الرَجَاء العَظيم

9/11

٩ - الرجاء الحقيقي

ان الوعد بالمجئ الثاني للمسيح ليكمل عمل الفداء العظيم هو محور الكتاب المقدس. فمنذ عدن ظل أبناء الايمان ينتظرون مجئ ذلك الموعود به ليعيدهم الى الفردوس المفقود. GrH 81.1

ان اخنوخ الذي كان السابعَ من آدم والذي لمدة ثلاثة قرون سار مع الله أعلن قائلا: “هوذا قد جاء الرب في ربوات قدسيته ليصنع دينونة على الجميع” (يهوذا 14و15). وأيوب صاح من وسط بلواه قائلا: ” أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ... وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللهَ. الَّذِي أَرَاهُ أَنَا لِنَفْسِي، وَعَيْنَايَ تَنْظظُرَانِ وَلَيْسَ آخَرُ.” (أيوب 19: 25-27). لقد تكلم شعراء الكتاب المقدس وأبياؤه طويلا عن مجئ المسيح بكلام يتوهج بالنار: “لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ ... أَمَامَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ جَاءَ. جَاءَ لِيَدِينَ الأَرْضَ. يَدِينُ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ وَالشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ.” (مزمور 96: 11-13). GrH 81.2

وقال النبي إشعياء: “هوذا هذا الهنا انتظرناه فخلصنا. هذا هو الرب انتظرناه. نبتهج ونفرح بخلاصه” (25: 9). GrH 81.3

وقد عزى المخلص تلاميذه بيقين مجيئه الثاني، قائلا: “في بيت أبي منازل كثيرة ... أنا أمضي لأعد لكم مكانا. وان مضيت وأعددت لكم مكانا آتي أيضا وآخذكم اليَّ” ، “متى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب” (يوحنا 14: 2و3 متى 25: 31و32). GrH 81.4

ثم أن الملاكين رددا على مسامع التلاميذ الوعد بمجيئه قائلين: “إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء” (أعمال 1: 11). ويشهد بولس قائلاً: “لأن الرب نفسه بهتاف صوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء” (1تسالونيكي 4: 16). وقال الرسول يوحنا: “هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين” (رؤيا 1: 7). GrH 82.1

حينئذ سيتلاشى حكم الشر الطويل الامد، وتصير “ممالك العالم لربنا ومسيحه فسيملك الى أبد الآبدين” (رؤي 11: 15). “الرب ينبت برا وتسبيحا أمام كل الامم” (إشعياء 61: 11). GrH 82.2

حينئذ فإن مملكة المسيح، التي هي مملكة السلام، ستثبت: “فإن الرب قد عزَّى صهيون عزَّى كل خربها ويجعل بريتها كعدن وباديتها كجنة الرب” (إشعياء 51: 3). GrH 82.3

لقد كان مجئ الرب رجاء اتباعه الامناء في كل عصر. ففي وسط الألم والاضطهاد كان ظهور الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح هو “الرجاء المبارك” (تيطس 2: 13). وجَّه بولس أفكار سامعيه وقرائه إلى أن القيامة ستحدث عند مجئ المخلص. وحينئذ سيقوم الاموات في المسيح، ويخطفون مع الأحياء لملاقاة الرب في الهواء. ولذلك قال بولس: “وهكذا نكون كل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضا بهذا الكلام” (1تسالونيكي 4: 17-18). GrH 82.4

واذ كان التلميذ الحبيب يوحنا في جزيرة بطمس الصخرية سمع هذا الوعد: “أنا آت سريعاً” فجاء جوابه المشتاق مجاهرا بطلبة الكنيسة في كل غربتها قائلا: “آمين تعال أيها الرب يسوع” (رؤيا 22: 20). GrH 82.5

فمن أعماق ظلمات السجون، ومن فوق المنصّات التي أعدت لحرق الضحايا، والمشانق التي من فوقها شهد الشهداء والقديسون للحق يجئ نطق ايمانهم ورجائهم عبر أجيال التاريخ. فاذ كانوا “متحققين من قيامة السيد، ومتحققين تبعا لذلك من قيامتهم عند مجيئه” -كما يقول أحد هؤلاء المسيحيين- “ازداروا بالموت لانهم كانوا متعالين عليه.” وكان الولدنسيون يعتنقون هذا الإيمان نفسه. وكان ويكلف واوثر وكالفن ونوكس وريدلي وباكستر* يتطلعون إلى الأمام إلى ظهور الفادي. كان هذا هو رجاء الكنيسة الرسولية و “الكنيسة في البرية” ورجاء المصلحين. GrH 83.1

