خدمة الشفاء

23/271

( مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا )

ينبغي ألا تُحد دعوة الإنجيل أو نحصر في حيز ضيق، فتقدم للمختار بن القليلين الذين نظن أنهم سميكرموننا إذا قبلوها. يل، يجب أن تقدم الرسالة للجميع . إن الله عندما يبارك أولاده في البركة ليست لهم وحدهم ولكنها لأجل العالم. وعندما يمنحنا هباته فذلك لكي نضاعفها وتوزيعها واقتسامها مع الآخرين . KS 51.10

إن المرأة السامرية التي تحدثت مع يسوع عند بئر يعقوب ما إن وجدت المخلص حتى أتت بالآخرين إليه. وقد برهنت على أنها رسول أكثر فاعلية من تلاميذه أنفسهم. إن التلاميذ لم يروا في السامرة شيئا يدل على أنها حقل مشجع. وكانت أفكارهم مركزة في عمل عظيم يعمل في المستقبل . ولم يروا أنه يوجد حولهم حصاد يجب أن يُجمع. ولكن عن طريق المرأة التي احتقروها جيء بكل المدينة لتسمع يسوع . لقد حملت النور إلى مواطنيها في الحال . KS 52.1

هذه المرأة تمثل تأثير الإيمان العملي بالمسيح. فكل تلميذ حقيقي يولد في ملكوت الله كمرسل. وما إن يعرف المخلص حتى يرغب في أن يُعرف الآخرين به. إنه لا يستطيع أن يحبس الحق المخلص والمقدس في قلبه. فالذي يشرب من الماء الحي يصير فيه ينبوع حياة، وهكذا في المتناول يصبح معطياً. إن نعمة المسيح في النفس تشبه نبع ماء في القفر يفيض منه الماء لإنعاش الجميع ، ويجعل من هم موشكون على الهلاك راغبين في شرب ماء الحياة. ونحن إذ نقوم بهذا العمل تحصل على بركة أعظم مما لو عملنا لأجل أنفسنا فقط. فإذ نعمل على نشر بشرى الخلاص نصير قريبين من المخلص . KS 52.2

إن الرب يقول عمن يقبلون نعمته: KS 52.3

«واجعلهم وما حول أمتي بركة وأنزل عليهم المطر في وقته فتكون أمطار برکة» (حزقيال 34: 26) KS 52.4

«وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب . من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي» (یوحنا 7: 37 و38). KS 52.5

فالذين يتناولون عليهم أن يوزعوا على الآخرين. إن صرخات طلب العون تأتي من كل صوب ، والله يطلب رجالا ليخدموا بني جنسهم بفرح . هنالك أكاليل لا تيلي يجب الظفر بها، وملكوت السموات يجب الحصول عليه، ويجب إنارة العالم الذي یکاد آن بهلکه الجهل . KS 52.6

«أما تقولون إنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد. ها أنا أقول لكم ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيضت للحصاد. والحمد يأخذ أجرة ويجمع ثمرا للحياة الأبدية» (يوحنا4 : 35و36). KS 52.7

لمدة ثلاث سنين كان التلاميذ يرون مثال يسوع العجيب ماثلاً أمامهم. وكانوا يسيرون معه ويحادثها يوما بعد يوم ، وهم يستمعون لأقواله التي تمنح الفرح للمتعيين والثقيلي الأحمال ويرون مظاهر قدرته نحو المرضى والمعذبين. وعندما حان الوقت الذي فيه يتركهم منحهم نعمة وقوة ليسيروا بعمله قدما باسمه. كان عليهم أن ينشروا نور إنجيله، إنجيل المحبة والشفاء، وقد وعدهم المخلص أنه سيكون حاضرا معهم دائما، و بواسطة الروح القدس سيكون أقرب إليهم مما كان وهو يسير بين الناس بهيئة منظورة . KS 52.8

