قِصَّة الفداء

150/229

اللقاء ببطرس ويعقوب

إنَّ برنابا، الذي ساهم بأمواله لدعم عمل المسيح بسخاء وسدِّ احتياجات الفقراء، كان على معرفة ببولس ومقاومته للمؤمنين. وقد تقدّمَ الآن إلى الواجهة وجدَّد تلك المعرفة، وسَمِعَ شهادة بولس بخصوص اهتدائه المُعجزيّ واختباره منذ ذلك الحين. لقد صدَّقَ كلام بولس وقَبِله تمامًا، وأخذه بيده وأحضره إلى الرسل. وأخبرهم باختبار الذي سمعه للتو ــ وهو أنَّ يسوع قد ظهر بشخصه لبولس وهو في طريقه إلى دمشق؛ وأنَّه تحادث معه؛ وأنَّ بولس قد استردَّ بصره استجابة لصلاة حنانيَّا؛ وأنَّه بعد ذلك ظلَّ يُجاهر بأنَّ يسوع هو ابن الله في مجامع تلك المدينة. SRAr 277.3

لم يعد الرسل مُتردِّدين بعد ذلك؛ ولم يستطيعوا مُقاومة الله. فقام بطرس ويعقوب، وهما كانا الرسولين الوحيدين في أورشليم في ذلك الوقت، بتقديم يمين الشركة لذاك الذي كان يومًا ما مضطِهدًا شرسًا لإيمانهم؛ وقد أصبح الآن محبوبًا ومُحتَرمًا بقدر ما كانوا يخشونه ويتحاشونه في السابق. وهُنا حصل اللقاء بين أعظم شخصيِّتين في الإيمان الجديد ــ بطرس، وهو تلميذ مِن تلاميذ المسيح الذين اختارهم عندما كان على الأرض، وبولس الفرِّيسيُّ الذي منذ صعود يسوع، التقى به وجهًا لوجه وتكلَّم معه ورآه أيضًا في رؤية وعاين طبيعة خدمته في السماء. SRAr 278.1

وكان لهذه المقابلة الأولى نتائج عظيمة على كُلٍّ مِن الرسولين، ولكنَّها كانت قصيرة الأمد، لأنَّ بولس كان متلهِّفًا للبدء بعمل سيِّده. وذلك الصوت نفسه الذي كان يتنازع مع اسْتِفَانُوس في المجمع نفسه بكلِّ غيرة، سُرعان ما سُمِع معلنًا بدون خوف أنَّ يسوع ابن الله، وبهذا كان يناصر القضيَّة نفسها التي مات اسْتِفَانُوس دفاعًا عنها. لقد أخبرهم باختباره العجيب، وبقلب متحرِّق على إخوته ورفاقه القُدامى قدَّم لهم ــ كما فعل اسْتِفَانُوس مِن قبل ــ البراهين مِن النبوءات على أنَّ يسوع الذي صُلِب هو ابن الله. SRAr 278.2

لكنَّ بولس أساء تقدير روح إخوته اليهود، فالاهتياج نفسه الذي انفجر بوجه اسْتِفَانُوس وقع عليه هو أيضًا. لقد رأى ضرورة انفصاله عن إخوته، فامتلأ قلبه حُزنًا. كان على استعداد لأن يُسلِّم حياته للموت لو أمكنه بهذه الوسيلة أنْ يجعلهم يُقبِلون إلى معرفة الحقّ. ابتدأ اليهود بوضع الخطط لقتله، وألحَّ عليه التلاميذ طالبين منه أنْ يترك أورشليم؛ لكنَّه توانى إذ لم يكن راغِبًا في الرحيل، وكان متشوِّقًا لخدمة إخوته اليهود لفترة أطول. كان قد تولَّى دورًا ناشطًا للغاية في استشهاد اسْتِفَانُوس، حتَّى أنَّه تلهَّف بعمق إلى محو تلك اللطخة مِن خلال جرأته في تبرئة الحقِّ الذي لأجله أسلم استيفانوس حياته. وكان يعتبر الهروب مِن أورشليم أشبه بالجبن. SRAr 278.3