الأنبياء والملوك

56/70

الفصل السابع والأربعون— يهوشع والملاك

إن التقدم المستمر الذي أحرزه البناؤون في إقامة الهيكل أحبط مكايد جيوش الشر وأفزعهم جداً. وقد قصد الشيطان أن يبذل مجهوداً آخر لإضعاف شعب الله وتثبيط عزائمهم وذلك بكشفه عن نقص أخلاقهم. فلو أمكن إغراء أولئك الذين تألموا طويلاً من جرّاء عصيانهم، للاستهانة بوصايا الله لأمكن استدراجهم مرة أخرى للوقوع تحت عبودية الخطيئة. AM 465.1

فلأن شعب إسرائيل قد اختيروا لحق معرفة الله في الأرض صاروا هدفاُ خاصاً لعداوة الشيطان، فعقد العزم على إهلاكهم. وهو لم يتمكن أن يلحق بهم أي أذى طالما كانوا طائعين، ولذلك حشد كل قواه ودهائه لإغوائهم على ارتكاب الخطيئة. فإذ نشبت أقدامهم في إشراك تجاربه تعدوا بذلك على شريعة الله وتُركوا عندئذ فريسة سهلة المنال لأعدائهم. AM 465.2

ولكن مع كونهم سبوا إلى بابل فالله لم يتركهم. فهو أرسل لهم أنبياءه للتوبيخ والإنذار، فأيقظونهم لرؤية آثامهم. فلما تواضعوا وتذلّلوا أمام الله ورجعوا إليه بتوبة صادقة أرسل إليهم رسائل تشجيع مُعلناً لهم أنه سيُرجعهم من أرض سبيهم ويعود للرضى عنهم ويثبتهم مرة أخرى في أرضهم. والآن بعدما بدأت عملية إرجاعهم وعادت بقية منهم إلى اليهودية، فقد عوّل الشيطان على إحباط تنفيذ قصد الله. ولأجل تلك الغاية كان يحرّض الأمم الوثنية على إهلاكهم تماماً. AM 465.3

ولكن الله شدّد شعبه في هذه الأزمة: ”بكلام طيب وكلام تعزية“ (زكريا 1 : 13). فبواسطة تصير مؤثر لعمل الشيطان وعمل المسيح برهن على قدرة وسيطهم على قهر المُشتكي على شعبه. AM 466.1

فقد شاهد النبي في رؤيا: ”يهوشع الكاهن العظيم، لابساً ثياباً قذرة، وواقفاُ قدّام ملاك الرب“ (زكريا 3 : 1، 3)، وهو يتوسّل طالباً من الرب الرحمة لشعبه المُجرّب. فإذ كان يتوسّل إلى الله طالباً تتميم مواعيده لهم، وقف الشيطان ليقاومه بجرأة. وهو يشير إلى تعدّيات إسرائيل كذريعة يتعلّل بها كيلا يعود الرب للرضى عنهم. وهو يدّعي أنهم غنيمة ويطلب تسليم إلى يديه. AM 466.2

أما الكاهن العظيم فلا يستطيع أن يدفع عن نفسه أو عن شعبه اتّهامات الشيطان. وهو لا يدّعي أن شعب الله مناهزاً عن الخطأ. فهو يقف أمام الملاك لابساً ثياباً قذرة ترمز إلى خطايا الشعب التي يحملها كنائب عنهم مُعترفاً بآثامهم ولكنه مع ذلك يشير إلى توبتهم وتذلّلهم مستنداُ على رحمة الفادي الغافر الخطايا. وبالإيمان يتمسّك بوعود الله. AM 466.3

وينبري الملاك حينئذ، الذي هو المسيح نفسه مخلّص الخطاة، ليبكم المشتكي على شعبه قائلاً: ”لينتهرك الرب يا شيطان، لينتهرك الرب الذي اختار أورشليم. أفليس هذا شعلة منتشلة من النار؟“ (زكريا 3 : 2). لقد ظلّ شعب الله في أتون التجربة أمداً طويلاً. فبسبب خطاياهم كادوا يحترقون ويفنون في اللهيب الذي أشعله الشيطان وجنوده لإهلاكهم، ولكن الله مد يده الآن لإنتشالهم. AM 466.4

