التربيـــة
درس في الثقة
«فاسأل البهائم فتعلك وطيور السماء فتخبرك . . . ويحدثك سمك البحر» «اذهب الى النملة . . . تأمل طرقها »، «انظروا الى طيور السماء» «تأملوا الغربان» ( أيوب 12: 7 و8 ؛ أمثال 6 : 6 متى 6 : 26 ، لوقا 12 : 24 ) Tr 137.2
يجب علينا لا إن نخبر الطفل عن خلائق الله وحسب ، فالبهائم نفسها يجب أن تعلم الطفل . فالنمل يعلم دروس. العمل الدؤوب في صبر والمثابرة في تخطى العقبات ، وعن العناية بالمستقبل • والطيور تعلمنا من درس الثقة الحلوة. أن ابا السماوي يدبر لها طعامها انما عليها أن تجمع طعامها ، وعليها أن :نبني أعشاشها وتربي صغارها . انها في كل لحظة تتعرض للاعداء الذين اهلاكها . ومع ذلك فبأي فرح تباشر عملها ! وما أعظم الفرح الذي يشيع في أغاريدها الصغيرة ! Tr 137.3
وما أجمل ما يصف به المرنم العناية التي بها يرعى الله الخلائق التي تسكن في الغابات . «الجبال العالية الوعول الصخور ملجأ للوبار» ( مزمور 104 : ۱۸ ) . انه یرسل ینابیع الماء التجري بین الاکام حیث يوجد مسکن الطیور ، و « من بين الاغصان تسمع صوتا» ( مزمور 104 : ۱۲ ) . وكل الخلائق التي تسكن في الغابات. والاكام هي جزء من بیته العظیم . انه ی فتح یده فیشبع « کل حي رضی » ( مزمور ١٦:145 ) Tr 138.1
أن النسر الساكن في جبال الالب أحيانا تسقطه العاصفة الى طريق ضيق بين الجبال . ثم ان السحب التي تسوقها العواصف تحبس هذا الطائر الجبار الساكن في الغابات ، وتلك السحب المظلمة تباعد ما بينه وبين المرتفعات التی تنیرها الشـمس حیث جعل مسکنه . وجهوده التي يبذلها لينجو تبدو عديمة الجدوى . فيندفع هنا وهناك وهو يضرب الهواء بجناحيه القويين ويوقظ سكون الجبال بصدى صرخاته . وأخيرا فبزعقة الانتصار ینطلق الی فوق ، واذ یخترق السحب یعود مرة أخری الی حيث نور الشمس الصافي تاركا الظلام والعواصف في الحضیض . وهكذا نحن قد تکتنفنا الصعوبات والمفشلات والمخاوف والظلام. فالكذب والمصائب والظلم قد تحبسنا ، وتوجد غیوم لا نستطیع ان نبددها ، وعبثا نصارع ونکافح الظروف . ولا يوجد غير طريق واحد للنجاة . ان الطل والضباب ینزلان علی الارض ، وفوق السحب یضیء نور الله . ونحن یمكننا ان نصعد و نرتفع الی نور شمس محضره على اجنحة الايمان Tr 138.2
كثیرة هی الدروس التي یمكننا أن نتعلمها هکذا . فتتعلم درس الاعتماد على الذات مسمن الشجرة التي أذ تنمو وحدها في السهل أو عند سفح الجبل تمد أصولها في أعماق الارض وبقوتها العابسة تتحدى العاصفة . وان قوة التأثير الباكر اذ تلوى الشجرة وهي بعد صغيرة ويشَّوه جذعها ، لالا يمكن لاية قوة أرضية بعد ذلك أن تعید الیها تناسقها و جمالها اللي ضاع . ونتعلم سر الحیاة و هي محاطة بالاعشاب والاقذار تمد جذعها المجوف الی الرمال النقية في الاسفل واذ تستمد من هناك حياتها ترفع ازهارها العبقة الى النور في طهارة ونقاء لا تشوبهما شائبة Tr 139.1
وهكذا كما يحصَّل الاولاد والشباب معرفة الحقائق من المعلمين والكتب المدرسية ، ليتعلموا أن يقتبسوا دروسا ویدركوا الحق لانفسهم . ففي عنایتهم بالبستان أسألوهم عما يتعلمونه من أمر العناية بأغراسهم . وعندما يتطلعون الى منظر حقل جميل أسألوهم لماذا البس الله الحقول والغابات بمثل تلك الالوان المتعددة الجميلة . لماذا لم یكن کل شیء بلون احمر داكن کئیب ؟ وعندما یجمعون الازهار دعوهم يفكرون في السبب الذي لاجله أبقي جمال هذه الاشياء التي كانت قبلا في جنة عدن . وعلموهم أن یلاحظوا البراهین الظاهرة فی کل مكان في الطبیعة عن تفكیر الله فینا ومطابقة کل الاشیاء لحاجاتنا و سعادتنا Tr 139.2
أن من يلاحظ في الطبيعة عمل يدي الآب السماوي . وفي خصوبة الارض وجمالها يقرأ كتابة يد الآب ، هو وحده الذي يتعلم من أشياء الطبيعة دروسها العميقة جدا ويقبل اسمی خدماتها . وهو وحده الذي يستطيع ان يقدر تقديرا كاملا معنى ودلالة التل والوادي والنهر والبحر والذي ينظر اليها على انها تعبير عن فكر الله واعلان عن الخالق Tr 140.1
أن أمثلة كثيرة من الطبيعة يستعمها كتبة اسفار الکتاب ، ونحن أذ نلاحظ أمور العالم الطبیعی سنكون قادرین بارشاد الروح القدس علی أن ندرك أدراکا کاملا دروس كلمة الله . وهكذا تصير الطبيعة خزانة الكلمة ( الالهية ) Tr 140.2
ویجب تشجیع الاولاد على أن ينقبوا في الطبيعة عن الاشیاء التی تشرح تعالیم الکتاب ولیتتبعوا فی الكتاب الصور المقتبسة من الطبيعة . عليهم أن يفتشوا في الطبيعة وفي الاسفار المقدسة عن كل شيء یرمز الی المسیح وكذالك عن كل الاشياء التي استخدمها في شرح الحق . و هکذا یمکنهم أن يتعلموا ان يروه فی الشجرة وفي الكرمة وفي الوردة وفي السوسنة ، في الشمس وفي النجم . ويمكنهم ان يتعلموا سماع صوته في أغرودة الطيور وفي حفيف أوراق الاشجار وفی هزیم الرعد وفی موسیقی میاه البحر . وكل ما في الطبيعة سيردد لهم دروسه الثمينة Tr 140.3
فالذین یتعر فون بالسیح هكذا لن تكون الارض بالنسبة الیهم مكانا موحشا و مقفرا ، بل ستكون بیت أبیهم المملوء بحضور من قد عاش بينهم قبلا Tr 141.1