التربيـــة

31/60

مَبَادئ العَمَل وَاسَاليٌبه

لا يوجد فرع من فروع العمل الشرعي الا ويقدم له الكتاب المقدس اعدادا جوهریا . فمبادئه عن الاجتهاد والامانة والاقتصاد والتعفف والطهارة هي السر في نجاحه الحقيقي . فهذه المبادئ كما هي واردة في سفر الامثال تکون خزانة الحكمة العملیة . فأین یستطیع التاجر أن يجد كل منهم لنفسه أو لمرؤوسه مبادئ مقررة افضل من هذه التی توجد قی کلام الحکیم حین یقول : Tr 158.1

«أرأيت رجلا مجتهدا في عمله. أمام الملوك يقف لا يقف أمام الرعاع» ( أمثال ۲۲ : ۲۹) Tr 158.2

«في كل تعب منفعه . وكلام الشفتين انما هو الى الفقر» ( أمثال 14 : ۲۳) Tr 158.3

«نفس الكسلان تشتهی ولا شیء لها» «السكیر والمسرف یفتقران والنوم یکسو الخرق» ( أمثال ۱۳ : 4 ؛ 23 : 21 ) Tr 158.4

«الساعي بالوشاية يفشي السر . فلا تخالط المفتح شفتیه» (أمثال 20 : ۱۹ ) Tr 159.1

«ذو المعرفة یبقی کلامه» لكن «کل أحمق ینازع» (أمثال 17 : 27 ؛ 20 : 3 ) Tr 159.2

« لا تدخل فی سبیل الاشرار » « او یمشی انسان علی أنجمر ولا تكتوی رجلاه » ( أمثال4 : 14 ؛ 6 : 28) Tr 159.3

« المسایر الحکماء بصیر حکیما » ( أمثال ۱۳ : 20) Tr 159.4

« ذو الاصدقاء ينبغي أن يبدي الصداقة ورب صديق اقرب علاقة من الاخ » ( امثال ۱۸ : 24) (طبعة سنة ۱۸۷۸) Tr 159.5

أن كل دائرة التزامنا لبعضنا البعض يجيبنا عليها قول المسیح : «فکل ما تریدون أن یفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ایضا بهم » ( متی ۷: ۱۲ ) Tr 159.6

کم من الناس کان یمکن أن ینجوا من الافلاس و الخراب لو انهم التفتوا الی الانذارات المتکررة والتی تشدد علیها كلمة الله Tr 159.7

« المستعجل الی الغنی لا یبرأ » ( أمثال ۲۸ :20 ) « غنی البُطل یقال والجامع بیده یزداد » ( أمثال ۱۳ : 11 ) Tr 159.8

« جمع الكنوز بلسان كاذب هو بخار مطرود لطالبی الموت » ( أمثال ۲۱ : 6) Tr 159.9

«المقترض عبد للمقرض». ( أمثال ۲۲ : ۷) Tr 159.10

«ضررا یضر من یضمن غریبا . من یبغض صفق الایدی مطمئن» ( أمثال ۱۱ : 15 ) Tr 160.1

«لا تنقل التخم القديم ولا تدخل حقول الايتام . لان ولیهم قوی . هو یقیم دعواهم علیك» . Tr 160.2

«ظالم الفقير تكثيرا لماله ومعطي الغني انما هما للعوز» . «من يحفر حفرة يسقط فيها ومن يدحرج حجرا یرجع علیه» ( أمثال ۲۳ : 10 و ۱۱ ؛ ۲۲ :16؛26 : 27 ) Tr 160.3

هذه هي المبادئ التي يرتبط بها خير المجتمع وسعادته ، للمعاشرات الزمنية والدينية . ان هذه المبادئ هي التي تعطي الضمان لسلامة الاموال والحياة . لان كل ما يجعل الثقة والتعاون من الامور الممكنة نجد العالم مدينا فيه لشريعة الله كما هي مقدمة في كلمته ، وكما لا نزال نلاحظه في الامور الغامضة وتكاد تكون مطموسة من قلوب الناس Tr 160.4

