التربيـــة
علاقة اللبُسّ بالتربية
أن التربية لا يمكن أن تكون كاملة اذا لم تعلم مبادئ صالحة بخصوص اللبس . فبدون مثل هذا التعليم يتعطل عمل التربية في أغلب الاحيان وينعكس أو ينحرف . فحب اللبس والتعبد للموضة هما من ارهب المنافسين للمعلم ومن افعل المعطلات له Tr 290.1
الموضة هي السيدة التي تحكم بقضيب من حديد . ففي بيوت كثيرة جدا تنصرف قوة الآباء والاطفال وينفق وقتهم ویتجه انتباههم الی اجابه مطالیبها . فالاغنیاء يطمعون في ان يتفوق بعضهم على بعض في الامتثال لأزيائها الدائمة التغير ، والطبقات المتوسطة وطبقات الفقراء تحاول الاقتراب من المقياس الذي وضعه أولئك الذين يفترض انهم أعلی منهم . وحیث یكون المال أو القوة محدودین والطموح نحو الكیاسة عظیما فالعبء یکاد یکون فوق طاقة الاحتمال Tr 290.2
ان کثیرین لا یهمهم کم یکون الثواب لائقا أو حتی جمیلا لو تغيرت الموض والتزموا هم بان يعيدوا صنعه أو يلقوا به جانبا . ان أفراد العائلة محكوم علیهم بان یكدوا ویتعبوا بلا راحة ولا هوادة . ولا وقت لديهم لتربية أولادهم ، ولا وقت للصلاة ودرس الكتاب ، ولا وقته فيه يساعدون الصغار لأن يتعرفوا عن طريق اعماله Tr 291.1
ولا يوجد وقته ولا مال لأجل الاحسان . وغالبا ما تکون مائدة العائلة فقيرة وضيقة ، والطعام أسيء انتقاؤه واعد بعجلة ، ومطالیب الطبیعة تسد جزئیا . فتکون النتيجة عادات رديئة في الغذاء تخلق المرض وتقود الى عدم الاعتدال Tr 291.2
ان حب المفاخرة والتظاهر ينتج الاسراف ، وفي حياة کثیرین من الشباب یقتل الطموح الى حیاۃ انبل ، وبدلا من طلب التربية يبادرون في بكور شبابهم الى تعلم حرفة يكسبون من ورائها مالا لأجل الانغماس في شهوة اللبس . وعن طريق هذه الشهوة كثيرا ما يغرر بفتاة فتتحطم أخلاقها وحياتها Tr 291.3
وفي العديد من البيوت كثيرا ما ترهق موارد العائلة ، فالاب لعجزه عن سد کل مطالیب الام والاولاد یجـَّرب ان يرتكب الخيانة والاختلاس ، وهنا ايضا تتلطخ العائلة بالعار ويحل بها الدمار Tr 291.4
وحتى اليوم وخدمات العبادة غير معفاة من سيطرة الموضة . ولكن هذه بالحري تقدم لها فرصة لمزيد من المفاخرۃ بقوتھا . و قد صارت الکنیسة میدانا للعرض فتَدرس الموض بدلا من العظة . فالفقراء لعجزهم عن مواجهه مطالیب العُرف یتغیبون عن الکنیسة کلیة ، فيُصرف يوم الراحة في البطالة والكسل ، اما الشباب فيصرفونه في المعاشرات الردية المفسدة للاخلاق Tr 291.5
وفي المدارس تكون الفتيات بسبب اللبس غير المناسب وغير المريح غير مؤهلات لا للدرس ولا للتسلية . فعقولهن تکون مشغولة فتکون مهمة المدرس شاقة فی ایقاظ اهتمامهن Tr 292.1
