قِصَّة الفداء
قائد المئة
«وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ. وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ» (أعمال الرسل ١٠: ١-٢). رغم أنَّ كرنيليوس كان مِن الرومان، إلَّا أنَّه تعرَّف على الإله الحقيقيّ وتخلَّى عن عبادة الأوثان. كان مُطيعًا لمشيئة الله، وكان يعبده بقلب صادق. وهو لم يربط نفسه باليهود، لكنَّه كان يعرف الناموس الأدبيّ ويطيعه. ولم يكن كرنيليوس مختونًا، ولم يكن يشترك في التقدمات والذبائح؛ ولذلك كان اليهود يعتبرونه نجسًا، لكنَّه مع ذلك كان يدعم قضيَّة اليهود عن طريق تبرُّعاته السخيَّة، وقد اشتهر هذا الرجل في كلِّ مكان بأعماله الحسنة وسخائه. إنَّ حياته البارَّة أكسبته سُمعة وسيرة حسنة بين اليهود والأمم. SRAr 282.1
ومع أنَّ كرنيليوس كان يؤمن بالنبوءات وينتظر مجيء المسيَّا، لكنَّه لم يفهم شيئًا عن الإيمان بالمسيح. ولأنَّه كان يحبُّ الله ويطيعه، فقد قرَّبه الله منه. وكان على استعداد لقبول المُخلِّص عندما سيُستعلن له. إنَّ الدينونة تأتي حين يرفض الإنسان النور المُعطى له. كان قائد المئة مِن عائلة نبيلة، وكان مركزه الاجتماعيّ محطَّ كرامة وثقة رفيعة؛ لكنَّ ظروفه هذه لم يكن لها أنْ تدمِّر الصفات النبيلة في شخصيَّته. إنَّ الصلاح الحقيقيّ والعظمة قد اتَّحدا ليجعلا منه رجلًا ذا قيمة أخلاقيَّة. وقد جلب تأثيره النفع والخير لكلِّ مَن احتكَّ به. SRAr 282.2
كان كرنيليوس يؤمن بالإله الواحد، خالق السماء والأرض. وكان يوقِّره ويعترف بسلطانه ويطلب مشورته في كلِّ شؤون الحياة. كان أمينًا في واجباته المنزليَّة كما في مسؤوليَّاته الوظيفيَّة، كما أقام في بيته مذبحًا لله. ولم يكن يجرؤ على تنفيذ خططه وتحمُّل أعباء مسؤوليَّاته بدون أنْ ينال العون مِن الله؛ ولذلك كان يُصلِّي كثيرًا بحرارة في طلب ذلك العون. وكانت كلُّ أعماله مطبوعة بالإيمان، وقد نظر إليه الله لأجل طهارة أعماله وإحساناته وسخائه واقترب منه عبر الكلمة والروح. SRAr 283.1