خدمة الشفاء
٧ - التربية الحقة
إن التهذيب الحقيقي هو تدريب مرسلي. وكل ابن وابنة من أولاد الله مدعوون ليكونوا كارزين، فنحن مدعوون لخدمة الله وبني جنسنا. وغاية تهذيبنا هي تأهيلنا للخدمة . KS 245.1
وينبغي لكل الوالدين والمعلمين المسيحيين أن يجعلوا هذا الغرض ماثلا في الأذهان وأمام العيون دائماً. إننا لا نعلم نوع العمل الذي يمكن أن يقوم به أولادنا و يخدموا فيه، فقد يقضون حياتهم ضمن نطاق البيت ، وقد يشتغلون في حِرف الحياة العادية، أو قد يذهبون ليعلموا الإنجيل في البلدان الوثنية، ولكن الجميع على السواء مدعوون لأن يكونوا مرسلين لأجل الله ورسل رحمة للعالم. KS 245.2
إن الأولاد والشباب بمواهبهم الغضة ونشاطهم وشجاعتهم وحساسيتهم السريعة هم محبوبون من الله، وهو يريدهم أن يكونوا في حالة وفاق مع القوات الإلهية. وعليهم أن يتلقوا تهذيبا يساعدهم على الوقوف إلى جانب المسيح في خدمة منكرة لنفسها . KS 245.3
لقد قال المسيح عن كل أولاده، ليس فقط التلاميذ الأولين بل أيضاً كل تلاميذه إلى انقضاء الدهر: «كما أرسلتني إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم.» (يوحنا 17 : ١٨) ليكونوا ممثلين الله وليعلنوا روحه ويظهروا صفاته يقوموا بعمله . KS 245.4
إن أولادنا يقفون كأنما عند مفترق الطرق . ومن كل جانب تحاول إغراءات العالم لطلب ما للذات والانغماس أن تبعدهم عن الطريق المرسوم لمفديي الرب . وسواء كانت حياتهم مزمعة أن تكون بركة ولعنة فذلك يتوقف على اختيارهم. وحيث انهم ممتلئون قوة ونشاطا ويتوقعون لاختبار إمكانياتهم التي لم يختبروها فيجب أن يجدوا مخرجا ومتنفسا لحيويتهم الفائضة، وهم سيكونون نشيطين إن للخير أو للشر. KS 245.5
إن كلمة الله لا تكبت النشاط ، ولكنها توجهه توجيها صحيحا. والله لا ينهي الشباب عن الطموح . إن عناصر الخلق التي تجعل الإنسان ناجحا ومكرما من الناس بالحق — الرغبة التي لا تكبح في طلب خير أعظم ، والإرادة التي لا تقهر والتطبيق النشاط والمثابرة التي لا تكل - ينبغي عدم تثبيطها، بل يجب توجيهها بنعمة الله لبلوغ الأغراض التي هي أسمى من مجرد مصالح أنانية عالمية بقدر ما تسمو السموات فوق الأرض. KS 245.6
إن علينا كوالدين وكمسيحيين أن نقدم لاولادنا توجيها صحيحا. فينبغي لنا أن نرشدهم في طرق الخدمة التي على غرار خدمة المسيح بحذر وحكمة ورقة. إننا مرتبطون مع الله بعهد مقدس أن نربي أولادنا لخدمته. وأول واجب علينا هو أن تحيطهم بمؤثرات تكون كفيلة بإرشادهم لاختيار حياة الخدمة وتقدم لهم التدريب اللازم. KS 246.1
«هكذا أحب الله ... حتى بذل» - «بذل ابنه الوحيد» لكي لا يهلك بل تكون لنا الحياة الأبدية (يوحنا 3: 16). «أحبنا المسيح وأسلم نفسه لأجلنا» (افسس 5: ٢) فإذا كنا نحب فنحن سنبذل . والدرس العظيم الذي علينا أن نتعلمه ونعلمه للآخرين هو هذا: لا لنُخدم بل لنخدم (متى ۲۰: ۲۸). KS 246.2
ينبغي أن تُطبع على عقول الشباب فكرة كونهم ليسوا لأنفسهم. فهم خاصة المسيح ، إنهم مقتنى دمه ومطلب محبته. فهم يعيشون لكونه يحفظهم بقدرته. إن أوقاتهم وقوتهم وإمكانياتهم هي له لكي تنمّي وتدّرب لتُستخدم له. KS 246.3
إن الأسرة البشرية تجيء في المرتبة الثانية بعد الملائكة. وحيث قد تصوروا على صورة الله فهم أنبل وأكرم خلائقه. والله يريدهم أن يصيروا إلى المستوى الذي جعل في مقدورهم الوصول إليه، وأن يفعلوا أفضل ما يستطيعون بالقوى والمواهب التي منحهم إياها. إن الحياة غامضة ومقدسة . وهي مظهر الله نفسه - نبع كل حياة. إن فرصها ثمينة جدا، ولذلك ينبغي لنا أن نحسن استخدامها بكل غيرة. فإن هي ضاعت فقد ضاعت إلى الأبد. KS 246.4
والله يضع الأبدية أمامنا بحقائقها الخطيرة، وهو يعطينا إدراكا لفهم المواضيع الأبدية التي لا تفني، ويقدم الحق الثمين المشرّف حتى يمكننا التقدم في طريق آمن أكيد سعيا وراء غرض يستحق أن تشغل فيه كل إمكانياتنا. KS 246.5
إن الله ينظر إلى البذرة الصغيرة التي قد كونها بنفسه ويرى مخبوءا فيها الزهرة الجميلة والشجيرة أو الشجرة العالية الممتدة الأغصان ، وكذلك هو يرى كل الإمكانيات في كل كائن بشري. إننا هنا لأجل غرض. والله قد أعطانا تدبيره لأجل حياتنا، ويريدنا أن نصل إلى أسمى مقياس للنمو. KS 246.6
وهو يريدنا أن ننمو في القداسة والسعادة والنفع نمواً مطردا والجميع لهم الإمكانيات التي ينبغي اعتبارها هبات مقدسة، وعليهم أن يقدروها كميات الرب، وأن يستخدموها استخداما صائبا. وهو يريد أن يربي الشباب كل قوى كيانهم ويدربوا كل قوة تدريياً نشيط. وهو يريدهم أن يتمتعوا بكل ما هو نافع وثمين في هذه الحياة وأن يكونوا صالحين و يصنعوا صلاحا، ويكنزوا كنزاُ سماوية للحياة العتيدة . KS 247.1
ينبغي أن يتجه طموحهم إلى التفوق في كل ما هو ليس أنانيا وما هو سام ونبيل. وعليهم أن ينظروا إلى المسيح كالنموذج الذي يجب أن يصغوا على مثاله. وعليهم أن يربوا في أنفسهم الطموح المقدس الذي قد أظهره في حياته - الطموح لجعل العالم أفضل لكونهم قد عاشوا فيه . هذا هو العمل الذي قد دُعوا إليه. KS 247.2