ان قول المرنم : «شريعة فمك خير لي من الوف ذهب وفضه» ( مزمور ۱۱۹ : ۷۲ ) یبین ما هو حق من غیر وجهة النظر الدينية . هذا الكلام يقرر حقا مطلقا كاملا ، حقا معترفا به فی دنیا العمل . فحتی فی هذا العصر عصر اشتهاء جمع المال الذي اشتدت فيه المنافسة وصارت أساليبها سافلة ومستهترة لا يزال كثيرون يعترفون أنه بالنسبة الى الشاب الحديث العهد بالحياة يتبرهن أن الاستقامة والاجتهاد والتعفف والطهارة والاقتصاد تكون رأس مال افضل من ایة کمیة من المال یمکنه ان یجمعها ومع ذلك فحتى من بين من يقدرون هذه الصفات ویعترفون بأن الكتاب هو مصدرها لا يوجد غیر القلیلین الذين يعترفون بالمبادئ التي تستند عليها Tr 160.5

أن ما يمكن في اساس الاستقامة في العمل والنجاح الحقيقي هو الاعتراف بملكیة الله . ان خالق كل الاشياء هو المالك الاصلی ونحن وكلاؤه لا اکثر . فکل ما نملکه هو امانة مودعة لدينا منه لتنفق بحسب توجيهاته Tr 161.1

هذا التزام یقع علی کل انسان . وله دخل فی کل محيط النشاط البشري . وسواء اعترفنا بذلك ام لم نعترف فأننا وكلاء سلمنا الله وزنات ومساعدات و قد وجدنا في العالم لنقوم بعمل قد عينه هو لنا Tr 161.2

لقد أعطي لكل واحد «عمله» ( مرقس ١٢ : 34 ) ، العمل الذي تؤهله له امكانياته ، العمل الذي ينتج عنه اعظم خير له ولبني جنسه ويعطي اعظم المجد الله Tr 161.3

وهكذا نرى أن عملنا أو دعوتنا هي جزء من خطة الله العظيمة ، وطالما نتصرف فيها طبقا لمشيئته فهو نفسه المسؤول عن النتائج «عاملان مع الله» (1 كورنثوس 3 : ٩) ، فعملنا ودورنا في العمل هو الامتثال بامانة لتوجيهاته . وهكذا فلا يوجد مكان لهم او الجزع . انما يطلب الاجتهاد والولاء والحرص والاقتصاد والفطنة . فكل مقدرة عقلية يجب استخدامها الی أقصي امكانیاتها واسماها . ولكن ينبغي عدم الاعتماد على النتيجة الناجحة لجهودنا بل على وعد الله. فالكلمة التي عالت العبرانيين في البرية واسندت أيليا في أيام الجوع لها نفس القوة اليوم . «فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل او ماذا نشرب . . . اطلبوا أولا ملکوت الله وبره وهذه کلها تزاد لكم» (متی 6: ۳۱ - ۳۳) Tr 161.4

ان ذاك الذي يعطي الناس القدرة لاصطناع الثروة قرن بهذه العطیة التزاما . فمن کل ما نملکه یطالب هو بنصیب معین . فالعشر للرب «کل عشر الارض من حبوب الارض وأثمار الشجر» «کل عشر البقر والغنم . . . یکون العاشر قدسا للرب» ( لاویین ۲۷ : 30 و ۳۲) . والعهد الذی أخذه یعقوب علی نفسه فی بیت ایل یرینا مدی الالتزام . فقد قال : « کل ما تعطینی فأنی اعشره لك » (تكوین ۲۸ : ۲۲) Tr 162.1

وقد امر الله شعبه قائلا : «هاتوا جميع العشور الى الخزنة» (ملاخي3 : 10 ) . فلا تقدم استغاثة الى الشكر أو الكرم . فهذه هي مسألة أمانة فقط . فالعشر هو للرب وهو يأمرنا ان نرد له ماله . Tr 162.2

« ثم یُسأل فی الوكلاء لكی یوجد الانسان امینا» ( ۱ کورنثوس4 : ۲ ) . فاذا کانت الامانه مبدا جوهريا في أعمال الحياة أفلا يجب علينا أن نعترف بالتزامنا الله - الالتزام الذی هو أساس کل التزام آخر ؟ Tr 162.3

