الرَجَاء العَظيم
١٠ - الإنقاذ العظيم
عندما تُسحب حماية القوانين البشرية من الذين يكرِّمون شريعة الله فستوجد في بلدان مختلفة حركة ترمي الى اهلاكهم. واذ يقترب الوقت المعين في ذلك المرسوم القضائي فالناس سيتآمرون على استئصال تلك الطائفة المكروهة والقضاء عليها. وسيتقرر ضربُهم ضربة حاسمة في ليلة واحدة تُسكت نهائيا صوت الانشقاق والتوبيخ. GrH 92.1
اما شعب الله الذين يكون بعض منهم في السجون والبعض الآخر مختبئين في مخابئ سرية منعزلة في الغابات وبطون الجبال فسيواصلون التوسل في طلب الحماية الآلهية. بينما توجد فرق من الرجال المسلحين مسوقين بقوة اجناد الملائكة الاشرار، مستعدون المقتل. فالآن في ساعة الحاجة القصوى سيتدخل الله: “تكون لكم اغنية كليلة تقديس عيد وفرح قلب كالسائر ... ليأتي الى جبل الرب الى صخر اسرائيل. ويُسمع الرب جلال صوته ويُرى نزول ذراعه بهيجان غضب ولهيب نار آكلة نوء وسيل وحجارة وبرد” (إشعياء 30: 29و30). GrH 92.2
توشك جموع من الناس الاشرار ان ينقضوا على فريستهم، واذا بظلمة داجية اشد من ظلمة الليل تسقط على الارض. وحينئذ يمتد فوق السموات قوس قزح يسطع بمجد من عرش الله ويبدو كأنه يحيط بكل جماعة مصلية. وحينئذ تتوقف تلك الجموع الغاضبة. ويُنسى أولئك الذين كانوا سبب هياجهم الإجرامي. ويشخصون الى رمز عهد الله ويتوقون الى الاحتماء بعيدا من نور هـ ولمعانه الباهر. GrH 92.3
ثم يُسمع شعب الله صوتا قائلا لهم: “انظروا فوق”. ومثل استفانوس وشهداء الكنيسة الأولى يثبَّتون انظارهم الى السماء فيرون مجد الله وابن الانسان جالسا على عرشه. (انظر أعمال 7: 55-56). ويميزون سمات اتضاعه، ومن بين شفتيه يسمعون الطلب: “أريد ان هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا” (يوحنا 17: 24). يُسمع صوت يقول: “ها هم آتون! ها هم آتون ! قديسون وأمناء وبلا عيب. لقد حفظوا كلمة صبري”. GrH 93.1
الخلاص آتٍ ! - يكون الليل قد انتصف حينما يظهر الله قدرته لخلاص شعبه. والشمس تظهر مشرقة في قوتها. وستتبع ذلك آيات ومعجزات. وسينظر الاشرار الى ذلك المشهد برعب وذهول، في حين ينظر الابرار بفرح مقدس الى دلائل نجاتهم. وفي وسط السموات الغاضبة توجد رقعة واحدة صافية يظهر منها مجد يفوق الوصف، ومنها يأتي صوت الله كصوت مياه كثيرة قائلا: “قد تم” (رؤيا 16: 17). GrH 93.2
ذلك الصوت يهز السموات والارض. وتحدث زلزلة عظيمة “لم يحدث مثلها منذ صار الناس على الارض زلزلة بمقدارها عظيمة هكذا” (رؤيا 16: 18). والصخور الوعرة تتبعثر في كل مكان. والبحر يثور ويهتاج. وتُسمع صرخة إعصار كصوت شياطين. والأرض ينشق سطحها وتبدو أساساتها نفسها كأنها تنهار. وموانئ البحر الشبيهة بسدوم في شرها تبتلعها المياه الغاضبة. لقد ذُكرت بابل العظيمة أمام الله “ليعطيها كأس خمر سخط غضبه” (رؤيا 16: 19). وحجارة برد عظيمة كل واحدة تقوم بعملية التخريب. وأعظم المدن المتنافرة تنهدم. وقصور الأمراء التي أغدق عظماء الأرض ثرواتهم عليها لكي يمجدوا أنفسهم تتحطم وتصير أنقاضاً أمام عيونهم. وأبواب السجون تنفتح بعنف فيُطلق سراح شعب الله. GrH 93.3
