الأنبياء والملوك

42/70

الفصل السادس والثلاثون —آخر ملوك يهوذا

وثق ملك بابل بصديقاً في بداية حكمه ثقة كاملة وكان إرميا النبي الرجل المحنك مشيراً له. فلو اتبع طريقاً شريفاُ حيال البابليين. والتفت إلى الرسائل الإلهية المرسلة إليه على لسان إرميا لظفر بالاحترام من ذوي السلطات وكانت ستتاح له الفرصة لنقل معرفة الله إليهم. ولحظي الأسرى الذين سبوا إلى بابل بامتياز، ولاعطيت لهم الحرية في كثير من الأمور، وكان سيتمجد اسم الله في كل مكان، ولأمكن لمن بقوا في أرض يهوذا أن يُحفظوا من الكوارث الهائلة التي أصابتهم أخيراً. AM 348.1

كان الملك صدقيا وكل يهوذا بمن فيهم المسبيين إلى بابل قد سمعوا بما أشار عليهم إرميا بأن يخضعوا بصمت للحكم المؤقت الذي فرضه عليهم غالبوهم وكان أمراً هاماً على الخصوص أن يطلب المسبيون سلامة البلاد التي سبوا إليها. ومع ذلك فكان هذا على نقيض ميول القلب البشري، وإذ انتهز الشيطان ميزة الظروف الراهنة جعل الأنبياء الكذبة يندسون بين الشعب في أورشليم وفي بابل بحيث أعلنوا أن نير العبودية سينكسر سريعاً وتعود للأمة كرامتها السالفة. AM 348.2

كان تصديق مثل تلك النبوات التي ترمي إلى التملق والمداهنة كفيل بأن يقود الملك والمسبيين إلى تحركات مميتة، بحيث تعطل مقاصد الله الرحيمة من أجلهم، فحتى لا تقوم ثورة تنجم عنها آلام كثيرة أمر الرب إرميا بأن يواجه الأزمة فوراً بإنذاره ملك يهوذا بعواقب التمرد الوخيمة والأكيدة. كما تم إنذار المسبيين برسائل مكتوبة لئلا يُغرّر بهم فيصدقوا أن نجاتهم قريبة وقال لهم النبي ”لا يغشكم أنبياؤكم الذين في وسطكم“ (إرميا 29 : 8). وبهذه المناسبة ذكر قصد الرب في رد سبي شعبه في نهاية سبعين سنة يقضونها في السبي، كما أعلن على أفواه رسله. AM 348.3

بأية رقة وحنان أخبر الله شعبه المسبي بتدبيره لهم. لقد أدرك أنه لو أمكن للأنبياء الكذبة إقناعهم بانتظار النجاة السريعة لأمسى مركزهم في بابل شاقاً وشائكاً جداً. وأية مظاهرة أو ثورة يقومون بها كانت كفيلة بإيقاظ القوات الكلدانية الساهرة الشريرة القاسية بحيث تفرض قوانين أخرى للحد من حريتهم. وسيكون من نتائج ذلك سيلاً من الآلام والكوارث. لذا كان إرميا يريدهم الخضوع بهدوء لمصيرهم وأن يجعلوا من عبوديتهم فرصة ممتعة قدر استطاعتهم. فأشار عليهم قائلاً: ”ابنوا بيوتاً واسكنوا واغرسوا جنات وكلوا ثمرها .. واطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها وصلوا لأجلها إلى الرب لأنه بسلامها يكون لكم سلام“ (إرميا 29 : 5 — 7). AM 349.1

كان بين المعلّمين الكذبة رجلان ادعيا لنفسيهما القداسة بينما كانت حياتهما فاسدة. وقد أدان إرميا الطريق الشرير الذي سلكه ذانك الرجلان كما أنذرهما بالخطر الذي يتهددهما. فإذ أغضبهما التوبيخ حاولا مقاومة عمل إرميا بإثارة الشعب ضده لمعارضة أقواله وللتصرف على نقيض مشورة الله في أمر الخضوع لملك بابل وقد شهد الرب على لسان إرميا بأن هذين النبيين الكاذبين لا بد أن يقعا في يدي نبوخذنصر ويقتلا أمام عينيه. وبعد وقت تمت هذه النبوة حرفياً. AM 349.2