ان النبوات فضلا عن كونها قد سبقت فأنبأت عن كيفية مجئ المسيح وغايته فإنها قد أوردت العلامات التي بموجبها يعرف الناس قرب مجيئه: “ولتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم” (لوقا 21: 25)، “الشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ” (مرقس 13: 24-26). وهكذا يصف الرائي أول العلامات التي تسبق المجئ الثاني فيقول: “اذا زلزلة عظيمة حدثت والشمس صارت سوداء كمسح من شعر والقمر صار كالدم” (رؤيا 6: 12). GrH 83.2

عندما وجَّه المخلص أفكار تابعيه الى علامات مجيئه الثاني أنبأهم عن حالة الارتداد التي ستعم العالم قبيل ذلك. فلمثل اولئك العائشين في هذا الوقت يقدم المسيح انذاره قائلا: “احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً.” “اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلًا لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الْمُزْمِعِ أَنْ ي يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ” (لوقا 21: 34و36). GrH 83.3

دعوة إلى الاستعداد - وفي نور ذلك اليوم العظيم تدعونا كلمة الله إلى التماس وجه الرب بتوبة: “لأن يوم الرب قادم لأنه قريب”. “قدسوا صوما نادوا باعتكاف. اجمعوا الشعب قدسوا الجماعة احشدوا الشيوخ اجمعوا الاطفال ... ليبكِ الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح”. “ارجعوا اليَّ بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح. ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا الى الرب الهكم لأنه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة” (يوئيل 2: 1و 15-17و12و13). GrH 84.1

ولأجل إعداد شعب الرب للوقوف في يوم الله كان لا بد من إجراءإصلاح عظيم. ففي رحمته كان من المنتظر أن يرسل الله اليهم رسالة انذار لإيقاظهم من خمولهم وليجعلهم يستعدون لمجيء الرب. GrH 84.2

وهذا الانذار نجده في (رؤيا 14). ففي هذا الاصحاح توجد رسالة مثلثة، وهي موصوفة بأنها معلنة على أفواه خلائق سماوية، ويتبع ذلك مباشرة مجيء ابن الانسان ليجمع “حصيد الارض”. لقد رأى النبي ملاكا طائرا “” (رؤيا 14: 6و7). GrH 84.3

هذه الرسالة هي جزء من “البشارة الأبدية”. فالكرازة بالإنجيل كُلِّفَ بها الناس. ولكن الملائكة القديسين كلفوا بتوجيه وإدارة هذا العمل. الا أن الاعلان الفعلي للإنجيل يقوم به خدام المسيح على الأرض . GrH 84.4

مخاطر مقاومة دعوة الإنجيل - وما خراب اروشليم سوى انذار خطير مخيف لكل من يستخفون بهبات النعمة الالهية وكل من يقاومون توسلات رحمة الله. ان نبوة المخلص عن افتقاده الله اورشليم بالدينونة سيكون لها اتمام آخر. ففي القضاء العادل الذي حل بالمدينة المختارة يمكننا ان نرى الدينونة الهائلة التي ستحل بالعالم الذي رفض رحمة الله وداس شريعته. فأنباء الشقاء البشري الذي شهدته الارض مدى عصور الجريمة الطويلة مظلمة قاتمة السواد. لكنّ منظراً اشد ظلاماً يُعرض أمامنا في اعلانات المستقبل الموحى بها. عندما تنسحب قوة روح الله الرادعة بعيداً من الأشرار انسحابا كاملاً ولا تعود توقف انفجار الشهوات البشرية والغضب الشيطاني! فسيرى العالم حينئذ، اكثر من أي وقت مضى، نتائج حكم الشيطان. GrH 85.1

وفي ذلك اليوم، وكما كانت الحال عند خراب اورشليم، سينجو شعب الله. (انظر إشعياء 4: 3 متى 24: 30و31). سيأتي امسيح ثانية ليجمع عبيده الامناء لنفسه: “حينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء السموات الى اقصائه” (متى 24: 30و31). GrH 85.2