فإذ تقبل شفاعة يهوشع وتضرعه يصدر هذا الأمر: ”أنزعوا عنه الثياب القذرة“، ثم يوجّه الملاك كلامه إلى يهوشع قائلاً: ”أنظر قد أذهبت عنك إثمك والبسك ثياباً مزخرفة“. ”فوضعوا على رأسه العمامة الطاهرة وألبسوا ثيابا“ (زكريا 3 : 4، 5). لقد غُفرت خطاياه وخطايا شعبه. ولقد ألبس إسرائيل ثياباُ مزخرفة — فقد نسب إليهم برّ المسيح. والعمامة التي وضعت على رأس يهوشع هي شبيهة بالعمائم التي كانت توضع على رؤوس الكهنة، وكان منقوشاً عليها هذه العبارة: ”قدّس للرب“ (خروج 28 : 36). للدلالة على أنه بالرغم من تعدياته الماضية فقد صار الآن مؤهلاً للخدمة أمام الله في مقدسه. AM 466.5

وها هو الملاك يعلن الآن ليهوشع قائلاً: ”هكذا قال رب الجنود إن سلكت في طريقي وإن حفظت شعائري فأنت أيضاُ تدين بيتي وتحافظ أيضاً على دياري وأعطيك مسالك بين هؤلاء الواقفين“ (زكريا 3 : 7). فإذا أطاع الله فسيُكرم بوصفه القاضي أو الحاكم والمناظر على الهيكل وخدماته، وسيسير بين الملائكة الذين يحفون به حتى وهو في هذه الحياة، وأخيراً سينضم إلى جموع الممجدين حول عرش الله. AM 467.1

”فأسمع يا يهوشع الكاهن العظيم أنت ورفقاؤك الجالسون أمامك لأنهم رجال آية. لأني هأنذا آتي بعبدي الغصن“ (زكريا 3 : 8). إن رجاء إسرائيل (أو الكنيسة) كان يرتكز في الغصن أو المنقذ الآتي (أي المسيح). فبالإيمان بالمخلّص الآتي حصل يهوشع وشعبه على الغفران. وبالإيمان بالمسيح عادوا للتمتع برضى الله. فبفضل استحقاقاته سيصيرون ”رجال آية“ إذا ساروا في طرقه وحفظوا فرائضه، ويُكرّمون بوصفهم مُختاري السماء بين أمم الأرض. AM 467.2

وكما اشتكى الشيطان على يهوشع وشعبه كذلك هو يشتكي في كل العصور على من يطلبون رحمة الله ورضاه إنه ”المُشتكي على إخوتنا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراُ وليلاً“ (رؤيا 12 : 10). فالصراع يحتدم ضد كل نفس أنقذت من سلطان الشر واسمها مكتوب في سفر حياة الخروف. ولا يمكن أن يقبل أحد في أسرة الله دون أن تثور ضده مقاومة العدو الغاشمة. ولكن ذاك الذي كان رجاء إسرائيل قديماً وحصنهم وبرهم وفداءهم، هو رجاء الكنيسة في أيامنا هذه. AM 467.3

أن شكايات الشيطان ضد من يطلبون الرب ليس واعزها أنه مستاء بسبب خطاياهم. فهو يبتهج عندما يرى في أخلاقهم نقصاً أو إلتواء لأنه يعلم أنه عن طريق تعدّيهم على شريعة الله يمكنه التغلّب عليهم. إن شكاياته منشؤها عداوته للمسيح. إن يسوع يحطّم بواسطة تدبير الخلاص سلطان الشيطان على الأسرة البشرية ويخلّص النفوس من سيطرته. وكل عداوة رئيس العصاة وخبثه تهتاج وتثور كلّما شاهد البراهين على تفوق المسيح وسموّه. وهو يحاول بقوته ودهائه الجهنمي أن يغتصب منه بني الإنسان الذين إياهم يفقدون ثقتهم في الله وينفصلون عن محبته. وهو يجربهم لكسر الشريعة، وحينئذ يدعي بأنهم أسراه ويتنازع مع المسيح على حقه في أخذهم منه. AM 468.1