فلأجل تحطيم الموضة كثيرا ما لا يجد المدرس وسيلة أفعل من الارتماء في احضان الطبيعة . فليتذوق التلاميذ الافراح التي توجد بجانب النهر او البحيرة او البحر . فليتسلقوا الآكام وينظروا الى مجد الشمس عند غروبها ، ولیكتشفوا کنوز الغابة والحقل ، ولیتعلموا فرح غرس النباتات والازهار ، وحينئذ تصبح اضافة شريط . او زرکشة امرا تافها لا قیمة له Tr 292.2
أرشدوا الشباب لان يروا ان في اللبس وفي الطعام لا بد من ان تکون المعیشة بسیطة لیکون التفکیر سامیا . أرشدوهم الى کثرة وضخامة ما یجب علیهم ان یتعلموه ويفعلوه ، والقيمة الثمينة الغالية التي لايام الشباب كاستعداد لعمل الحياة . وساعادوهم على ان يروا أي الكنوز توجد في كلمة الله وفي كتاب الطبيعة وفي تاريخ ذوي الحياة النبيلة Tr 292.3
ولتتجه عقولهم الى الآلام التي يستطيعون تخفيفها . وساعدوهم على أن يروا ان من ينفق مالا لمجرد الظهور يحرم نفسه من المال الذي كان يمكن ان يطعم به الجياع ویكسو العراة ویعزي المحزونین Tr 293.1
ينبغي لهم الا يخسروا فرص الحياة المجيدة ويضعفوا عقولهم ويدمروا صحتهم ويحطموا سعادتهم اطاعة لأوامر لا اساس لها في العقل أو الراحة أو الجمال Tr 293.2
وفي نفس الوقت يجب على الشباب أن يتعلموا أن یمیزوا درس الطبیعة . « صنع الکل حسنا فی وقته » ( جامعه ۳ : ۱۱ ) . ففی اللبس کما فی کل شیء آخر هو امتياز لنا أن نمجد خالقنا . أنه يريد أن يكون لباسنا لائقا وملائما فضلا عن کونه نظیفا و صحیا Tr 293.3
أن أخلاق الانسان یحكم علیها من طراز لبسه . فالذوق المهذب والعقل المثقف یكشفان فی اختیار الزي البسيط اللائق . فالبساطة الطاهرة في اللبس متى صاحبتها الحشمة في السلوك كفيلة بان تحيط الشابة بذلك الجو جو التحفظ المقدس الذي سيكون لها بمثابة درع يقيها من آلاف المخاطر Tr 293.4
لتتعلم الفتيات أن فن اللبس الحسن يشمل أيضاً القدرة على ان يصنعن ملابسهن بايديهن . هذا مطمح يجب علی کل فتاة أن تصبو الیه . وهو سیكون وسیلة للنفع والاستقلال اللذين ينبغي الا تضيعهما Tr 293.5
انه أمر صائب أننا نحب الجمال ونشتاق الیه ولکن Tr 293.6
یریدنا الله ان نحب الجمال الاسمی و نطلبه أولا - مالا يفنى . أن أندر منتجات المهارة البشرية ليس فيها من الجمال ما يضارع جمال الخلق الذي هو في نظر الله ” كثير الثمن “ Tr 294.1
ليتعلم الشباب والصغار أن يختاروا لانفسهم تلك الحلة الملوكیة المنسوجة علی نول السماء « بزا نقیا بهیا » (رؤیا ۱۹ : ۸ ) ، اللي سیلبسه کل قدیسی الارض . فهذا الثوب الذي هو صفات المسیح الذي بلا عیب یقدم مجانا لکل انسان . ولکن کل من یحصلون علیه یجب ان یلبسوه هنا في هذه الحياة Tr 294.2
ليتعلم الاطفال انهم اذ يفسحون في عقولهم المجال لافكار المحبة والطهارة ويقدمون خدمات المحبة والعون فهم يتسربلون بثوب خلقه الجميل . هذا الثوب يجعلهم حسان النظر ومحبوبین هنا ، وفی الابدیة سیکون جواز دخولهم الى قصر الملك . وهذا ما وعد به : « سیمشون معی في ثیاب بیض لانهم مستحقون » (رؤیا ۳ : 4 ) Tr 294.3