والقبور تنفتح: “وكثيرون من الراقدين في تراب الارض يستيقظون هؤلاء الى الحياة الابدية وهؤلاء الى العار للازدراء الابدي” ، وكذلك “الذين طعنوه” والذين سخروا بالمسيح وهزأوا بعذاباته وأقسى المقاومين لحقه وشعبه يقامون ليرون في مجده ويروا الكرامة التي يضعها على المخلَّين والطائعين. (دانيال 12: 2؛ رؤيا 1: 7). GrH 94.1
وتلمع في السماء بروق مخيفة تلف الارض في رداء من النار. وستُسمع أصوات غامضة ومخيفة أعلى من صوت هزيم الرعد معلنة دينونة الاشرار. فالذين كانوا متهورين وفخورين ومتحدِّين ومبتهجين بسبب قسوتهم على من قد حفظوا وصية الله يغمرهم الآن الرعب ويرتجفون من هول الخوف. وترتعب الشياطين في حين أن الناس يتوسلون في طلب الرحمة. GrH 94.2
يوم الرب - قال النبي إشعياء: “في ذلك اليوم يطرح الانسان أوثانه الفضية وأوثانه الذهبية التي عملوها له للسجود للجرذان والخفافيش ليدخل في نقر الصخور وفي شقوق المعاقل من اما هيبة الرب ومن بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الارض” (إشعياء 2: 20و21). GrH 94.3
والذين قد ضحوا بكل شيء في سبيل المسيح هم الآن في أمان فأثبتوا امام العالم وامام محتقري الحق ولاءهم لذاك الذي قد مات لأجلهم. ووجوههم التي كانت منذ عهد قريب شاحبة وجزعة ومنهوكة صارت الان متأججة بالدهشة ثم ترتفع اصواتهم وهم ويرددون انشودة الانتصار قائلين: “الله لنا ملجأ وقوة عونا في الضيقات وجد شديدا. لذلك لا نخشى ولو تزحزت الارض ولو انقلبت الجبال الى قلب البحار. تعج وتجيش مياهها. تتزعزع الجبال بطموها” (مزمور 46: 1-3). GrH 94.4
وعندما ترتفع الى الله كلمات الثقة فإن بهاء المدينة يشع من الأبواب المفتوحة. حينئذ تُرى في السماء يد ممسكة بلوحين من حجر. فتلك الشريعة المقدسة، التي قد أُعلنت من السماء تُعلن الآن للناس كقانون الدينونة. والكلام واضح بحث يستطيع كل واحد ان يقرأه. فتستيقظ الذاكرة وتُكتسح ظلمة الخرافات والهرطقات من كل العقول. GrH 95.1
ويستحيل علينا ان نصف الرعب واليأس اللذين سيستوليان على الذين قد داسوا على مطالب الله المقدسة. ولكنهم في سبيل الظفر برضى العالم القوا بتلك الوصايا جانبا وعلموا الآخرين التعدي عليها. أما الان فالشريعة التي قد ازدروا بها تدينهم. و يرون انهم بلا عذر. لدى أعداء شريعة الله رأي جديد عن الحق والواجب. وسيرون في وقت متأخر جدا الصفة الحقيقية لسبتهم الزائف والاساس الرملي الذي كانوا يبنون عليه. وانهم انما كانوا يحاربون الله. لقد ساقهم معلمو الدين الى الهلاك مع انهم كانوا يقرون بانهم يرشدونهم الى ابواب الفردوس. كم هي عظيمة تلك المسؤولية التي تقع على عاتق مَن يحتلون وظيفة مقدسة وكم هو عظيم هول النتائج المترتبة على عدم امانتهم!. GrH 95.2
ظهور ملك الملوك - يُسمع صوت الله من السماء معلنا اليوم والساعة التي يأتي فيها يسوع. وشعب الله سيقفون مصغين ووجوههم مستنيرة بمجده. وسرعان ما تظهر في الشرق سحابة صغيرة سوداء. وهي السحابة التي تحيط بالمخلص. فينظرون اليها في صمت مقدس وهي تقترب من الارض وتزيد نورا ومجدا حتى تصير سحابة عظيمة بيضاء ويكون اسفلها مجيدا كنار آكلة ومن فوقها قوس قزح الوعد. وفوقها يسوع كفاتح عظيم، فليس هو الآن “رجل أوجاع”، لكنه يأتي كمنتصر عظيم. فيحف به جمع كبير من الملائكة القديسين “بوات ربوات والوف ألوف”. فكل عين ترى رئيس الحياة. اكليل مجد على جبينه القدسي. ووجهه يسطع بنور اشد لمعانا من نور الشمس وهي تضيء في قوتها. “وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الارباب” (رؤيا 19: 16). GrH 95.3