اذاً فليحترس الناس لئلا يهملوا الدرس الذي تحمله اليهم كلمات المسيح. فكما انذر تلاميذه بخراب اورشليم معطياً اياهم علامة عن الخراب المقبل لكي يهربوا، هكذا هو قد أنذر العالم بيوم الهلاك الاخير. كل مَن يريد الهروب ان يهرب من الغضب الآتي. “وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم وعلى الأرض كرب” لوقا 21: 25. أنظر أيضاً متى 24: 29؛ مرقس 13: 24-26؛ رؤيا 6: 12-17. ويحذرنا المسيح قائلاً: “اسهروا إذاً” (مرقس 13: 35). فالذين ينتبهون الى الإنذار لن يتركوا في الظلام. GrH 85.3

ليس العالم في هذه الايام اكثر استعداداً لتصديق هذه الرسالة مما كان اليهود مستعدين لقبول انذار المسيح عن اورشليم. وفي اي وقت يجئ يومُ الله سيفاجئ الائمة الفجار. فاذا تسير الحياة على وتيرة واحدة، وحين يكون الناس منغمسين في لذاتهم واعمالهم وتجارتهم وجمع المال واكتناز الثروة، وحين يمجد القادة الدينيون تقدم العالم وتنوُّره ويهجع الناس في طمأنينة كاذبة GrH 86.1

- حينئذ ينسل الهلاك كلص نصف الليل الذي يسرق البيوت غير المحروسة ويفاجيء المهملين والائمة فلا “ينجون” (انظر 1تسالونيكي 5: 2-5). GrH 86.2

الشيطان يحاول إبقاء الناس في قبضة سلطته - عبر الضلالتين العظيمتين، وهما خلود النفس وتقديس يوم الاحد، سيوقع الشيطان الناس تحت سلطان مخادعته. وفيما ترسي الضلالة الاولى أُسس مناجاة الارواح تربطهم الضلالة الثانية بعجلة روما. GrH 86.3

بواسطة مناجاة الارواح سيبدو الشيطان محسنا للجنس البشري، يشفي أمراض الناس ويتظاهر بتقديم نظام جديد سام الى العقيدة الدينية. ولكنه في الوقت نفسه يقوم بعمله المهلك المدمر, فتجاربه تودي بجماهير كثيرة من الناس الى الهلاك. ان عدم الاعتدال يخلع العقل عن عرشه، والانغماس في الشهوات والخصومات وسفك الدماء تأتي في اثر ذلك. إن الحروب تثير أشر شهوات النفس وتكتسح الى الابدية ضحاياها الذين قد انحدروا الى اعماق هاوية الرذيلة وسفك الدماء. وغرض الشيطان هو اثارة الدول لتحارب بعضها بعضاً، لأنه بهذه الوسيلة يحول أفكار الناس عن الاستعداد للوقوف ثابتين في يوم الله. GrH 86.4

لقد درس الشيطان أسرار معامل الطبيعة، وهو يبذل كل ما في قدرته ليسيطر على العناصر بقدر ما يسمح له به الله. ان الله هو الذي يحمي خلائقه من المهلك. لكنّ العالم المسيحي برهن على احتقاره شريعة الرب، والرب سيفعل ما أعلن انه سيفعله ويرفع رعايته الحافظة بعيداً عمّن يتمردون على شريعته ويعلّمون غيرهم ويرغمونهم على ذلك التمرد. ثم ان للشيطان سلطانا على كل من لا يحرسهم الله حراسة خاصة. وهو سيرضى عن البعض وينجحهم لكي يعضد مكايده، وسيوقع المتاعب والآلام بآخرين ويُقنع الناس بان الله هو من يفعل ذلك. GrH 87.1

فاذ يُظهر الشيطان نفسه لبني الانسان كالطبيب العظيم الذي يستطيع ابراء كل اسقامهم فهو سيأتي بالأمراض والكوارث الى ان تصير المدن العظيمة العامرة بالناس خرابا يبابا. ففي الكوارث والفواجع التي تحدث في البحار وعلى اليابسة وفي الحرائق الهائلة والاعاصير العظيمة والبَرد المخيف والزاوبع والسيول والعواصف وأمواج المد والزلازل في كل مكان وبآلاف الاشكال، في هذه كلها يستخدم الشيطان قوته. انه يكتسح المحاصيل الناضجة للحصاد فتجيء في اذيال ذلك المجاعات والضيقات والكروب. وهو يطلق في الجو روائح عفنة قاتلة فيهلك آلاف الناس بالوباء. GrH 87.2

