التربيـــة

8/60

حَيَاة عُظمَاء الرّجَال

أن التاريخ المقدس يقدم كثيرا من الايضاحات عن نتائج التربية الصحيحة . فهو يقدم كثيرا من المثل النبيلة لرجالی صیغت أخلاقهم بحسب التوجیه الالهی. والذین کانت حیاتهم برکه لبنی جنسهم وصمدوا فی العالم کنواب عن الله .بين هؤلاء نجد يوسف ودانیال وموسى والیشع وبولس - أعظم رجال السیاسة , وأحكم مشترع ، وواحد من اعظم المصلحين أمانة ، وفيما عدا ذالك الذي لم يتكلم مثله انسان نجد أشهر معلم عرفه العالم Tr 59.1

أن یوسف. ودانیال ، في بكور الحیاة عندما كانا ینتقلان من الشباب الى الرجولة فصلا عن بیتیهما وحملا اسیرین الى بلاد وثنية . أما یوسف علی الخصوص فقد استهدف للتجارب التي تلازم التغييرات العظيمة في الحظوظ . ففي بیت أبیه کان معززا ومحبوبا منه ، وفي بیت فوطیفار کان عبدا ثم أمين سر ورفيقا ورجل أعمال تهلب عن طريق الدرس والملاحظة والاحتكاك بالناس ، وفي سجن فرعون کان اسیرا سیاسیا محکوما علیه ظلما دون امل التبرئة او اطلاقه حرا ، وقد دعي في وقته ضائقة عظيمة لقيادة الامة ـ ترى ما الذي اعانه علی الاحتفاظ باستقامته ؟ Tr 59.2

لا یستطیع انسان ان بقف علی مرتفع عظیم بدون خطر يهدده . فكما أن العاصفة التي تترك زنبقة الوادي سليمة بلا اذى تقتلع الشجرة المغروسة فوق قمة الجبل ، كذلك التجارب العنيفة التي تترك المتضعين في الحياة دون أن تمسهم تهاجم أولئك الذين يتبوأون قمة النجاح والكرامة فی العالم . ولکن يوسف تحمل امتحان البلوی والنجاح کلیهما . فنفس الولاء کان ظاهرا قی قصر فرعون کما فی زنزانة السجين Tr 60.1

لقد تعلم يوسف فی صباه ان یحب الله ویتقیه . فعتدما كان يجلس مع أبيه في الخيمة في الليالي الصافية ومن فوقهما تلمع الکواکب فی سماء ارام کثیرا ما کان ابوه يسرد عليه قصة الرؤيا التي رآها في الليل وهو في بيت ايل ، عن السلم المرتكزة على الارض ورأسها يمس السماء والملائكة ينزلون ويصعدون عليها وعن ذالك الذي أعلن ذاته ليعقوب من علیاء السماء ، وقد اخبر بقصة الصراع الذي حدث بجوار مخاضة يبوق ، اذ بعدما طرح يعقوب عنه خطاياه المحبوبة منتصرا واع علي لقب اسرائیل ، امیر مع الله Tr 60.2

فاذ کان یوسف فتی راعیا یرعی غنم ابیه فان حیاته حياة الطهارة والبساطة رافقت وأعانته نضوج قواه البدنية والعقلية . وبواسطة شركته مع الله عن طريق الطبيعة وتفهم الحقائق العظيمة المسلمة له كوديعة مقدسة من الاب لابنه اكتسب قوة في العقل وثباتا على المبدأ Tr 60.3

وفي ازمة حياته وهو يقوم بتلك الرحلة المخيفة مسن البیت الذی فیه قضی سنی طفولته و صباه فی کنعان الی العبودية التي كانت تنتظره في مصر ، وهو يتطلع لآخر مرة الی الاکام التی کانت تخفی خیام بیت ابیه ذکر یوسف اله ابیه ، و ذکر الدروس التی کان قد تعلمها فی طفولته فاهتزت نفسه ومشاعره اذ عزم علی ان یبرهان علی امانته ، فیتصرف دائما کما یلیق ہمن هو من رعایا ملك السماء Tr 61.1

ففي تلك الحياة المريرة حياة عبد غريب ، وفي وسط مشاهد وجلية الرذيلة وأغراءات العبادة الوثنية ، تلك العبادة المحوطة بكل جواذب الثروة والثقافة والابهة الملكية ظل يوسف ثابتا. فقد تعلم درس الطاعة للواجب. فالامانة فى کل المواضع و المراکز من ادناها الی اعلاها در بیت کل قوة فيه للخدمة الاسمى Tr 61.2

وفى الوقت اللی فیہ دعی یوسف الی بلاط۔ فرعون كانت مصر الدولة العظمى بين الامم . فلم تكن هنالك دولة تبارها في المدنية أو الفنون أو العلوم . ففي فترة كانت اشد الاوقات صعوبة وخطرا أدار يوسف دفة شؤون المملكة وقد فعل ذلك بكيفية ظفر فيها بثقة الملك والشعب . أن فرعون : « اقامه سیدا علی بیته و مسلطا علی کل ملکه لیأسر رؤساءه حسب أرادته ويعلم مشايخه حكمة » ( مزمور١٠٥: ٢١و٢٢) Tr 61.3

وقد اورد لنا الوحي الالهي سر حياة یوسف . ففي كلمات قوة وجمال إلهيين اذ كان يعقوب ينطق بكلمات البرکة لاولاده تکلم قائلا عن ابنه الحبیب: Tr 62.1

« يوسف غصن شجرة مثمرة غصن شجرة مثمرة على عين Tr 62.2

«أغصان قد ارتفعت فوق حائط . فمررته واضطهدته أرباب السهام Tr 62.3

«ولکن ثبتت بمتانه قوسه و تشددت سواعد یدیه Tr 62.4

«من يدي عزيز يعقوب من هناك من الراعي صخر اسرائیل Tr 62.5

«من اله ابیك الذي یعیینك ، و من القادر علی کل شیء الذى يباركك Tr 62.6

«تأتي بركات السماء من فوق وبرکات الفمر الرابضں تحت . . . Tr 62.7

«برکات ابيك فاقت علی برکات ابوي. الى منية الاکام الدهریة Tr 62.8

«تکون علی رأس یوسف و علی قمة نذیر اخوته» (تكوين ٤٩: ٢٢ -٢٦) Tr 62.9

أن الولاء والايمان بغير المنظور کان مرساة یوسف . ففی هذا کانت تکمن قوته Tr 62.10

«تشددت سواعد يديه Tr 62.11

«من یدی عزیز یعقوب» Tr 62.12