ينزل ملك الملوك على السحاب و حوله لهيب نار. وترتعد الارض قدامه، “يأتي الهنا ولا يصمت. نار قدامه تأكل ومن حوله عاصف جدا. يدعو السموات ومن فوق والارض الى مداينة شعبه” (مزمور 50: 3و4). GrH 96.1
“وَمُلُوكُ الأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالأَغْنِيَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَالأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرّ، أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ، وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْخَرُوفِ، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟.” (رؤيا 6: 15-17). لقد انقطع المزاح الساخر. وشفاه الكذب قد صمتت. ولا يُسمع الآن صوت آخر غير صوت الصلاة وصوت البكاء والنوح. وسيطلب الأشرار ان يدفنوا تحت صخور الجبال مفضِّلين ذلك على مقابلة وجه ذاك الذي قد ازدروا به ورفضوه. انهم يعرفون ذلك الصوت الذي يخترق آذان الموتى. فكم مرة دعاهم ذاك الصوت الى التوبة بنغماته الرقيقة. وكم مرة سُمع في توسلات مؤثرة من فم الصديق والأخ والفادي. ذاك الصوت يوقظ فيهم ذكريات يودون من كل قلوبهم ان يلاشوها، فهي انذارات رُذلت ودعوات رُفضت. GrH 96.2
هناك الذين قد سخروا بالمسيح في حالة اتضاعه. فأعلن قائلاً: “من الآن تبصرون ابن الانسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء” (متى 26: 64). والآن ها هم يرونه في مجده وسيرونه بعد ذلك جالساً عن يمين القوة. فها هيرودس المتعجرف الذي استهزأ بقب المخلص الملوكي. وها الرجال انفسهم الذين بأيدي الاثم ألبسوه الرداء الارجواني ووضعوا اكليلا من شوك على جبينه المقدس، وفي يده المستسلمة وضعوا قصبة زائفة، وكانوا يجثون قدامه في استهزاء تجديفي. الذين بصقوا على رئيس الحياة. ويحاولون الهرب من مجد حضوره. والذين ثقبوا يديه ورجليه بالمسامير يشاهدون هذه السمات برعب وحزن. GrH 97.1
وها الكهنة والشيوخ يذكرون احداث جلجثة بدقائقها المخيفة وبرعب وارتجاف يذكرون كيف انهم وهم يهزون رؤوسهم بتشامخ شيطاني صرخوا قائلين: “خلص آخرين وأما نفسه فما قدر ان يخلصها” (متى 27: 42). أما الآن فإن صرخة تصدر من أفواههم أعلى من تلك التي نطقوا بها حين قالوا: “أصلبه” والتي رددت صداها شوارع أورشليم، فترتفع صرخات العويل المخيفة قائلة: “إنه ابن الله!” ويحاولون الهرب من حضرة ملك الملوك. GrH 97.2
في حياة كل من يرفضون الحق لحظات يستيقظ فيها الضمير، فتنزعج من الندامة غير المجدية. ولكن ما هذه كلها اذا قيست بحسرة ذلك اليوم! وفي غمرة رعبهم يسمعون اصوات القديسين وهم يترنمون ويهتفون هتاف الفرح قائلين: “هوذا هذا الهنا. انتظرناه فخلصنا” (إشعياء 25: 9). GrH 97.3
قيامة شعب الله - يدعو ابن الله بصوته القديسين الراقدين ليخرجوا من قبورهم. في طول الأرض وعرضها سيسمع الأموات ذلك الصوت، والسامعون يحيون. الجيش العظيم جدا من كل أمة وقبيلة ولسان وشعب. وسيخرجون من بيت سجن الموت متسربلين بمجد لا يرذل صارخين وقائلين: “أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟” (1كورنثوس 15: 55). GrH 98.1