وحينئذ سيقنع المخادع الأعظم الناس بإيقاع تبعة متاعبهم ومصائبهم على الذين طاعتهم لوصايا الله هي توبيخ دائم للمتعدين. وسيُعلن ان الناس يغيظون الله بتعديهم شريعة يوم الاحد، وان هذه الخطيئة قد جلبت كل تلك المصائب التي لن تكف حتى يعود الناس الى حفظ يوم الاحد. “ان الذين يقوضون إكرام يوم الأحد ويدنسونه إنما يمنعون الشعب من استرداد رضى الله ونجاحهم المادي”. وهكذا فإن التهمة التي أُتهم بها خادم الله في القديم ستتكرر. “لما رأى أخاب إيليا قال له آخاب أأنت هو مكدر إسرائيل؟” (1ملوك 18: 17و18). GrH 87.3

ان مَن يكرمون السبت كما هو وارد في الكتاب المقدس سيُعَيَّرون كأعداء للقانون والنظام، وكمن يهدمون الروادع الأدبية للمجتمع ويسببون الفوضى والفساد، ويستمطرون دينونة الله على الارض. وسيتهمون بإضمار الكراهية للحكومة. والخدام الذين ينكرون حق شريعة الله سيقدمون من على المنبر نصائح تحث الشعب على اطاعة السلطات. وفي دور التشريع ودور القضاء ستشوه اخلاق حافظي الوصية ويدانون. وستفسر أقوالهم تفسيرا كاذبا، وستُنعت بواعثهم بأسوأ النعوت. GrH 88.1

سيتحد أحبار الكنيسة والدولة معا في ارشاد كل الطبقات أو اقناعها وإرغامها على اكرام يوم الاحد. وحتى في أمريكا الحرة سيخضع الحكام والمشرعون لمطلب الجماهير بإصدار تشريع يلزم الناس حفظ يوم الاحد. ولن تحترم بعد الآن حرية الضمير التي كلفت أصحابها تضحيات. وفي الصراع الوشيك الوقوع سنرى كلمات النبي ممثلة أمامنا اذ يقول: “فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح” (رؤيا 12: 17). GrH 88.2

ان عبيد الله بوجوههم المشرقة والمتألقة بنور التكريس المقدس سيسرعون من مكان الى مكان ليذيعوا رسالة السماء. وستجرى عجائب فيشفى المرضى، والآيات والعجائب ستتبع المؤمنين. ثم ان الشيطان سيعمل ايضا بآيات كاذبة حتى ينزل نارا من السماء (رؤيا 13: 13). وهكذا سيؤتى بسكان الارض ليقفوا موقفهم. GrH 88.3

ثم ان الرسالة لا تُحمل بالحجة بقدر ما تحمل بإقناع روح الله العميق في القلب. لقد قُدمت الحجج والمنشورات التي قد وزعها الكارزون قد بذلت تأثيرها. ومع ذلك فكثيرون ممن قد تأثرت عقولهم مُنعوا من ادراك الحق كاملا. والحق يُرى الآن في كل وضوحه. فصلات القرابة العائلية والكنسية تعجز الآن عن إبقاء أبناء الله اذ ان الحق اثمن من كل ما عداه. وعلى رغم كل القوات المتحدة ضد الحق فان عددا غفيرا يتخذون موقفهم الى جانب الرب. GrH 89.1

ان الذين يكرمون شريعة الله سيُعتبرون مسببي الاهتزازات والانتفاضات الهائلة التي تحدث في الطبيعة والخصومات وسفك الدماء بين الناس التي قد ملأت الارض بالويل والشقاء. والسلطان المصاحب لآخر انذار قد اهاج الاشرار، والشيطان سيثير ضدهم روح الكراهية والاضطهاد ضد كل من قد قبلوا الرسالة. GrH 89.2