وإلى إنقضاء الدهر سيقوم، رجال لإثارة التشويش والعصيان بين مدعي اتباع الإله الحقيقي فالذين يتنبأون بالأكاذيب يسجعون الناس على النظر إلى الخطيئة كأمر زهيد وطفيف. عندما تظهر العواقب الرهيبة لطرقهم الشريرة وأعمالهم الآثمة سيحاولون ما أمكنهم أن يجعلوا من أنذرهم بأمانة مسؤول عن مشقاتهم ومتاعبهم، كما اتهم اليهود إرميا بأنه السبب في حظهم المنكود وسوء طالعهم. ولكن على قدر ما نوقن من أن كلام الرب على فم نبيه قد تزكى قديماً، فبنفس ذلك اليقين سيثبت صدق رسائله اليوم. AM 350.1

وقد انتهج إرميا مسلكاً ثابتاً منذ البداية في إشارته على الشعب بالخضوع للبابليين. ولم تقدّم هذه المشورة إلى يهوذا وحسب بل إلى كثير من الأمم المحيطة. ففي أوائل ملك صدقيا زار سفراء من قبل ملوك أدوم وموآب وصور وأمم أخرى ملك يهوذا ليعلموا ما إذا كان الوقت بحسب حكمه موافقاً للاشتراك معاُ في ثورة وما إذا كان سينضم إليهم في إثارة الحرب على ملك بابل. وإذا كان هؤلاء الرسل ينتظرون من الملك إستجابة كانت كلمة الرب إلى إرميا تقول: اصنع لنفسك ربطاً وأنياراً واجعلها على عنقك. وارسلها إلى ملك أدوم وإلى ملك موآب وإلى ملك بني عمون وإلى صور وإلى ملك صيدون بيد الرسل القادمين إلى أورشليم إلى صدقيا ملك يهوذا“ (إرميا 27 : 3 : 2). AM 350.2

وقد أمر إرميا بأن يعلم أولئك الرسل ليخبروا ملوكهم بأن الله قد أسلمهم جميعاُ في يد نبوخذنصر ملك بابل وأن عليهم أن يخدموه وابنه وابن ابنه حتى يأتي وقت أرضه“ (إرميا 27 : 7). AM 350.3

وقد أخبر أولئك الرسل فوق ذلك أن يعلنوا لملوكهم أنهم رفضوا خدمة ملك بابل فلابد من عقاب يحل بهم ”بالسيف والجوع والوبا“ حتى يفنوا. وكان عليهم أن يرفضوا بوجه خاص تعليم الأنبياء الكذبة الذين قد يشيرون عليهم بمشورة مخالفة فأعلن الرب قائلاً: ”فلا تسمعوا أنتم لأنبيائكم وعرافيكم وحالميكم وعائفيكم وسحرتكم الذين يكلمونكم قائلين لا تخدموا ملك بابل أنهم إنما يتنبأون بالكذب لكي يبعدوكم من أرضكم ولاطردكم فتهلكوا والأمة التي تدخل عنقها تحت نير ملك بابل وتخدمه أجعلها تستقر في أرضها يقول الرب وتعملها وتسكن بها“ (إرميا 27 : 8 — 11). إن أخف قصاص كان يمكن لإله الرحيم أن يوقعه على شعب متمرد كان هو الخضوع لحكم بابل، أما إذا تمردوا على الحكم بالعبودية فلابد لهم من أنا ينالوا تأديباً صارماً. AM 350.4

وقد تجاوزت دهشة مجلس الأمم المجتمع كل حد عندما أخبرهم إرميا بإرادة الله وعرفهم بها وهو حامل نير الخضوع على عنقه. AM 351.1

وقد قاوم إرميا فكرة الإصرار على المقاومة والتمرد وحبّذ سياسة الخضوع. وكان حننيا النبي الكذاب الذي قيل للشعب أن يتحذروا منه، في طليعة الذين تجرأوا على معارضة ومقاومة مشورة الرب. وإذ ظن أن يظفر برضى الملك ورجال البلاط، رفع صوته محتجاً، معلناً أن الله قد أعطاه رسالة تشجيع لليهود. فقال: ”هكذا تكلّم رب الجنود إله إسرائيل قائلاً قد كسرت نير ملك بابل. في سنتين من الزمان أراد إلى هذا الموضع كل آنية بيت الرب التي أخذها نبوخذنصر ملك بابل من هذا الموضع وذهب بها إلى بابل، وأراد إلى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا وكل سبي يهوذا الذين ذهبوا إلى بابل يقول الرب لأني اكسر نير ملك بابل“ (إرميا 28 : 2 — 4). AM 351.2