وسيخرج الجميع من قبورهم وستكون لأجسامهم القامة نفسها كما كانت عند دخولهم القبر. لكن الجميع يقومون في حداثة شبابهم ونشاطهم الابديين. إن المسيح قد جاء ليعيد الينا ما قد خسرناه. وهو سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده. فالجسم الفاني الفاسد المجرد من الجمال والذي قد أفسدته الخطيئة مرة يصير كاملاً وجميلاً وخالداً. وكل العيوب والتشوهات ستترك في القبر. أما المفديون فإنهم “ينشأون” (ملاخي 4: 2) إلى ملء قامة جنسنا في حالته الأصلية. وآخر ما تبقى من أثار لعنة الخطية سيُرفع. وسيعكس أتباع المسيح الأمناء صورة سيدهم الحقيقية في الذهن والنفس والجسد. GrH 98.2
والأحياء الأبرار يتغيرون “في لحظة في طرفة عين” لدى سماعهم صوت الله أما الآن فقد صاروا خالدين. ومع القديسين المقامين يخطفون لملاقاة الرب في الهواء. إن الملائكة “يجمعون مختاريه من الرياح الأربع من أقصى السموات إلى أقصائها” (متى 24: 31). والأولاد الصغار سيحملون إلى أذرع أمهاتهم. والاصدقاء الذين قد فرَّق الموت بينهم طويلا يجتمعون معا ولن يفترقوا فيما بعد، وبأناشيد الفرح يرتفعون معا الى مدينة الله. GrH 98.3
إلى داخل المدينة المقدسة - وبين جموع المفتدين التي لا تحصى تتجه كل الانظار الى السيد المسيح. وكل عين سترى مجده هو الذي “كان منظره كذا مفسداً أكثر من الرجل وصورته أكثر من بني آدم” (إشعياء 52: 14). وعلى رؤوس المنتصريين سيضع يسوع أكاليل المجد. ولكل واحد اكليله مكتوب عليه “اسمه الجديد” (رؤيا 2: 17). وهذه الكتابة “قدس الرب”. وستعطى لكل المفتدين سعف النخل فيمسكونها بأيديهم كما يمسكون بالقيثارات اللامعة. وحينئذ اذ يعزف الملائكة القواد النغمة المطلوبة فكل يد تلامس أوتار القيثارة لمسات ماهرة مدربة. فتستيقظ النغمات العذبة ويهتز كل قلب طربا بفرح لا يُنطق به ويرتفع كل صوت مسبحا تسبيحة الشكر قائلا: “الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكا وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان الى أبد الآبدين آمين” (رؤيا 1: 5و6). GrH 98.4
وأمام جموع المفتدين تُرى المدينة المقدسة. فيفتح يسوع الابواب فتدخل كل الامم التي قد حفظت الحق. وحينئذ يُسمع صوته قائلا: “تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم” (متى 25: 34). والمسيح يقدم إلى الآب مقتني دمه معلناً وقائلاً: “ها انا والاولاد الذين أعطيتنيهم”، “الذين أعطيتني حفظهم” (عبرانيين 2: 13؛ يوحنا 17: 12). وما أعظم الفرح، فرح تلك الساعة التي فيها عندما ينظر الآب السرمدي إلى المفتدين يرى صورته، وعندما ينتهي تشويش الخطيئة ونزاعها يعود الانسان مرة أخرى الى الاتفاق والانسجام مع الله! GrH 99.1
ففرح المخلص ينحصر في كونه يرى ملكوت المجد النفوس التي قد خلصت بقوة آلامه واتضاعه. وسيشاركه المفتدون في فرحه اذ يرون بين أولئك المغبوطين أولئك الذين قد رُبحوا للمسيح عن طريق صلواتهم وجهودهم وتضحيات محبتهم. تمتلئ قلوبهم بفرح لا يُنطق به عندما يرون الذين قد ربحوهم للمسيح ويرون ان واحدا قد ربح آخرين وهؤلاء ربحوا آخرين. GrH 99.2