اننا بموجب شروط وكالتنا نحسن قد وضعنا تحت التزام لا الله وحسب بل أيضا للانسان. أن كل انسان مديون لمحبة الفادي اللامحدودة لاجل هبات الحياة . فالمأكل والملبس والمأوی ، الجسم والعقل والنفس ۔ کلھا مقتنى دمه . وبواسطة الالتزام بالشكر والخدمة المفروضين علينا هكذا ربطنا المسيح ببني جنسنا. انه يأمرنا قائلا : «بالمحبة أخدموا بعضكم بعضا» (غلاطیة 5 : ۱۳) : «بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر في فعلتم» ( متى 25 : 40 ) Tr 162.4

ان بولس یعلن قائلا : «أني مديون لليونانيين والبرابرة للحكماء والجهلاء» ( رومية 1 : 14 ) . وكذلك نحن أيضا . فبسبب کل ما تبارکت به حیاتنا اکثر من غیرنا نحن تحت التزام لكل انسان يمكننا أن ننفعه ونخدمه Tr 163.1

ان هذه الحقائق ليست لتخزن ولا هي لتوضع في غرفة الاحصاءات . فالاشياء التي نستعملها لیست ملكا لنا ، ونحن لن يمكننا أن نأمن على انفسنا اذا تناسينا هذه الحقيقة. فلسنا الا وكلاء وعلى حسن تصرفنا في القیام بالتزاماتنا الله وللانسان تتوقف سعادة بني جنسنا ومصيرنا نحن في هذه الحياة والحياة العتيدة Tr 163.2

« یوجد من یفرق فیزداد ایضا ومن یمسك اکثر من اللآئق وانما الى الفقر . النفس السخية تسمن والمروي هو ایضا یروی » ” ارم خبزك علی وجه المیاه فانك تجده بعد ایام کثیرة » ( امثال ۱۱: ۲4 و ه۲ : جامعة ۱۱ : ۱ ) Tr 163.3

«لا تتعصب تصیر غنیا . . . هل تطیَّر عینیك نحوه وليس هو . لانه انما يصنع لنفسه أجنحة . كالنسر يطير نحو السماء» (أمثال 23 : 4 و 5 ) Tr 163.4

«أعطوا تعطوا. كیلا جیدا ملبد مهزوزا فائضا يعطون فی أحضانكم . لانه بنفس الكیل الذي به تكیلون یكال لكم» ( لوقا 6 : ۳۸) Tr 163.5

«اکرم الرب من مالك ومن کل باکورات غلتك فتمتلئ خزائنك شبعا وتفيض معاصرك مسطارا» ( أمثال 3 : 9 و 10 ) Tr 164.1

«هاتوا جمیع العشور الی الخزانه لیكون فی بیتی طعام وجربونی بهذا قال رب الجنود ان كنت لا افتح لكم كوی السموات وافیض علیکم برکه حتی لا توسع . و انتهر من أجلكم الأكل فلا یفسد لکم ثمر الارض ولا یعقر لكم الكرم فی الحقل . . . ویطوبكم کل الامم لانكم تكونون ارض مسرة » ( ملاخی ۳ : ۱۰ - ۱۲) Tr 164.2

«اذا سلكتم فی فرائضی و حفظتم وصایاي و عملتم بها أعطي مطركم في حينه وتعطي الارض غلتها وتعطي أشجار الحقل اثمارها . ويحق دراسكم بالقطاف ويلحق القطاف بالزرع فتأكلون خبزکم للشبع و تسكنون فی أرضكم آمنین . واجعل سلاما في الارض . . . وليس من يزعجكم » ( لاويين 26 : 3 — 6 ) . Tr 164.3

«اطلبوا الحق انصفوا المظلوم اقضوا للیتیم حاموا عن الارملة» «طوبی للذي ینظر الی المسكین . فی یوم الشر ینجیه الرب . الرب یحفظه و یحییه . يغتبط وی الارض و لا یسلمه الى مرام أعدائه» «من يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفه یجازیه» ( اشعیاء ۱: ۱۷ ؛ مزمور 41: ۱ و ۲ ؛ أمثال 19 : 17) Tr 164.4

أن من یشغل أمواله ويستثمرها هكذا یكنز لنفسه کنزا مضاعفا ففضلا عن كونه لا بد ان یترك کل شیء في النهاية مهما يكن مبلغ حكمته في حسن استخدامه فأنه يكنز لنفسه ثروة للابدية ـ وهي كنز ذلك الخلق الذي هو أنمن أرت في الارض وفي السماء Tr 165.1