أما إرميا فقد توسل بإخلاص في حضور الكهنة والشعب بأن يخضعوا لملك بابل مدى الزمن الذي حدده الرب. وقد وجه انتباه رجال يهوذا إلى نبوات هوشع وحبقوق وصفنيا وغيرهم الذين حملوا رسائل توبيخ وإنذار ألقوها على مسامع الشعب شبيهة برسالته. كما وجه انتباههم إلى حوادث تمّت طبقاً لنبوات إيقاع الجزاء على الخطيئة التي لم يعترف بها أصحابها ولا تابوا عنها. ففي الزمن الماضي افتقد الرب بأحكامه غير التائبين اتماماً مضبوطاً لقصده كما أعلن على أفواه رسله. AM 351.3

وفي الختام إقترح إرميا قائلاً: ”النبي الذي تنبأ بالسلام فعند حصول كلمة النبي عُرف ذلك النبي أن الرب قد أرسله حقاً“ (إرميا 28 : 9). فإذا اختار إسرائيل المجازفة فإن التطورات المستقبلية كانت ستقرر بكيفية فعّالة من هو النبي الصادق. AM 352.1

ولكن أقوال إرميا التي أشار فيها على الشعب بالخضوع أثارت ثائرة حننيا ففي جرأة تحدي إرميا ليبرهن أن رسالته التي ألقاها هي رسالة غير موثوق بها فإذا أخذ النير الرمزي عن عنق إرميا كسره حننيا قائلاً: ”هكذا قال الرب هكذا اكسر نير نبوخذنصر ملك بابل في سنتين من الزمان عن عنق كل الشعوب“. AM 352.2

”وانطلق إرميا النبي في سبيله“ (إرميا 28 : 11). وكان يبدو أنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً أكثر من أن ينسحب من حومة الصراع. ولكن إرميا تلقي رسالة أخرى، فقد أمره الرب قائلاً: ”اذهب وكلّم حننيا قائلاً هكذا قال الرب قد كسرت أنيار الخشب وعملت عوضاُ عنها أنياراً من حديد لأنه هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل قد جعلت نيراً من حديد على عنق كل هؤلاء الشعوب ليخدموا نبوخذنصر ملك بابل فيخدمونه .. AM 352.3

”فقال إرميا النبي لحننيا النبي إسمع يا حننيا، إن الرب لم يسلك وأنت قد جعلت هذا الشعب يتّكل على الكذب. لذلك هكذا قال الرب هأنذا طاردك عن وجه الأرض. هذه السنة تموت لأنك تكلمت بعصيان على الرب. فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع“ (إرميا 28 : 13— 17). AM 352.4

كان هذا النبي الكذاب قد قوى عدم إيمان الشعب وشكوكهم في إرميا ورسالته. وبكل شر وإثم وخبث أعلن عن نفسه أنه رسول الرب، وكان من نتائج ذلك أنه مات. ففي الشهر الخامس تنبأ إرميا بموت حننيا وفي الشهر السابع تمّت نبوته وهكذا ثبت صدقها. AM 353.1

إن عدم الاستقرار الذي كان سببه أكاذيب الأنبياء وأقوالهم الباطلة، أوقع صدقيا في موضوع الشك والخيانة. ولم يكن يُسمح له أن يظلّ ملكاً خاضعاُ إلا بالفعل السريع الحاسم. وقد أحسن استخدام الفرصة التي سنحت بعد وقت قصير من عودة السفراء من أورشليم إلى ممالكهم المحيطة بيهوذا، للقيام بذلك العمل فذهب صدقيا في صحبة سرايا ”رئيس المحلة“ (إرميا 51 : 59). في مأمورية هامة إلى بابل. ففي أثناء زيارة صدقيا هذه للبلاط. الكلداني جدد يمين الولاء لنبوخذنصر. AM 353.2

وعن طريق دانيال وغيره من المسبيين العبرانيين تعرف ملك بابل على قوة الإله الحقيقي وسلطانه الفائق، وعندما وقد صدقيا مرة أخرى وعداً مقدساً خطيراً بأن يظل أميناً طلب منه نبوخذنصر بأن يحلف بإسم الرب إله إسرائيل تثبيتاً لذلك الوعد. فلو كان صدقيا قد احترم تجديد قسم العهد هذا لكان لولائه تأثير عظيم على عقول كثيرين ممن كانوا يراقبون تصرف أولئك الذين كانوا يدّعون أنهم يكرمون إسم إله العبرانيين ويكنون له كل إكرام وتوقير. AM 353.3