ويعلّم الشيطان أن من يسألون من الله الغفران والنعمة سينالونهما، ولذلك يصف خطاياهم أمام عيونهم ليثبط عزمهم. وهو على الدوام يتحيّن الفرص للشكوى ضدّ من يحاولون إطاعة الله. وحتى أفضل خدماتهم وأعظمها قبولاً لدى الله يحاول أن يجعلها تبدو فاسدة. وبمكايده التي لا حصر لها والتي هي أشد خبثاُ وقساوة يحاول إدانتهم والقضاء عليهم. AM 468.2

ولا يستطيع الإنسان بقوته الذاتية مهما بلغت، الصمود أمام اتّهامات العدو. إنه يقف أمام الله مرتدياً ثيابه الملوثة بالخطيئة ومعترفاُ بجرمه أمام الرب. ولكن يسوع شفيعنا يقدّم حجّة فعّالة في صالح كل من يستودعون أنفسهم بين يديه لحفظها بالتوبة والإيمان. إنه يترافع في قضيتهم وبحجج الجلجثة القوية يهزم المُشتكي عليهم. فطاعته الكاملة لشريعة الله دفعت إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض، وهو يطالب أباه بأن يرحم الإنسان الخاطئ ويتصالح معه. وهو يعلن للمشتكي على شعبه قائلاً: ”لينتهرك الرب يا شيطان. هؤلاء هم مقتني دمي والشعلات المنتشلة من النار“. أما أولئك الذين يعتمدون عليه بإيمان فيقدّم لهم هذا التأكيد: ”قد أذهبت عنك إثمك وألبسك ثياباً مزخرفة“ (زكريا 3 : 4). AM 468.3

إن كل من يتسربلون برداء بر المسيح سيمثلون أمامه بوصفهم مختاريه وأمناء مخلصين ولا قوة للشيطان على أن يختطفهم من يد المخلّص. كما لا توجد نفس واحدة طلبت حمايته بالتوبة والإيمان يمكن أن يسمح المسيح بأن يتسلّط عليها العدو. إنه مرتبط بعهده إذ يقول: ”ويتمسّك بحصني فيصنع صلحاُ معي. صلحاُ يصنع معي“ (إشعياء 27 : 5). والوعد الذي قدّم ليهوشع مقدّم للجميع إذ يقول الرب: ”إن حفظت شعائري .. أعطيك مسالك بين هؤلاء الواقفين“ (زكريا 3 : 7). إن ملائكة الله سيحيطون بهم من كل جهة حتى في هذا العالم وسيقفون أخيراً بين الملائكة المحيطين بعرش الله. AM 469.1

إن رؤيا زكريا عن يهوشع والملاك تنطبق بقوة خاصة على اختبار شعب الله في المشاهد الختامية ليوم الكفّارة العظيم. فالكنيسة الباقية ستجوز حينئذ في تجارب وضيقات عظيمة محرقة. وأولئك الذين يحفظون وصايا الله وإيمان يسوع سيحسّون بغيظ التنين وحنقه وغيظ جنوده. إن الشيطان يعتبر العالم رعايا له وقد سيطر حتى على كثيرين من المعترفين بالمسيحية. ولكن هنا توجد جماعة صغيرة تقاوم سيطرته. فلو أمكنه أن يمحو هؤلاء من على وجه الأرض فإن نصرته تكون كاملة. وكما أوعز إلى الأمم الوثنية بإهلاك شعب الله، فكذلك في الأيام الأخيرة القريبة سيستثير قوات الشر في الأرض لإهلاك شعب الله. وسيطلب من الناس تقديم الطاعة للمراسم البشرية انتهاكاً لشريعة الله. AM 469.2

أما الذين يظلّون أمناء لله فسيهددون وينبذون وينفون ”وسوف يسلّمون من الوالدين والأخوة والأقرباء والأصدقاء“ حتى الموت (لوقا 21 : 16). ولكن رجاءهم الوحيد هو في رحمة الله، وملجأهم الوحيد هو الصلاة. وكما توسّل يهوشع أمام الملاك هكذا ستتوسّل الكنيسة الباقية بانسحاق قلب وإيمان ثابت في طلب الغفران والخلاص بيسوع شفيعهم. إنهم يشعرون شعوراً كاملاً بشرّ حياتهم، ويلمسون ضعفهم وعدم استحقاقهم وهم موشكون على اليأس. AM 470.1