الإيمان الذي يتحمل - يتطلب وقت الضيق والألم اللذين ينتظراننا ايمانا يتحمل الكلل والتأخير والجوع، ولا يهم ويضعف حتى ولو جُرِّب بكل شدة وصرامة. إن نصرة يعقوب هي برهان على اقتدار الصلاة التي تقدم بلجاجة. وكل مَن يتمسكون بمواعيد الله كما قد فعل هو سينجحون كما قد نجح. المجاهدة مع الله - ما أقل مَن يعرفون ما هي! وعندما تكتسح المُصلِّي أمواج اليأس فما أقل من يتعلقون بمواعيد الله بإيمان لا يكل ولا يُسلِّم. GrH 89.3

وستظهر في السموات مناظر مخيفة فائقة الطبيعة كعلامة وبرهان على قوة الشياطين الصانعة الآيات. وستخرج أرواح الشيطين الى “ملوك الارض” والى العالم كله لتثبِّتهم في الخداع وتشدد عليهم في الاتحاد مع الشيطان في معركته الاخيرة ضد حكم السماء. وسيقوم اشخاص يدعون انهم المسيح نفسه. وسيصنعون معجزات شفاء عجيبة، وسيدعون انهم تلقوا اعلانات من السماء مناقضة لشهادة الكتاب. GrH 89.4

أعظم حادث - وآخر فصل من فصول رواية الخداع هو ان الشيطان نفسه سيظهر في شكل المسيح. لقد اعترفت الكنيسة طويلا بأنها تنتظر مجيء المخلص كنهاية آمالها. فالآن سيجعل المخادع العظيم الامر يبدو كما لو ان المسيح قد جاء. سيظهر الشيطان نفسه ككائن مهيب ينبعث منه نور يبهر الابصار يشبه الوصف الذي في سفر الرؤيا عن ابن الله (رؤيا 1: 13-15). GrH 90.1

والمجد الذي يحيط بالشيطان لن يفوقه مجد مما رأته عين بشر. وسيدوي في الهواء هتاف الانتصار قائلا: “قد أتى المسيح!” والناس سينطرحون ساجدين أمامه في حين يرفع هو يديه مباركا اياهم. صوته رقيق ومنخفض ومع ذلك فهو مليء بالألحان. وبنغمات رقيقة مشفقة يقدم بعضا من الحقائق الجميلة السماوية نفسها التي نطق بها المخلص. فهو يشفي امراض الناس، وبما انه قد اتخذ صفة المسيح وهيئته يَّدعي انه قد ابدل يوم السبت بالأحد. ثم يعلن ان كل من يصرون تقديس اليوم السابع يجدفون على اسمه. هذا هو الخداع القوي الذي يكاد يكون مسيطرا. يلتفت الناس إلى أعمال السحر هذه قائلين هذه هي “قوة الله العظيمة” (اعمال 8: 10). GrH 90.2

شعب الله لا يمكن تضليلهم - لكنّ شعب الله لن يمكن تضليلهم. ان تعاليم هذا المسيح الكذاب ليست متوافقة مع تعاليم الكتاب. ان البركة يُنطق بها على عابدي الوحش وصورته وهم الجماعة نفسها الذين يعلن الكتاب ان غضب الله سينصب صرفا عليهم. وأكثر من هذا فان الشيطان لا يُسمح له بتزييف كيفية مجيء المسيح. لقد حذر المخلص شعبه من الضلال في هذا الامر وبكل وضوح أنبأهم بكيفية مجيئه الثاني اذ يقول: “لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين ... فإن قالوا لكم ها هو في البرية فلا تخرجوا. ها هو في المخادع فلا تصدقوا لأنه كما ان البرق يخرج من المشارق ويظهر الى المغارب هكذا يكون أيضا مجيء ابن الانسان” (متى 24: 24-27؛ أنظر أيضاً متى 25: 31؛ رؤيا 1: 7؛ 1تسالونيكي 4: 16و17). هذا المجيء لا يمكن تزييفه. فسيعرفه الجميع وسيراه العالم. GrH 90.3

وحدهم الذين كانوا دارسين بجدّ الكتاب المقدس وقبلوا محبة الحق هم الذين سيحصلون على الحماية من الضلالة القوية التي ستأسر العالم. فبواسطة شهادة الكتاب سيكتشف هؤلاء الناس المخادع في تنكره. فهل شعب الله مبنيون بكل ثبات على كلمته بحيث لا يخضعون ولا يسلمون لبرهان حواسهم؟ وهل في مثل هذه الحالة المتأزمة يتمسكون بالكتاب ولا شيء سواه؟ GrH 91.1