قِصَّة الفداء

131/229

في قوَّة يوم الخمسين

كان اليهود تقريبًا قد تفرَّقوا وتبدَّدوا في كلِّ أنحاء المسكونة، وتعلَّموا التكلُّم بلغات متعدِّدة. لقد قطعوا مسافات طويلة حتَّى وصلوا إلى أورشليم، ومكثوا هناك مؤقَّتًا للبقاء خلال الأعياد الدينيَّة التي كان يُحتفل بها وقتها ولحفظ مطاليبها. وكان المجتمعون يمثلون كلَّ اللغات المعروفة وقتذاك. إنَّ هذا الاختلاف في اللغات كان عائقًا عظيمًا لعمل خُدَّام الله في نشر تعليم المسيح إلى أقصى بقاع الأرض. وكان الناس يعتبرون قيام الله بعمل معجزيّ لِسدِّ عجز الرسل أقصى تأكيد مثاليّ على شهادة الرسل لصالح المسيح. لقد عمل الروح القدس لأجلهم ما كانوا هم عاجزين عن القيام به بمفردهم طوال حياتهم؛ لقد تمكَّنوا الآن مِن نشر حقّ الإنجيل إلى العالَم، وهم يتكلَّمون بدقَّة لغة أولئك الذين كانوا يخدمونهم. إنَّ هذه العطيَّة المعجزيَّة كانت أقصى برهان أمكنهم أنْ يُقدِّمونه للعالَم على أنَّ التفويض المُعطى لهم كان يحمل ختم السماء. SRAr 242.3

«وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. فَلَمَّا صَارَ هذَا الصَّوْتُ، اجْتَمَعَ الْجُمْهُورُ وَتَحَيَّرُوا، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ. فَبُهِتَ الْجَمِيعُ وَتَعَجَّبُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ‹أَتُرَى لَيْسَ جَمِيعُ هؤُلاَءِ الْمُتَكَلِّمِينَ جَلِيلِيِّينَ؟ فَكَيْفَ نَسْمَعُ نَحْنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا؟ ›” (أعمال الرسل ٢: ٥-٨). SRAr 243.1

ثار غضب الكهنة والرؤساء كثيرًا بسبب هذا الإعلان العجيب الذي انتشر خبره في جميع أنحاء أورشليم والمنطقة المحيطة، ولكنَّهم لم يجسروا على التعبير عن حقدهم وخبثهم خشية أنْ يُعرِّضوا أنفسهم لكُره الشعب. لقد سلَّموا السيِّد للموت، ولكنْ ها هم خدَّامه مِن أهل الجليل غير المُتعلِّمين يخبرون الناس بإتمام النبوءات ويُعلِّمون تعليم يسوع بكلِّ اللغات التي تكلَّم بها الناس حينذاك. لقد تكلَّموا بقوَّة عن أعمال المُخلِّص العجيبة، وكشفوا لسامعيهم عن خطَّة الخلاص التي تمثَّلت برحمة ابن الله والتضحية التي قدَّمها. إنَّ كلماتهم كانت السبب في تبكيت آلاف السامعين وتجديدهم. إنَّ التقاليد والخرافات التي طبعها الكهنة في الأذهان قد اكتُسِحَت بعيدًا من العقول التي قبلت تعاليم كلمة الله النقيَّة. SRAr 243.2