والمجرب يقف قريباً منهم ليشتكي عليهم كما وقف مقابل يهوشع ليقاومه. وهو يشير إلى ثيابهم القذرة وصفاتهم الناقصة العائبة. ويعرض ضعفهم وجهلهم وخطايا جحودهم وعدم مشابهتهم للمسيح الأمر الذي جلب الإهانة على فاديهم. وهو يحاول أن يُلقي في قلوبهم الرعب بكونه يوهمهم بأن قضيتهم ميؤوس منها. وأن لطخات نجاستهم لا يمكن أن تمحى. وهو بهذه الوسيلة يحاول أن يدمّر إيمانهم حتى يخضعوا لتجاربه وينحرفوا عن ولاءهم لله. AM 470.2

فالشيطان عنده معرفة دقيقة بالخطايا التي جرب هو شعب الله على ارتكابها. وهو يوجه اتهاماته ضدهم معلناً أنهم إذا أخطأوا فقد خسروا حقهم في حماية الله لهم، ومدعياً بأن الحق في إهلاكهم. وهو يحكم عليهم بأنهم مستوجبون الطرد من حضرة الله بعيداً عن رضاه مثله تماماً. فيقول: ”هل هؤلاء هم الناس الذين سيشغلون مكاني في السماء أنا والملائكة الذين كانوا شركائي؟ إنهم يقولون أنهم يطيعون شريعة الله، ولكن هل حفظوا وصاياها؟ ألم يكونوا محبّين للذات أكثر من محبّتهم لله؟ ألم يفضّلوا مصالحهم على مصالحه؟ ألم يحبّوا الأمور الدنيوية؟ أنظر إلى الخطايا التي ملأت حياتهم. أنظر إلى أنانيتهم وخبثهم وبغضهم الواحد للآخر. فهل يطردني الله أنا وملائكتي بعيداً عن حضرته ومع ذلك يكافئ أولئك الذين ارتكبوا الخطايا ذاتها؟ إنك يارب لا تستطيع أن تفعل ذلك وتكون عادلاً. إن العدل يقتضي الحكم بإدانتهم“. AM 470.3

ولكن مع أن أتباع المسيح قد أخطأوا فأنهم لم يسلّموا ذواتهم لسيطرة القوات الشيطانية. لقد تابوا عن خطاياهم وطلبوا وجه الرب في تذلّل وانسحاق. كما أن الشفيع الإلهي يتوسّل لأجلهم. وذاك الذي وقعت عليه أعظم الإهانات بسبب جحودهم، والذي يعرف خطاياهم كما يعرف أيضاً توبتهم، يعلن قائلاً: ”لينتهرك الرب يا شيطان. لقد بذلت حياتي لأجل هذه النفوس وقد نُقشوا على كفي. قد تكون في أخلاقهم بعض النقائص وربما يكونوا قد أخفقوا في مساعيهم، ولكنّهم تابوا وغفرت لهم خطاياهم وقبلتهم“. AM 471.1

إن هجمات الشيطان قوية وعنيفة، ومخاتلاته خبيثة، ولكن عين الرب على شعبه. إن تجاربهم عظيمة ويبدو كأن نار الأتون ستقضي عليهم وتفنيهم، ولكن يسوع سيخرجهم كالذهب المصفي في النار. إن ميلهم نحو الأرضيات وتعلّقهم بها سيزول، وهكذا ستتجلّى فيهم صورة المسيح في كمالها. AM 471.2

يبدو أحياناً وكأن الرب نسي المخاطر المحدقة بكنيسته والأضرار التي تصيبها من أعدائها. ولكن الله لم ينس. لا شيء أعز على قلب الله من كنيسته. إنه لا يريد أن تفسد سياسة العالم تاريخها الناصع. وهو لا يترك شعبه ينهزمون أمام تجارب الشيطان. بل سيُعاقب أولئك الذين يشوّهون صورته، ولكنّه سيكون رحيماً نحو من يتوبون توبة خالصة. وسيقدّم للذين يدعونه في طلب القوة التي تعينهم على نمو خلقهم المسيحي، المعونة التي يحتاجونها. AM 471.3