آدم الأول وآدم الثاني يلتقيان - واذ يُرحَّب بالمفديين في مدينة الله تُسمع في الجو صرخة تمجيد فرِحة. ان آدم الاول وآدم الثاني مزمعان ان يتلاقيا. فابن الله واقف باسطا ذراعيه لاستقبال أبي البشر، المخلوق الذي قد جبله فاخطأ الى صانعه وبسبب خطيئته يحمل المخلص في جسمه آثار الصليب. فاذ يرى آدم آثار المسامير القاسية لا يرتمي في حضن سيده ولكنه في اتضاع وتذلل وانكسار يرتمي عند قدمي المسيح. لكن المخلص يقيمه بكل رقة ويأمره بأن ينظر مرة اخرى الى بيته في جنة عدن الذي كان قد نُفي منه كل تلك الحقبة الطويلة من الزمن. GrH 100.1
كانت حياة آدم مليئة بالآلام والمتاعب. فكل ورقة يابسة وكل ذبيحة وكل ضربة وقعت على وجه الطبيعة الجميل وكل لطخة أصابت طهارة الانسان كانت مذكرا له بخطيئته. وقد كانت مرارة حزنه شديدة ورهيبة وهو يرى الاثم يستشري و يتفاقم وجواباً على انذراته جعل الناس يعيروونه بأنه هو سبب الخطيئة. فتاب عن خطيئته بكل أمانة ثم مات على رجاء القيامة. والآن فمن خلال الكفارة أعيد الى آدم سلطانه الاول. GrH 100.2
واذ كان محمولا على اجنحة الفرح رأى الاشجار التي كان قبلا يسر بها، الاشجار نفسها التي كان يجمع اثمارها بنفسه في أيام برارته. انه يرى الاشجار الكرم التي غرسها والازهار نفسها التي كان يسر بالعناية بها. ويستوعب عقله المنظر على حقيقته ويدرك ان هذه حقا هي عدن وقد أعيدت اليه. GrH 100.3
وها المخلص يأخذه الى حيث توجد شجرة الحياة ويقطف من ثمارها المجيدة ويأمره بالأكل منها. فينظر آدم حواليه فيرى كثيرين من عائلته وقد افتدوا. ثم يطرح اكليله عند قدمي يسوع ويقع على صدر الفادي ويعانقه ثم يلمس أوتار قيثارته الذهبية فتدوي ارجاء السماء بأصوات اغنية الانتصار القائلة “مستحق هو الخروف قد ذبح (رويا 5: 13). فيشرك أفراد أسرة آدم في الأغنية ويطرحون أكل ليلهم عند قدمي الخلص وهم ينحنون أمامه ساجدين متعبدين ممجدين. إن اللذئكة النين بكوا عندما سقط آدم وفرحوا عندما فتح السيح باب القبر لكل من يؤمنون باسمه. والآن ها هم يرون عمل الغداء وقد أكمل فيشبركون في انشودة الحمد بأصواتهم العنبة. GrH 100.4
وعاى البحر البلوري, ذلك البحر من زجاج كأنه مختلط بنار, يجتمع جمهور “الغابر على الوحش وصورته وعلى سمته وعدد اسمه”. واطئة والاربعة والاربعون ألفا النين قد افتدوا من بر الناس برنمون “ترنيمة جديدة وهي ترنيمة موسى والخروف (رؤيا 15:3 و 3). وليس غير اطئة والأربعة والأربعر ألفأ يستطيع أن يتعلم تلك البرنيمة لأنها ترنيمة اختبارهم وهو اختبار لم يكن لجماعة أخرى سولاهم. “وهؤلاء هم النين يتبعون الخروف حيثما ذهب”. GrH 101.1
هؤلاء إذ قد نقلوا من الأرفن من بر الأحياء فإنهم يحسبون “باكورة لله وللخروف” (رؤيا 14:4 و 0). لقد مروا في وقت ضيق لم يكن مثله منن كانت امة. واحتملوا آلام وقت ضيق يعقوب . وثبتوا من دون شفيع في اثناء انصباب ضربات الله الاخيرة. لقد “غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف”. وفي أفواههم لم يوجد غش لأنهم بلا عيب قدام الله”. “لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا فيء من الحر لأن الخروف الذي في وسط العرثن يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية ويمسح الله كل دمعة من عيونهم” (رؤيا 7: 14 ؛ 14 : 5؛ 7: 16 و 17). GrH 101.2
