قِصَّة الفداء

149/229

٣٨ - بِدايات خدمة بولس

يعتمد هذا الفصل على ما جاء في سِفر أعمال الرسل ٩: ٢٣-٣١؛٢٢: ١٧-٢١.

في تلك الفترة رجع بولس إلى دمشق وكان يكرز مُجاهرة باسم يسوع. لم يستطع اليهود أنْ يصمدوا أمام حُججه الحكيمة، ولذلك تشاوروا معًا ليبكموا صوته بالقوَّة ــ وهي الحجَّة الوحيدة المُتبقيَّة لدعم قضيَّة خاسرة، فقرَّروا اغتياله. وقد علم بولس بمقصدهم. كانت أبواب المدينة تحت حراسة يقظة في الليل والنهار بهدف أنْ يقطعوا عليه طريق الهرب. إنَّ قلق التلاميذ قرَّبهم إلى الله مِن خلال الصلاة؛ إذ لم يكونوا ينامون إلَّا قليلًا، وذلك لانشغالهم بابتكار طُرق ووسائل لتأمين هروب الرسول المُختار. أخيرًا توصَّلوا إلى خطَّة تقضي بإنزاله مِن نافذة فوق السور مُدلِّين إيَّاه في سلّة أثناء الليل. وبهذه الطريقة المُذِلّة تمكَّن بولس مِن الهرب مِن دمشق. SRAr 276.1

والآن توجَّه إلى أورشليم راغبًا في التعرُّف على الرسل هُناك، خاصَّة بطرس. كان في غاية الشوق لأنْ يلتقي بالصيَّاد الجليليّ الذي عاش وصلَّى وتحادث مع المسيح على الأرض. لقد كانت رغبة قلبه المشتاق أنْ يُقابل رئيس الرسل. وإذ دخل بولس إلى أورشليم، تغيَّرت نظرته إلى المدينة والهيكل. لقد عرف الآن أنَّ دينونة الله وانتقامه كانا يحومان فوقها. SRAr 276.2

إنَّ مرارة اليهود وغضبهم بسبب اهتداء بولس لم يعرفا حدودًا، لكنَّه كان ثابتًا كالصخر، وكان يهنِّئ نفسه معتقدًا بأنَّه حينما يوضِّح لأصدقائه اختباره العجيب، فإنَّهم سيُغيِّرون عقيدتهم كما فعل هو ويؤمنون بيسوع. لقد كان مِن قَبل مُقتنعًا قناعة تامَّة بمقاومته للمسيح ولأتباعه، وعندما أوقِفَ وبُكِّت على خطيئته، تخلَّى فورًا عن طرقه الشرِّيرة وأعلن إيمانه بيسوع. والآن فقد اقتنع تمامًا بأنَّ أصدقاءه وزملاءه القدامى حالما سيسمعون بظروف اهتدائه العجيب ويرون ما طرأ عليه مِن تحوُّل مِن الفرِّيسي المُتعجرف الذي اضطهد المؤمنين بيسوع باعتباره ابن الله وسلَّمهم إلى الموت، فإنَّهم سيبكَّتون هم أيضًا على خطئهم وينضمُّون إلى صفوف المؤمنين. SRAr 277.1

لقد حاول أنْ يلتصق بإخوته مِن التلاميذ؛ لكنَّ خيبته وحزنه كانا شديدين عندما وجد بأنَّهم لن يقبلوه كواحد منهم. لقد تذكَّروا اضطهاداته السابقة، وشكّوا في أنَّه يمثِّل دورًا ليخدعهم ويُهلكهم. نعم، لقد سمعوا باهتدائه العجيب، ولكنْ بما أنَّه انعزل بعد ذلك مباشرة في العربيَّة ولم يسمعوا المزيد عنه فيما بعد، لم يُصدِّقوا إشاعة تجديده العظيم. SRAr 277.2