ونحن علينا أن نعمل العمل الذي عمله التلاميذ. فيجب على كل مسيحي أن يكون مر بسلام علينا أن نخدم من هم بحاجة إلى العون بالعطف والحنان والرفق ، محاولين التخفيف من آلام الإنسانية المعذبة وويلاتها بغيره وعدم انانية. KS 53.1

بإمكان الجميع أن يجدوا عملاً يعملونه. ولا حاجة بأحد أن يحس أنه لا مكان له حيث يمكنه أن يعمل لأجل المسيح. إن المخلص يوحد نفسه مع كل فرد من بني الإنسان . إنه ابن الإنسان ، وهذا هو أخ لكل ابن وابنه من نسل آدم. وعلى أتباعه ألا يحسوا أنهم منفصلون عن العالم الهالك الذي حولهم. إنهم جزء من نسيج الإنسانية العظيم ، والسماء تنظر إليهم كإخوة الخطاة كما للقديسين . KS 53.2

يوجد ملايين فوق ملايين من بني الإنسان العائشين في المرض والجهل لم يسبق لهم قط أن سمعوا عن محبة المسيح لهم . فلو أخذنا مكانهم وأخذوا هم مكاننا ما الذي كنا نريدهم أن يفعلوه معنا؟ كل هذا علينا أن تفعله لأجلهم طالما هو في مقدورنا. إن قانون المسيح للحياة الذي يه إما أن يثبت الإنسان أو يسقط في يوم الدين هو هذا: «كل ما تريدون ان يفعل الناس یکم، افعلوا هکذا انتم ايضا بهم» (متى ۷: ۱۲). KS 53.3

إننا مدينون بكل ما جعل لنا حظوة وامتيازاً أكثر من غيرنا — سواء أكان ذلك تهذيباً أو ثقافة أو نبل أخلاق أو تربية مسيحية أو اختبارا دينياً — نحن مدينون بكل ذلك لمن هم أقل حظوة منا. وعلينا أن نخدمهم بقدر استطاعتنا، فإن كنا أقوياء علينا أن نستعد ويعضد أيدي الضعفاء. KS 53.4

إن ملائكة المجد الذين يرون دائماً وجه الأب الذي في السموات ويفرحون بأن يخدموا أولاده الأصاغر. وإن الملائكة يوجدون دائماً حيث تكون الحاجة إليهم على أشدّها، مع الذين يخوضون أعنف المعارك ضد الذات، والذين بيئتهم تثبط عزائمهم إلى الحد الأقصى. ذوو النفوس الضعيفة المرتعدة الذين يتصفون بصفات كثيرة معية وكريهة هم عهدتهم الخاصة. وما يعتبره الأنانيون خدمة مذلة، أي خدمة من هم تعساء وفي كل شيء هم أدنى خلفاً، إنما هو خدمة الخلائق الطاهرة الخالية من الخطية، القادمة من السمرات العليا. KS 53.5

إن يسوع لم يعتبر السماء مكاناً محبوباً أو مرغوباً فيه بينما كنا نحن هالكين. لقد ترك المواطن السماوية ليحيا حياة العار والهوان ويموت مؤمنا مشينا. فذاك الذي كان غنياً بكنوز السماء التي لا تقدر بثمن افتقر لكي نستغني نحن بفقره. وعلينا نحن أن تسير في الطريق الذي سار فيه. KS 54.1

ينبغي لمن يصير ابنا له انه منذ ذلك الحين ينظر إلى نفسه كحلقة في سلسلة المدلاة لتخليص العالم، ومتحداً بالمسيح في تدبير رحمته إذ يخرج معه ليطلب ويخلص الهالکین. KS 54.2