المفديون يحظون بالمجد — في كل العصور سار مختارو المخلص في طرق ضيقة وتنقوا في أتون الألم. فلأجل يسوع احتتموا القاومات والكراهية والوشايات. وقد اتبعوه في إنكار الن ات والخيبة المريرة. وتعلموا شر الخطيئة وسلطانها وجرمها وشقاءها. وهم ينظرون اليها بنفور واشمئزاز. ان احساسهم بالتضحية العظيمة القدمة كعلاج للخطيئة يجعلهم يتضعون في أعين أنفسهم وتمتلئ قلوبهم بالشكر والتسبيح. انهم يحبون كثيرا لأنه قد غفر لهم كثير. واذ صاروا ثزكاء المسيح في آلامه فقد صاروا أهذا هلشكارته في مجده. GrH 101.3
أق ورثة الله من الساكن الحقيرة والخابئ والسجون ومن آلات الاعدام ومن الجبال والبراري ومن شقوق الارض والكهوف. كانوا “معتازين مكروبي مذلي” وقد نزل ملائي منهم إلى الهاوية مجللي بالعار لأنهم بكل ثبات رفضوا الخضوع للشيطان. أما الآن فإنهم لم يعودوا واهني أو معنيي أو مشتتي أو مضطهدين. ومن آلان يقفون أمام العرثن متسربلي بحلل أغلىمن كل ما لبسه أكرم أهل الأرنن. وعاى رؤوسم أكاليل أمجد من كل ما كلل به اللوك الأرضيون”. وملك الجد قد مسح الدموع عن كل الوجوه, يرنمون برنيمة الحمد وهي صافية عنبة منسجمة متناسقة, وكل صوت يلتقط اللحن الى ان ترتفع التسبيحة وتعلو في جو السماء اذ يقولون: “الخلأص لإلهنا الجالس عاى العرثن وللخووف فيجيب الكل قائلي: آمي. البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة والقدرة والقوة لإلهنا الى ابد الآبدين” رؤيا:7: 10 و12). GrH 102.1
اننا في هذه الحياة نستطيع فقط ان نبدأ في ادراك موضوع الغداء العجيب. ويمكننا يفهمن القاهبر ان نتأمل بكل جد في العار والجد والحياة والموت والعدل والرحمة التي تلتقي في الصليب, ولكن هع كل اجهادنا لقوى عقولنا لا نستطيع ادراك معناه ادراكا كاملأ. فطول اطحبة الغادية وعرضها وعمقها وعلوها لا يمكننا ادراكها الا ادراكا غامضا. وتدبير الغداء لن يفهم فهما كاملن حش عندما يرى الغتدون كها يرون ويعروفون كها يعرفون, ولكن مدى دهور الابد سينكشف امام الذهن المندهش المبتهج نور جديد على الدوام.ومع أن أحزان الارض وآلامها وتجاربها قد انتهت وأزيلت أسبابها فان شعب الله سيكون عندهم ادراك واضح واعٍ للكلفة التي دُفعت ثمنا لخلاصهم. GrH 102.2
سيكون صليب المسيح اغنية الحمد للمفتدين مدى الابدية. ففي شخص المسيح الممجد سيرون أيضاً المسيح المصلوب. ولن يُنسى ابدا ان ذاك الذي بقدرته خلق العوالم اتضع وأخلى نفسه ليرفع الانسان الخاطئ الساقط. وحمل جرم الخطيئة وعارها، واحتجاب وجه أبيه عنه الى ان كسرت قلبه ويلات العالم الهالك وسحقت حياته. فكون خالق كل العوالم يضع نفسه مدفوعا الى ذلك بدافع المحبة للإنسان، هذا سيكون مبعث اندهاش المسكونة وتمجيدها اياه أبد الدهر. واذ ينظر شعوب المخلصين الى فاديهم ويعرفون أنه لن يكون لملكه انقضاء سيهتفون ويغنون قائلين: “مستحق مستحق هو الخروف الذي ذبح واشترانا لله بدمه الكريم الثمين!” GrH 103.1
يفسر سر الصليب جميع الأسرار الأخرى. وسيُرى ان ذاك الذي هو غير محدود في الحكمة لم يستطع ان يبتكر خطة لأجل خلاصنا الا ذبيحة ابنه. وان التعويض عن هذه الذبيحة هو فرح تعمير الارض بخلائق مفدية مقدسة سعيدة وخالدة. وقيمة النفس عظيمة هكذا حتى ان الآب يرضى بالثمن الذي دُفع والمسيح نفسه اذ يرى ثمار ذبيحته العظيمة سيكتفي ويشبع. GrH 103.2