ولكن ملك يهوذا غض النظر عن الامتياز السامي الذي كان له بإكرام إسم الإله الحي. ويسجل لنا الوحي هذه الكلمات عن صدقيا: ”وعمل الشر في عيني الرب إلهه ولم يتواضع أمام إرميا النبي من فم الرب. وتمرد أيضاً على الملك نبوخذنصر الذي حلّفه بالله وصلّب عنقه وقوّى قلبه عن الرجوع إلى الرب إله إسرائيل“ (2 أخبار الأيام 36 : 12، 13). AM 353.4

وفيما كان إرميا يواصل تقديم شهادته في أرض يهوذا أقيم النبي حزقيال من بين المسبيين في بابل لينذر المسبيين ويعزيهم، وبذلك يثبت كلمة الرب التي كان إرميا يتكلّم بها ففي أثناء السنوات التي بقيت من ملك صدقيا أوضح حزقيال جهالة الإتكال على النبوات الكاذبة التي كان ينطق بها الذين جعلوا بني السبي يؤملون في الرجوع إلى أورشليم سريعاُ وقد أمر أيضاُ بأن ينبئ بواسطة جملة رموز ورسائل خطيرة عن حصار أورشليم سريعاُ وقد أمر أيضاُ بأن ينبئ بواسطة جملة رموز ورسائل خطيرة عن حصار أورشليم وخرابها التام. AM 354.1

وفي السنة السادسة من ملك صدقيا أعلن الرب لحزقيال في رؤيا، بعض الرجاسات التي كانت تُرتكب في أورشليم وفي داخل باب بيت الرب وحتى الرواق الداخلي. فالغرف التي كانت فيها التماثيل وصور الأصنام من ”كل شكل دبابات وحيوان نجس وكل أصنام بيت إسرائيل“ (حزقيال 8 : 10) — كل هذه مرت في تتابع سريع أمام عيني النبي المندهشين. AM 354.2

والذين كان ينبغي أن يكونوا قادة الشعب الروحيين ”شيوخ بيت إسرائيل“ البالغ عددهم سبعين رجلاً رآهم النبي وهم يبخرون أمام صور الأصنام التي كانت قد أدخلت إلى المخادع في داخل تخوم رواق الهيكل وإذا كان رجال يهوذا يمارسون هذه الأعمال الوثنية كانوا يخدعون أنفسهم بالقول: ”الرب لا يرانا! الرب قد ترك الأرض“ (حزقيال 8 : 11، 12). هكذا جدفوا وهكذا قالوا. AM 354.3

وكانت توجد ”رجاسات أعظم“ ليراها النبي. فعند باب يؤدي من الرواق الخارجي إلى الرواق الداخلي آراه الرب ”نسوة يبكين على تمّوز“. وفي داخل ”دار بيت الرب الداخلية وإذا عند باب هيكل الرب بين الرواق والمذبح نحو خمسة وعشرين رجلاً ظهورهم نحو هيكل الرب ووجوههم نحو الشرق وهم ساجدون للمشس نحو الشرق“ (حزقيال 8 : 13 — 16). AM 354.4

أما الآن فها هو الكائن الإلهي المجيد الذي رافق حزقيال في كل هذه الرؤيا المدهشة عن الشر الذي في المرتفعات في أرض يهوذا يسأل النبي قائلاً: ”أرأيت يا ابن آدم؟ اقليل لبيت يهوذا عمل الرجاسات التي عملوها هنا؟ لأنهم قد ملأوا الأرض ظلماً ويعودون لإغاظتي وها هم يقربون الغصن إلى أنفهم (وقربوا كل ما هو مُنتّن في هيكلي — الترجمة التفسيرية). فأنا أيضاً أعامل بالغضب لا تشفق عيني ولا أعفو. وإن صرخوا في أذني بصوت عال لا أسمعهم“ (حزقيال 8 : 17، 18). AM 355.1