كثيرون يحسون أنه امتياز عظيم أن يزور الإنسان مشاهد حياة المسيح على الأرض ويسير في الأماكن التي وطئتها قدماه، وينظر إلى البحيرة التي أحب أن يعلّم بجوارها والتلال والوديان التي طالما وقعت عليها عيناه. ولكننا في غير حاجة للذهاب إلى الناصرة أو كفرناحوم أو بيت عنيا حتى تقتفي آثار خطوات يسوع. إننا نجد آثار قدميه إلى جوار أسرة المريض، وفي مواطن الفقر، وفي الأزقةالمزدحمة في المدن الكبيرة ، وفي كل مكان توجد فيه قلوب بشرية بحاجة إلى العزاء KS 54.3

علينا أن نشبع الجياع وتكسو العراة المتألمين والمحزونين. علينا أن نخدم البائسين ونلهم بالرجاء قلوب القانطين العديمي الرجاء KS 54.4

إن محبة المسيح الظاهرة في الخدمة الخالية من الأثرة ستكون أفعل في إصلاح فاعل الشر مما يمكن أن يفعله السيف أو محكمة القضاء . إن حد السيف وحكم القضاء لازمان لإلقاء الرعب في قلب من يتعدى القانون، ولكن المرسل المحب في إمكانه أن يفعل أكثر من هذا. كثيراً ما يحدث أن القلب الذي يقاسيه التوبيخ تذيبه محبة المسيح. KS 54.5

إن المرسل، فضلاً عن كونه قادراً على تخفيف آلام الجسم، يستطيع أن يقول الخاطئ إلى الطبيب العظيم الذي يستطيع أن يطهر النفس من برص الخطية. إن الله يقصد عن طريق خادمه أن يُسمع المرضي والتعلم سواء ومن يهم أرواح شريرة، صوته . وعن طريق الوسائط البشرية يريد أن يكون معزيا لا يعرف العالم له مثيلا. KS 54.6

لقد بذل المخلص حياته الغالية لكي يقيم كنيسة قادرة على خدمة المتألمين و الحزانى والمجربين. وقد يكون هنالك جماعة من المؤمنين الفقراء غير متعلمين وليس من يعرفهم ، ومع ذلك ففي المسيح يمكنهم أن يعملوا عملا في البيت وفي المجتمع وحتى في والأقاليم البعيدة » تكون نتائجه بعيدة المدى كالأبدية. KS 54.7

إن هذا الكلام الذي وجه إلى التلاميذ الأولين بوجه إلي أتباع المسيح اليوم إذ يقول : KS 54.8

دُفع إلى كل سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم». «اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها» (متى 1٨:٢٨ و 19؛ مرقس 16: 15). KS 54.9

ثم إن لنا وعد حضوره إذ يقول: «ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (متى 28: 20). KS 55.1

واليوم لا توجد جماهير محبة للاستطلاع تتقاطر إلى البرية لترى المسيح و تسب معدة - وصوته لا يسمع في الشوارع المزدحمة بالناس . ولا يسمع صوت من جانب الطريق يقول: «يسوع الناصري مجتاز» (لوقا ١٨ : 3٧). ومع ذلك فإن هذه الكلمة تصدق اليوم. إن المسيح يسير في شوارعنا غير منظور. إنه يأتي إلى بيوتنا برسائل الرحمة. إنه ينتظر ليتعاون مع من يطلبون أن يخدموا باسمه. إنه في وسطنا ليشفي ويبارك إذا قبلناه . KS 55.2

«هكذا قال الرب في وقت القبول استجبتك وفي يوم الخلاص أعنتك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب لإقامة الأرض لتمليك أملاك البراري. قائلاً للأسرى أخرجوا للذين في الظلام أظهروا». KS 55.3

«ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام المبشر بالخير المخبر بالخلاص القائل الصهیوني قد ماه الله» (إشعياء 49 : 8 و 9؛ ؛52:7). KS 55.4

«أشيدي ترتعي معا يا خِرِب . . . لأن الرّب قد عزى شعبه... قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا» (إشعياء ۹:5۲و10). KS 55.5

«لأني أعطيتكم مثلاً حتي كما
صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً»