قِصَّة الفداء

140/229

٣٥ - نظام الإنجيل

يعتمد هذا الفصل على ما جاء في سِفر أعمال الرسل ٦: ١-٧.

«وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ، حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ الْيُونَانِيِّينَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَوْمِيَّةِ» (أعمال الرسل ٦: ١). كان هؤلاء اليونانيُّون مواطنين قد قدموا مِن بلاد أخرى كان أهلها يتكلَّمون اليونانيَّة. وقد شكَّل اليهود المتكلِّمون باللغة العبريَّة الأغلبيَّة الساحقة مِن المنضمِّين الجدد؛ لكنَّ هؤلاء اليونانيِّين كانوا قد عاشوا مِن قبل في الإمبراطوريَّة الرومانيَّة، ولم يكونوا يتكلَّمون سوى اليونانيَّة. وبدأت تبرز بينهم تذمُّرات بأنَّ أرامل اليونانيَّين لم تكن أعوازهنَّ تُسَدّ بمثل ذلك السخاء الذي شمل المحتاجات مِن العبرانيِّين. إنَّ أيَّ تحيُّز أو عدم مُساواة مِن هذا النوع سيكون مُحزِنًا لله؛ وقد تمَّ اتِّخاذ إجراءات سريعة لإعادة السلام والوئام بين المؤمنين. SRAr 259.1

أرشد الروح القدس الرُّسلَ إلى نظام يُعفيهم مِن مسؤولية التوزيع على الفقراء وما شابهها مِن أعباء، بحيث يتمكَّنون مِن التفرُّغ لعمل الكرازة بالمسيح. «فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا: ‹لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ. فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَال مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ، فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هذِهِ الْحَاجَةِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ›” (أعمال الرسل ٦: ٢-٤). SRAr 259.2

وعلى هذا الأساس قامت الكنيسة بانتخاب سبعة رجال مملوئين إيمانًا وحكمة مِن روح الله لكي يقوموا بعمل الخدمة المُتعلِّقة بهذه المسألة. تمَّ اختيار اسْتِفَانُوس في البداية؛ كان يهوديًّا بالمولد والديانة، لكنَّه كان يتكلَّم اليونانيَّة، وكان مُلِمًّا بعادات اليونانيِّين وأساليبهم. لذلك اعتُبِر الشخصَ الأكثر ملائمة لتصدُّر الواجهة والإشراف على صرف الأموال المخصَّصة للأرامل والأيتام والفقراء المحتاجين. وقد لقي هذا الاختيار استحسان الجميع، وأخمد الاستياء والتذمُّر. SRAr 260.1

لقد تمَّ اختيار الرجال السبعة عن طريق الصلاة ووضع الأيدي، وأفرِزوا لأداء واجباتهم بكلِّ وقار. هؤلاء الرجال الذين رُسموا وعُيِّنوا لم يُستثنوا مِن تعليم الناس مبادئ الإيمان، بل على العكس، فقد دُوِّن ما يلي: «وَأَمَّا اسْتِفَانُوس فَإِذْ كَانَ مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً، كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ» (أعمال الرسل ٦: ٨). لقد كانوا مؤهَّلين أهليَّة كاملة لتعليم الحقِّ. وكانوا أيضًا رجالًا متعقِّلين وأصحاب رأي صائب وحُكمٍ هادئ، وهذا جعلهم مؤهَّلين للتعامل مع القضايا الصعبة والتذمُّر أو الغيرة. SRAr 260.2

إنَّ الله جعل بَركة عظيمة في تعيين أولئك الرجال مِن أجل القيام بأعمال الكنيسة حتَّى يتفرَّغ الرسل لعملهم الخاصّ في تعليم الحقِّ. لقد ازدادت الكنيسة عددًا وقوّة. «وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ» (أعمال الرسل ٦: ٧). SRAr 260.3

مِن الضروريّ أنْ نحافظ اليوم على نفس النظام والترتيب في إدارة شؤون الكنيسة كما كانت عليه الحال في أيَّام الرسل. إنَّ تقدُّم العمل يعتمد بشكل كبير على الأقسام المُختلفة التي يديرها رجال ذوو كفاءة ومؤهَّلون لملء مراكزهم. أولئك الذين اختارهم الله ليكونوا قادة في عمله يُفترض بهم ــ باعتبار النظرة الشاملة للمصالح الروحيَّة للكنيسة ــ أنْ يتفرَّغوا بقدر الإمكان مِن الهموم وتعقيدات الأمور الزمنية الزائلة. والذين دعاهم الله ليخدموا بالكلمة والتعليم ينبغي أنْ يكون لديهم الوقت للتأمُّل والصلاة ودراسة الأسفار المقدَّسة. إنَّ بصيرتهم الروحيَّة الواضحة تُصبح مُعتمة كُلَّما دخلوا في تفاصيل العمل والتعامل مع الأمزجة المختلفة لأولئك المرتبطين معًا في نظام الكنيسة وإمكاناتها. مِن المناسب طرح كلِّ الأمور ذات الطبيعة الزمنيَّة الزائلة أمام الموظَّفين المناسبين ليقوموا هم بالبتِّ بشأنها. ولكنْ، في حال كانت هذه الأمور في غاية الصعوبة بحيث أنَّها تُربِك حكمتهم، عندئذ يجب عرضها على مجلس القائمين على شؤون الكنيسة بأكملها. SRAr 260.4