وقد أعلن الرب على لسان إرميا عن الناس الأشرار الذين تجرأوا في غطرستهم على الوقوف أمام الشعب باسمه، فقال: ”لأن الأنبياء والكهنة تنجسوا جميعاُ بل في بيتي وجدت شرهم“ (إرميا 23 : 11). وفي المحاكمة الرهيبة ليهوذا كما سجلها المؤرخ في نهاية حديثه عن حكم صدقيا، تكرر ذكر التهمة المتعلقة بتنجيس قدسية الهيكل. فقد قال الكاتب المُلهم: ”حتى أن جميع رؤساء الكهنة والشعب أكثروا الخيانة حسب كل رجاسات الأمم ونجسوا بيت الرب الذي قدّسه في أورشليم“ (2 أخبار الأيام 36 : 14). AM 355.2

كان يوم الدينونة والهلاك على مملكة يهوذا قادم سريعاً. فما عاد الرب يستطيع أن يضع أمامهم الرجاء في تجنيبهم أقسى أحكامه: ”فهل تتبرأون أنتم؟ لا تتبرأون“ (إرميا 25 : 29). AM 355.3

بل حتى هذا الكلام قوبل بالهزء والسخرية. فقد أعلن غير التائبين قائلين: ”قد طالت الأيام وخابت كل رؤيا“ (حزقيال 12 : 32). ولكن إنكار كلمة النبوّة الثابتة قد تلقى توبيخاً صارماً على لسان حزقيال. فقد أعلن الرب قائلاً: ”قل لهم أبطل هذا المثل فلا يمثلون به بعد في إسرائيل بل قال لهم اقتربت الأيام وكلام كل رؤيا لأنه لا تكون بعد رؤيا باطلة ولأعرافه ملقى في وسط بيت إسرائيل. لأني أنا الرب أتكلم والكلمة التي أتكلم بها تكون. لا تطول بعد. لأني في أيامكم أيها البيت المتمرد أقول الكلمة وأجريها يقول السيد الرب“. AM 356.1

وقد شهد حزقيال قائلاً: ”وكان إلى كلام الرب قائلاً يا ابن آدم هوذا بيت إسرائيل قائلون الرؤيا التي هو رائيها هي إلى أيام كثيرة وهو متنبئ لأزمنة بعيدة. لذلك قل لهم هكذا قال السيد الرب لا يطول بعد شيء من كلامي. الكلمة التي تكلّمت بها تكون يقول السيد الرب“ (حزقيال 12 : 21 — 28). AM 356.2

وكان في طليعة الذين كانوا يسرعون بالأمة إلى الهلاك صدقيا ملكهم. فإذ ترك مشورات الرب التي جاءت على أفواه الأنبياء ناسياً دين الشكر والامتنان الذي كان مديناً به لنبوخذنصر، وإذ حنث في العهد المقدّس، عهد الولاء باسم الرب إله إسرائيل، فإن ملك يهوذا قد عصى على الأنبياء وعلى من أحسن إليه، وعلى إلهه. ففي غرور حكمته الباطلة اتّجه في طلب المعونة من عدو إسرائيل القديم الذي لم يُرد لها النجاح والازدهار ”تمرّد عليه بإرساله رسله إلى مصر ليعطوه خيلاً وشعباُ كثيرين“. AM 356.3

وقد سأل الرب عن ذاك الذي بكل خسّة خان عهده المقدّس قائلاً: ”فهل ينجح؟ هل يفلت فاعل هذا؟ أو ينقض عهداً ويفلت؟ حي أنا يقول السيد الرب. إن في موضع الملك الذي ملّكه الذي ازدرى قسمه ونقض عهده فعنده في وسط بابل يموت ولا بجيش عظيم وجمع غفير يعينه فرعون في الحرب .. إذ ازدرى القسم لنقض العهد وهوذا قد أعطى يده وفعل هذا كلّه فلا يفلت“ (حزقيال 17 : 15 — 18). AM 356.4

وقد جاء يوم الحساب الأخير على ”النجس الشرير رئيس إسرائيل“ فقد أعلن الرب قائلاً: ”انزع العمامة. ارفع التاج“. وما كان يُسمح لشعب يهوذا ثانية أن يُقيموا عليهم ملكاُ إلا بعدما يقيم المسيح نفسه ملكوته. قد كان حكم الله عن عرش بيت داود هو هذا ”منقلباً منقلباً منقلباً أجعله. هذا أيضاُ لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه“ (حزقيال 21 : 25 — 27). AM 357.1