ينصح للكنيسة

49/303

تأثير الإنتقاد

إن روح القيل والقال والنميمة هي إحدى طرق الشيطان الخاصة لزرع الشقاق والخصام, وتفرقة الأصدقاء, والعمل خفية على تقويض إيمان الكثيرين بصدق تعاليمنا. أن لدى الإخوة والأخوات استعدادا زائدا للتحدث عن الأخطاء والعيوب التي يظنون أنها موجدة في الآخرين, وخاصة في الذين حملوا رسائل التوبيخ والإنذار من الله بعدم تردد. CCA 132.2

يصغي أولاد هؤلاء المتذمرين بكل انتباه ويتشربون سموم عدم المحبة. وهكذا يسد الوالدون, بجهل, المداخل التي يمكن الوصول بها إلى قلوب الأولاد. وبذلك يهان الله. قال يسوع : ” بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم ” ( متى 25 : 40 ). لذا فالذين يفترون على خدام المسيح, فإنما يستخفون به هو ويحتقرونه. CCA 132.3

لقد استخدمت بعدم وقار, وأحيانا بمنتهى الإحتقار, أسماء خدام الله المختارين من قبل بعض الذين يقتضيهم الواجب أن يحترموهم. ولم يفت الأولاد الإصغاء إلى ملاحظات والديهم العادمة التوقير حول توبيخات خدام الله وانذاراتهم. لقد أدركوا الهزل الساخر وكلمات الإحتقار التي طرقت أسماعهم من وقت لآخر, ذلك الهزل وتلك الكلمات التي من شأنها أن تجعل الأمور المقدسة والأبدية على صعيد واحد في عقولهم مع أمور العالم العادية. أي عمل هذا الذي يقوم به هؤلاء الوالدون بجعلهم أولادهم ملحدين وهم بعد في طور طفولتهم ! هذه هي الطريقة التي يتعلم بها الأولاد عدم الوقار, والتمرد على انتهار السماء للخطية. CCA 133.1

حيثما وجدت هذه الشرور, فهناك ولا شك الإنحطاط الروحي. وهؤلاء الآباء والأمهات أنفسهم, وقد أعماهم العدو, يندهشون لنزوع اولادهم إلى عدم الإيمان, والشك في صحة الكتاب المقدس. ويستغربون الصعوبة القصوى في الإتصال بهم عن طريق المؤثرات الأدبية والدينية. لو كانت لهم البصيرة الروحية لأدركوا على الفور أن هذه الحالة المحزنة إنما هي نتيجة تأثير بيوتهم هم, ووليدة حسدهم وعدم ثقتهم. هكذا يتربى ملحدون كثيرون في جو عائلات الذين يدعون أنفسهم مسيحيين. CCA 133.2

هنالك كثيرون يجدون لذة خاصة في التحدث وإطالة التأمل في عيوب, حقيقة كانت أم خيالية, في الذين يضطلعون بمسؤوليات ثقيلة في مؤسسات تابعة لعمل الله. يتغاضون عما أنجز من الخير والفوائد التي نتجت عن العمل الشاق والتكريس للعمل تكريسا غير متردد, ويركزون اهتمامهم في بعض الخطأ الظاهري الذي بعد أن يتم إنجازه وتتبعه نتائجه يتوهمون أنه كان بالإمكان إنجازه بطريقة أفضلو فيأتي بنتائج أفضل, بينما الواقع هو أنه لو ترك لهم أمر القيام بيه لكانوا إما يرفضون الإقدام عليه أمام المفشلات الظاهرة, او يؤدونه بحكمة أقل مما أداه به هؤلاء الذين سلكوا بحسب تسهيلات عناية الله. CCA 134.1

