خدمة الشفاء
أساس واسع
إن أسمى علم هو علم تخليص النفوس. وأعظم عمل يمكن أن يصبو إليه بنو الإنسان هو عمل ريح الناس من الخطية إلى القداسة. فلأجل إتمام هذا العمل يجب وضع أساس واسع. فهناك حاجة إلى تهذيب شامل — تهذيب يتطلب من الوالدين والمعلمين تفكيراً وجهداً لا يتطلبهما مجرد تعلم العلوم. فالأمر يتطلب شيئا أكثر من تثقيف العقل . فلن يكون التهذيب كاملا ما لم يهذب الجسم والعقل والقلب تهذيبا متساويا. ويجب أن يتلقى الخلق تدريجيا لائقا ومناسبا حتى يصل إلى أكمل وأسمى نمو ۔ کل قوي الجسم والعقل یجب أن تتنبه وتتحسن وتتدرب تدريبا صحیحا ۔ فواجبنا هو أن نتثقف ونتدرب كل قوة يمكن أن تجعلنا خداماُ اوفر كفاءة في عمل الله. KS 247.3
إن التهذيب الحقيقي يشمل الكيان كله، فهو يعلم الإنسان كيف يستخدم نفسه إستخداما صائبا. وهو يقدرنا على استخدام العقل والعظام والعضلات والجسم والقلب أفضل استخدام. يجب أن تحكم قوى العقل على مملكة الجسم على اعتبار أنها القوی الاسمي، ینبغی أن تُخضع الميول والأهواء الطبيعية للضمير والعواطف الروحية. إن المسيح يقف رأسا للإنسانية، وهو يقصد أن يقودنا في خدمته في المسالك السامية المقدسة للطهارة. فبعمل نعمته العجيب يمكننا أن نتكمل فيه. KS 247.4
لقد تلقى يسوع تهذيبه في البيت. فقد كانت أمه أول معلم بشري له. فمن شفتيها ومن أسفار الأنبياء تعلم عن الأمور السماوية. لقد عاش في بيت قروي، وبكل أمانة وفرح قام بنصيبه في حمل أعباء البيت ، فذاك الذي كان قائد السماء كان خادما راضياً و ابناً مطيعا. لقد تعلم حرفة، وكان يشتغل بيديه في حانوت التجارة مع يوسف. ففي ثوب عامل عادية بسيط كان يسير في شوارع البلدة الصغيرة ذهابه إلى عمله المتواضع وإيابا منه. KS 247.5
إن قيمة الأشياء في نظر الناس في ذلك العصر كانت تقدر بالمظهر الخارجي. وإذ انحطت قوة الديانة وضعفت زادت في مظهرها وابهتها. وقد حاول معلمو تلك الأيام أن يلزموا الناس باحترامهم عن طريق التظاهر والمباهاة. ولكن حياة يسوع كانت على نقيض هذا كله. فقد أظهرت حياته تفاهة تلك الأمور التي كان الناس يعتبرونها من ألزم الأشياء الجوهرية في الحياة. فهو لم يذهب إلى المدارس التي كانت في أيامه، إذ كانت تعظم من شأن الأمور الصغيرة وتحقر من شأن الأمور العظيمة. لقد تلقى تعليمه من مصادر عينتها السماء ، ومن العمل النافع ، ومن درس الكتب المقدسة، ومن الطبيعة، ومن اختبارات الحياة - وهي كتب تعليم الله الملأى بالتعاليم لكل من يقدمون لها اليد المستعدة والعين المبصرة والقلب الواعي الفاهم. KS 248.1
«وکان الصبي ینمو ويتقوي بالروح متتالية حکمة و کانات نعمهٔ الله علیه» (لوقا ۲: 40). KS 248.2
فإذا أعد هكذا خرج إلى خدمته، وفي كل لحظة من لحظات اتصاله بالناس كان يبذل معهم تاثیرها لیبارکهم، و يستخدم قوة لتغییرهم، الأمر الذي لم يشهده العالم من قبل. KS 248.3