت خواطر قلوبهم. إنَّهم لم يريدوا أنْ يسمعوا عن مجيء المسيح ليدين العالَم بالعدل. فقد كانوا عبيدًا غير أمناء، وأعمالهم لم تكن تحتمل فحص الله، سابِر القلوب، ولهذا كانوا يخشون مِن لقاء إلههم. ومِثل اليهود الذين كانوا في أيَّام المجيء الأول للمسيح، فهم لم يكونوا متأهِّبين للترحيب بيسوع. ولقد فرح الشيطان وملائكته بذلك وألقوا بالسخرية والتعيير في وجه المسيح والملائكة القدِّيسين قائلين أنَّ شعبه المُعترفين باسمه لا يحبُّونه إلَّا قليلًا، فهم غير مشتاقين إلى ظهوره. SRAr 360.2
إنَّ الحُرَّاس غير الأمناء أعاقوا تقدُّم العمل. وإذ استيقظ الناس وابتدأوا يسألون عن طريق الخلاص، تقدَّم هؤلاء القادة ليحولوا بينهم وبين الحقِّ محاولين تخفيف مخاوفهم مِن خلال تفسيرهم الكاذب لكلمة الله. وقد تعاون خُدَّام غير مُكرَّسين مع الشيطان إذ كانوا يصرخون: «سلام، سلام»، مع أنَّ الله لم يقل لهم ذلك. ومِثل الفرِّيسيِّين في أيَّام المسيح، رفض الكثيرون دخول ملكوت السماوات بأنفسهم، ومنعوا الداخلين مِن الدخول. وسيُطلَب دم تلك النفوس مِن أيديهم. SRAr 361.1
وأينما كانت تُذاع رسالة الحقِّ، كان أفقر الناس في الكنائس وأعظمهم ورَعًا هُم أوَّل مَن يقبلونها. والذين درسوا الكتاب المقدَّس لأنفسهم لم يسعهم إلَّا أنْ يروا الصفة غير الكتابيَّة للآراء الشائعة عن النبوءة. وأينما لم يقع الناس في الخداع بسبب محاولات رجال الدِّين تحريف الإيمان، وحيثما أمكنهم أنْ يتفحَّصوا كلمة الله لأنفسهم، لم تكن عقيدة المجيء بحاجة إلى أكثر مِن أنْ تُقارَن بالكتب المُقدَّسة لإثبات سلطانها الإلهيّ. SRAr 361.2
وكثيرون اضطهدهم إخوتهم غير المؤمنين. والبعض منهم رضوا بالسكوت عن التصريح برجائهم في سبيل الاحتفاظ بمراكزهم في الكنيسة، لكنَّ آخرين شعروا بأنَّ ولاءهم لله يمنعهم مِن إخفاء الحقائق التي وضعها وديعة بين أيديهم. وقد قُطِعَ عدد غير قليل منهم مِن شركة الكنيسة لا لسبب آخر سوى التصريح بإيمانهم بمجيء المسيح. إنَّ الذين احتملوا تجربة إيمانهم كانت كلمات النبيِّ ثمينة وعزيزة عليهم جدًّا حين كتب: «قَالَ إِخْوَتُكُمُ الَّذِينَ أَبْغَضُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ مِنْ أَجْلِ اسْمِي: لِيَتَمَجَّدِ الرَّبُّ. فَيَظْهَرُ لِفَرَحِكُمْ، وَأَمَّا هُمْ فَيَخْزَوْنَ» (إشعياء ٦٦: ٥). SRAr 361.3
وقد كان ملائكة الله يُراقبون باهتمام عميق النتائج المترتِّبة عن الإنذار. فعندما رفضت الكنائس الرسالة بصورة عامَّة، ارتدَّ الملائكة مكتئبين حزانى. ولكنْ، كان يوجد في الكنائس كثيرون مِمَّن لم يُختَبروا فيما يختصُّ بحقِّ المجيء. وكثيرون منهم أضلَّهم الأزواج والزوجات والآباء والأبناء فجعلوهم يعتقدون أنَّه حتَّى مُجرَّد الإصغاء إلى الهرطقات التي يذيعها المجيئيُّون خَطِيَّة. وقد كُلِّف الملائكة بحراسة تلك النفوس بكلِّ أمانة؛ لأنَّ نورًا جديدًا آتيًا مِن عرش الله أوشك أنْ يُشرق عليهم. SRAr 362.1