خدمة الشفاء
مسؤولية الأب
إن الزوج والأب هو رأس العائلة. والزوجة تتوقع منه الحب والعطف والتعاون معها في تربية الأولاد، وهذا هو الصواب. فالأولاد أولاده كما أنهم أولادها، وهو مهتم مثلها بصالحهم وخيرهم. والأولاد ينظرون إلى أبيهم في طلب العون والإرشاد ، وينبغي أن يكون عنده إدراك صحيح للحياة وللمؤثرات والمعاشرات التي يجب أن تحيط بأسرته. وعليه فوق الكل أن يكون تحت سيطرة محبة الله ومخافته وتعاليم كلمته حتى يستطيع أن يرشد أقدام أولاده في طريق الحق. KS 242.4
والأب هو صانع شريعة العائلة، وعليه أن يجعل شريعة الله قانونا بيته كما فعل إبراهيم . فلقد قال الله عن إبراهيم : «لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته» (تكوين18: 19). لن يكون هنالك إهمال أثم لردع الشر، ولا إغراق في المحاباة الضعيفة غير الحكيمة ، ولا تسليم في اقتناعه بالواجب اذعانا لمطالب المحبة الخاطئة. فلم يكن لإبراهيم أن يقدم تعليمات صحيحة وحسب، بل كان عليه أيضاً أن يحتفظ بسلطة الشرائع العادلة البارة. لقد قدم الله قوانين لإرشادنا. وينبغي ألا يترك الأولاد ليتوهوا بعيدا عن الطريق الأمين المرسوم في كلمة الله، في مجاهل تفضي إلى طرق الخطر المتشعبة في كل اتجاه . فينبغي ردع رغائبهم الخاطئة وإنكار ميولهم برفق ومثابرة في الجهد المصحوب بالصلاة. KS 242.5
وعلى الأب أن يفرض في أسرته الفضائل الصارمة - الاجتهاد والاستقامة والأمانة والصبر والشجاعة والنفع العملي. وينبغي له أن يمارس بنفسه ما يطلبه من أولاده . ممثلا هذه الفضائل في مظهر رجولته. KS 243.1
ولكن لا تثبطوا عزائم أولادكم أيها الآباء، بل مزجوا السلطة والمحبة، والرفق والعطف بالردع الثاہت . وکرسوا بعض اُوقات فراغکم لأولادكم. وتعرفوا بهم واصحبوهم في عملهم ولهوهم واكسبوا ثقهم. وكونوا أواصر صداقة معهم وعلى الخصوص مع البنين . فبهذه الكيفية تكونون عاملا قويا للخير. KS 243.2
وعلى الأب أن يقوم بدوره في جعل البيت سعيدا. فمهما تكن همومه وارتباكات العمل ينبغي ألا تعكر صفو العائلة. عليه أن يدخل إلى بيته وعلى فمه ابتسامة وكلمات مسرة . KS 243.3
إن الأب هو كاهن العائلة بمعنى من المعاني، إذ عليه أن يضع على المذبح العائلي محرقات الصباح والمساء. ولكن على الأم والأولاد أيضاً أن يشتركوا في الصلاة وفي تسابيح الحمد. فعلى الأب، قبل مغادرة البيت لمزاولة عمله اليومي، أن يجمع أولاده حوله، وإذ يجثوا أمام الله يستودعهم لرعاية الأب السماوي ، وبعد انتهاء أعمال اليوم وهمومه لتتحد العائلة في تقديم صلاة شكر وتسابيح الحمد اعترافا منهم برعاية الله لهم في أثناء النهار. KS 243.4
أيها الآباء والأمهات ، مهما يكن ضغط العمل الشديد عليكم لا تهملوا في جمع أولادكم حول مذبح الله. أسألوا الرب أن يحرس بينكم بملائكته القديسين. واذكروا أن أولاد کم معرضون للتجارب , فالمضايقات تكتنف طريق الصغار والكبار كل يوم . والذين يريدون أن يحيوا حياة الصبر والحب والفرح عليهم بالصلاة. إنه فقط بالحصول على العون الدائم من الله يمكننا الانتصار على الذات . KS 243.5