ولكن هؤلاء الثرثارين الذين لا يضبطون يلتصقون بنواحي العمل المكروهة كما يلتصق النبات الفطري بالصخور الخشنة. هؤلاء الأشخاص يصغرون روحيا لأنهم منصرفون إلى التأمل في سقطات الآخرين وأخطائهم. إنهم غير قادرين, أدبيا, على إدراك الأعمال النبيلة الصالحة, والمجهودات غير الأنانية, والبطولة الحقيقة, والتضحية بالنفس. لا يكتسبون مزيدا من النبل والسمو في حياتهم وآمالهم, وليسوا أكثر سخاء وتعمقا في أفكارهم وتدابيرهم. لا يرعون تلك المحبة التي يجب أن تتميز بها حياة المسيحي. بل ينحطون كل يوم, ويزدادون ضيقا في آرائهم وتعصبهم. الصغار هو موطنهم, والجو المحيط بيهم مفسد للسلام والسعادة. CCA 134.2

على كل مؤسسة أن تجاهد ضد صعوبة ما. فالمصاعب إنما يسمح بها لإمتحان قلوب شعب الله. حين تحل المصيبة بأحد ممثلي الرب يظهر عندئذ مبلغ ما لنا من إيمان بالله وبعمله, ففي وقت كهذا لا ينظرون أي إلى الأمور بالمنظار الأسود, ويتكلم عن الشك وعدم الإيمان. لا تنتقدوا من يحملون أعباء المسؤولية, ولا تسمموا أحاديثكم في بيوتكم بانتقادكم عمال الرب. إن الوالدين الذين ينغمسون في هذه الروح الإنتقادية لا يقدمون لأولادهم ما سيحكمهم للخلاص, إذ أن إتجاه كلماتهم لا يزعزع إيمان وثقة الأولاد فحسب, بل أيضا إيمان وثقة من تقدموهم في السن. CCA 134.3

يواجه رؤساء مؤسساتنا أصعب مهمة في المحافظة على النظام وتهذيب الشبيبة الذين هم تحت رعايتهم تهذيبا حكيما. إن بإمكان أعضاء الكنيسة أن يعملوا الكثير لتأييدهم, فعندما لا يرغب الشبيبة في الخضوع لنظام المؤسسة أو يعزمون على إتباع طريقهم هم في أي خلاف يقع فليمتنع الوالدون عندئذ عن مساندة أولادهم والشعور معهم بغباوة. CCA 135.1

أفضل لأولادكم, بل خير لهم أن يتألموا, بل أن يرقدوا في قبورهم, من أن يتعلموا الإستخفاف بالمباديء التي هي دعامة أساسية في الولاء للحق ولإخوتهم البشر ولله. CCA 135.2

لو استعمل جميع المدعوين مسيحيين قواهم التفتيشية ليروا ما هي الشرور التي يجب أن تقوم في حياتهم بدلا من التحدث عن أخطاء الآخرين لكانت حالة الكنيسة اليوم أفضل جدا مما هي عليه. حين يرتب الرب لالئه فإنه سينظر بسرور إلى اللآليء الصداقة والصريحة والمستقيمة. والملائكة يعملون في إعداد تيجان لهؤلاء, وعلى هذه التيجان المرصعة بالنجوم سينعكس ببهاء, النور المشرق من عرش الله. CCA 135.3

إن الرب يمتحن شعبه ويختبرهم. يمكنك أن تقسو على صفاتك المعبية وتنتقدها كما تشاء, ولكن كن لطيفا مع الآخرين, رحيما بهم, رقيق الحاشية معهم. وفي كل يوم إسأل نفسك : هل أنا مستقيم القلب أم فاسده ؟ تضرع إلى الرب كل ينجيك من كل ضلال في هذا الأمر, لأن أمورا أبدية متعلقة به. هل أنتم أيها الإخوة الأحباء تسعون بإجتهاد للتأكد من محبة الله, وتصرخون قائلين : من يريني كيف أجعل دعوتي واختياري ثابتين ؟ CCA 136.1

يدرس الشيطان خطايا الناس الغريزية بدقة, ثم يبدأ عمله لإغوائهم وإقتناصهم. إننا في أشد التجارب كثافة, ولكننا نستطيع الغلبة إذا نحن خضنا معارك الرب برجولة. الكل في خطر, أما إذا سلكتم بتواضع وبروح الصلاة فستخرجون من عملية الإختبار أعز من الذهب الإبريز, بل أعز من ذهب اوفير. أما إذا كنتم متهاملين وغير مصلين فتكونون نحاسا يطن أو صنجا يرن. CCA 136.2