وسيئن شعب الله ويتنهدون في وقت النهاية، بسبب الرجاسات التي في الأرض. وسيحذرون الأشرار من خطرهم بدموع غزيرة، لكونهم يدوسون شريعة الله. وسيتذللون بحزن لا يُنطق به أمام الرب تائبين. وسيهزأ الأشرار من حزنهم ويسخرون من توّسلاتهم الجادة. ولكن حزن شعب الله وتذلّلهم هو برهان لا يُخطئ على أنهم يستردون قوتهم ونبل خلقهم الذي فقدوه بسبب الخطيئة. فلأنهم يقتربون أكثر إلى المسيح، ولأن عيونهم مثبّتة على طهارته الكاملة، فإنهم يميزون بكل وضوح شر الخطيئة العظيم. إن الوداعة والإتّضاع هما ضمن شروط النجاح والنصرة. وإكليل المجد معدّ للذين يسجدون عند قاعدة الصليب. AM 472.1

إن شعب الله المصلّين ملتصقون به وملازمون له. وهم أنفسهم لا يعرفون كم هم محظوظون. إن ملوك هذا العالم وحكّامه يحاولون إهلاكهم بتحريض من الشيطان. ولكن لو فتحت عيون أولاد الله كما قد فتحت عيني غلام أليشع في دوثان، لكانوا يرون ملائكة الله يعسكرون من حولهم ليدرأوا عنهم جيوش الظلام. AM 472.2

وإذ يذلّل شعب الله نفسه قدّامه متوسّلاً وطالباً نقاوة القلب، يصدر الرب حينئذ أمره القائل: ”إنزعوا عنه الثياب القذرة“ وسيُسمع هذا القول: ”قد أذهبت عنك إثمك وألبسك ثياباً مزخرفة“ (زكريا 3 : 4). وحينئذ يلبس أولاد الله المتألمون المجربون الأمناء ثوب بر المسيح الذي بلا دنس. فالبقية المحتقرة تلبس حُللاً مجيدة ولن تتنجس بعد بنجاسات العالم. فأسماؤهم مكتوبة في سفر حياة الخروف ومسجلة بين أسماء الأمناء في كل عصور التاريخ. لقد قاوموا مكايد العدو المخادع، ولم يحيدوا عن ولائهم خوفاً من زئير التنين. وهم الآن آمنون إلى الأبد من مكايد المجرب. لقد انتقلت خطاياهم إلى ”الشيطان“ الذي هو أصل الخطيئة، وتوضع على رؤوسهم ”عمامة طاهرة“. AM 472.3

وفي حين يلح الشيطان باتهاماته فإن الملائكة القديسين يتجولون هنا وهناك دون أن يراهم أحد ليختموا جماعة الأمناء بختم الحي. هؤلاء هم الذين يقفون على جبل صهيون مع الخروف واسم الآب مكتوب على جباههم. إنهم يرنمون الترنيمة الجديدة أمام العرش، تلك الترنيم التي لا يعرفها أحد إلا المئة والأربعة والأربعون ألفاُ الذين افتدوا من الأرض (أنظر رؤيا 14 : 2 — 5). ”هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب. هؤلاء اشتروا من بين الناس باكورة لله وللخروف. وفي أفواههم لم يوجد غش لأنهم بلا عيب قدام عرش الله“ (رؤيا 14 : 4، 5). AM 473.1

لقد تحقق الآن الإتمام الكامل لأقوال الملاك ”فاسمع يا يهوشع الكاهن العظيم أنت ورفقاؤك الجالسون أمامك لأنهم رجال آية. لأني هأنذا آتي بعبدي الغصن“ (زكريا 3 : 8). والمسيح يعلن عن أنه الفادي والمنقذ لشعبه. هنا يمكن أن يقال حقاً ويقيناً عن البقية أنهم ”رجال آية“ فيستعاض عن دموعهم واتّضاعهم في أرض غربتهم بالفرح والكرامة في محضر الله والخروف. AM 473.2

”في ذلك اليوم يكون الرب بهاء ومجداً وثمر الأرض فخراً وزينة للناجين من إسرائيل. ويكون أن الذي يبقى في صهيون والذي يترك في أورشليم يُسمّى قدوساً كل من كتب للحياة في أورشليم“ (إشعياء 4 : 2، 3). AM 473.3