خدمة الشفاء
تحريم الخمر
إن الإنسان الذي تكونت في نفسه عادة تعاطي المسكرات هو في حالة ميئوس منها. فعقله ودماغه مريض ، وقوة إرادته ضعيفة. ومن جهة اية قوة في نفسه فإن شهوة الخمر فيه لا يمكن ضبطها أو التحكم فيها. ولا يمكن محاجته أو التفاهم معه أو أقناعه بأن ينكر نفسه. إن من قد عزم على الإقلاع عن السكر، متى اجُتذب إلى مغاور الرذيلة، فهو يُقاد لأن يمسك بالكأس مرة أخرى وإذ يذوق المسكر فإن عزمه الصادق ينهزم لدى أول رشفة منه، وكل ما تبقى فيه من قوة إرادة يتلاشى. فعند أول رشفة من المشروب الذي يصيب متعاطيه بالجنون يتلاشى من نفسه كل فكر عن العواقب ويختفي. فالزوجة المنسحقة القلب تنسى. وذلك الأب الفاجر لا يعود يكترث لأولاده إذا كانوا جياعاً أو عراه . فبواسطة الترخيص المتاجرة في الخمور يصادق القانون يبيح هذا الانحدار النفسي ويرفض تعطيل هذه التجارة التي تملأ العالم بالشر . KS 212.3
وهل ينبغي أن يستمر الحال على هذا المنوال دائما؟ وهل ستظل النفوس تكافح في سبيل النصرة، وباب التجربة مفتوح على مصراعيه أمامها أبدا؟ وهل لابد أن تجثم لعنة الإدمان إلى الأبد كافة في العالم المتمدين؟ وهل لابد أن تظل تكتسح أمامها كل عام الافا من البيوت السعيدة كنار آكلة؟ عندما تتحطم سفينة على مرأى من الشاطئ فالناس لا ينظرون إليها في بلادة أو جمود. ولكنهم يخاطرون بأرواحهم في محاولتهم إنقاذ الرجال والنساء الذين فيها حتى لا يبتلعهم اليم. فكم بالأحرى يجب أن يُبذل مجهود لإنقاذهم من مصير السكير! KS 213.1
ولكن الأمر لا يقتصر على السكير وعائلته فقط الذين هم معرضون للخطر بسبب عمل بائع الخمور، ولاعبء الضرائب هو الشر الوحيد الذي تجلبه تجارته على المجتمع. إننا جميعا مرتبطون معاً في نسيج الإنسانية. فالشر الذي يحيق بأي جزء من الأخوّة البشرية العظيمة يجلب الخطر على الجميع. KS 213.2
كثيراً ما يحدث أن إنسانا بسبب ولعه بالمكاسب أو الراحة لا يريد أن يتدخل للحد من تجارة الخمور، ولكنه وجد بعد فوات الأوان أن هذه التجارة لها دخل به. فلقد رأى أولاده وقد صاروا في ذهول وخراب. فالعصيان يتحول إلى عربدة، والممتلكات تتعرض للخطر. والحياة لا تكون في أمان . و الكوارث والفواجع التي تقع في البحر وعلى اليابسة تتكاثر. والأمراض تنتشر حيث توجد الأقذار. والتعاسة تشق لنفسها طريقا إلى بيوت الأشراف المترفين. والرذائل التي يحتضنها أبناء الدعارة والفجور والجريمة تصيب بعدواها أبناء وبنات العائلات المهذبة والمثقفة. KS 213.3
لا يوجد إنسان إلا وتتعرض مصالحه للخطر بسبب تجارة الخمور. ولا يوجد إنسان إلا وينبغي له أن يعمل على القضاء على هذه التجارة حرصاً على سلامته. KS 213.4
وأكثر من كل الأماكن الأخرى التي لها دخل بالمصالح الزمنية وحدها، يجب على دور التشريع و محاكم العدل أن يتحرر رجالها من لعنة الإدمان . فالحكام وأعضاء مجالس الشيوخ والنواب والقضاة، الرجال الذين يسنون شرائع الأمة ويشرفون على إدارتها الذين بين أيديهم أرواح بني جنسهم وسمعتهم الطيبة وأموالهم ينبغي لهم أن يمتنعوا عن تعاطي الخمور امتناعا باتا. فبهذه الوسيلة وحدها يمكن أن تظل عقولهم صافية للتمييز بين الصواب والخطأ. وبهذه الوسيلة وحدها يمكن أن يكون عندهم ثبات على المبدأ وحكمة لإجراء العدل وإظهار الرحمة. ولكن ما الذي يثبته التقرير؟ وكم من هؤلاء الرجال اظلمت عقولهم ، وتشوش إحساسهم بالصواب والخطأ فلم يميزوا بينهما بسبب المسكرات ؟ وكم من مرة فُرضت القوانين الظالمة! وكم مرة حكم بالموت على الأبرياء بسبب الظلم الذي يرتكبه واضعو القوانين السكيرون، والشهود والمحلفون والمحامون وحتى القضاة ! يوجد كثيرون هم «أبطال على شرب الخمر» وذو «القدرة على مزج المسكر » ويقولون «للشر خيرا وللخير شراً» ، الذين «يبررون الشرير من أجل الرشوة وأما حق الصديقين فينتزعونه منهم». يقول الله عن مثل هؤلاء: «ويل ... » لهم : «كما يأكل لهيب النار القش ويهبط الحشيش الملتهب يكون أصلهم كالعفونة ويصعد زهرهم كالغبار لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود واستهانوا بكلام قدوس إسرائيل » (إشعياء 5 : ٢٢ - ٢٤) ان كرامة الله واستقرار الأمة وخير المجتمع وخير البيت وخير الفرد تستدعي بذل كل جهد ممكن في إيقاظ الناس لرؤية شر الإدمان . إننا سرعان ما ترى عاقبة هذا الشرالرهيب كما لا نراه الأن. من ذا الذي يبذل جهدا صادقا ثابتا لوقف عمل الهلاك ؟ إن الصراع لم يبداً يعد. فليُعبأ جيش لوقف بيع المسكرات التي توقع الناس في الجنون، ويوضح للناس ضرر المتاجرة بالخمور، وليُخلق شعور يطلب تحريمها، وليُعط الناس الذين أفقدتهم الخمر عقولهم فرصة للهروب من عبوديتهم، وليرفع أبناء الأمة أصواتهم طالبين من واضعي قوانينهم أن يوقفوا هذه التجارة الشائنة. KS 213.5
«أنقذ المنقادين إلى الموت والممدودين للقتل، لا تمتنع. إن قلت هوذا لم نعرف هذا أفلا يفهم وازن القلوب وحافظ نفسك ألا يعلم. فيرد على الإنسان مثل عمله» (أمثال 24 : 11 و ۱۲)، و « ماذا تقولین حین یعاقبك» (ارمیا ۲۱:۱۳). KS 214.1
ان الحياة مدرسة للتعليم ويتخرج فيها الوالدون
والابناء للالتحاق بالمدرسة العليا في منازل الله