وينبغي أن يكون البيت موطنا للفرح واللطف والحب، فحيث توجد هذه الفضائل توجد أيضاً السعادة والسلام . قد تهاجم المتاعب الناس ، ولكن هذه الاضطرابات هي تصيب بني الإنسان. إن الصبر والشكر والمحبة ينبغي أن تبقى الشمس مشرقة في القلب ، مع أن اليوم قد يكون مكتنفا بالغيوم . إن ملائكة الله يسكنون في مثل هذه البيوت. KS 243.6
ليهتم الزوج والزوجة كل منهما بمعرفة ما فيه سعادة الآخر، ولا يهمل أحدهما في المجاملات الصغيرة وأعمال الشفقة اليسيرة التي تفرح الحياة وتجعلها مشرقة ولامعة. وينبغي أن تتوافر الثقة الكاملة بين الزوج وزوجته. وعليهما أن يقرأ معاً في تبعاتها. وعليهما أن يشتركا معا في العمل على ما فيه أعظم السعادة والخير لأولادهما. وينبغي ألا ينتقد أحدهما الآخر أو يشك في سداد رأيه أمام الأولاد أبداً. لتحترس الزوجة من أن تزيد من صعوبة عمل رجلها لأجل الأولاد. وليسند الزوج يدي امرأته ، مقدما لها المشورة الحكيمة والتشجيع الحبي . KS 244.1
وينبغي ألا يقوم حاجز من الفتور والتحفظ بين الوالدين والأولاد. وليتعرف الوالدون على اولادهم ، محاولين ان يفهموا أذواقهم وميولهم وأن يتغلغلوا إلى مشاعر هم لیستکشفوا ما في قلوبهم. KS 244.2
أيها الوالدون، ليرّ أولادكم أنكم تحبونهم وأنهم ستبذلون قصاراكم في سبيل اسعادهم . فلئن فعلتم ذلك فان تقییداتكم و نواهيکم ستکون أعظم و زنا فی أذهانهم الغضة. أحكموا أولادكم بالرقة والشفقة متذكرين أن «ملائكتهم ... كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السموات» (متى 18: 10). فإذا رغبتم في أن يعمل الملائكة لأولادكم العمل المعطى لهم من الله تعاونوا معهم بقيامكم بواجبکم ۔ KS 244.3
إن الأولاد إذ يكبرون تحت الإرشاد الحكيم المحب في البيت الأمين فلن يكون عندهم ميل لأن يضلوا بعيداً طلبا للملذات والمعاشرات. فلن يستهويهم الشر. فالروح السائدة في البيت ستصوغ أخلاقهم، وستتربّى فيهم عادات، وتتكون لديهم مبادئ تكون حصنا منيعا يصد عنهم التجارب عندما يتركون البيت الذي كان ملاذهم ، ويحتلون مكانهم في العالم . KS 244.4
وعلى الأولاد كما على الوالدين واجبات هامة في البيت. فيجب أن يتعلموا أنهم جزء من شركة البيت. أنهم يتناولون طعامهم ويكتسون ويتمتعون بالمحبة والرعاية، ويجب عليهم أن يستجيبوا لكل هذه المراجم بالاضطلاع بنصيبهم من اعباء البيت وجلب كل سعادة ممكنة للعائلة التي هم أعضاء فيها. KS 244.5
أحيانا يجرب الأولاد لأن يهتاجوا تحت الردع والنهي ولكن في مقابل العمل يباركون آباءهم على رعايتهم الأمينة وسهرهم الدقيق مما حرسهم وإرشدهم في سنيهم التي كانوا فيها طائشين عديمي الاختبار. KS 244.6