ينصح للكنيسة
امتياز العمل مع الله
ليس الله محتاجا إلى الإنسان لتأييد عمله, إذ كان بإمكانه أن يرسل لخزنته أموالا من السماء مباشرة, لو رأى بعنايته أن هذا أفضل للإنسان. ولدبر وسائل بها يرسل الملائكة لنشر الحق في العالم دون أن يستخدم البشر. كان باستطاعته أن يسيطر الحق على القبة الزرقاء معلنا بذلك للعالم مطالبيه في كتابة حية. فالله لا يعتمد على ذهب أي إنسان او فضته. يقول : ” لي حيوان الوعر والبهائم على الجبال الألوف ” “ ان جعت فلا أقول لك لأن لي المسكونة وملأها “ ( مزمور 50 : 10 و 12 ). ان أية ضرورة تستدعي مساهمتنا في امتداد عمل الله انما هي مرتبة من الله قصدا لخيرنا. لقد أكرمنا بأن جعلنا عاملين معه, ورتب أن تكون هناك ضرورة لتعاون البشر حتى لا يكفوا عن ممارسة جودهم وسخائهم. CCA 314.1
يأمر الناموس الأدبي بحفظ السبت, الذي لم يكن حملا إلا حين تعدى الناس هذا الناموس وجاز عليهم القصاص المترتب على تعديهم إياه. ونظام العشور لم يكن حملا على الذين لم يحيدوا عنه. هذا النظام الذي فرض على العبرانيين لم يلغه أو يخففه واضعه الرب. كان يجب, عوضا عن عدم تطبيقه الآن, ان يزداد العمل به شمولا واتساعا, نظرا لأن الخلاص بالمسيح وحده ينبغي إيضاحه بصورة أعم في العصر المسيحي. CCA 314.2
إن البشارة إذ أخذت تمتد وتتسع بعد موت المسيح اقتضت امدادات أعظم لتأييد المحاربة وقتئذ, مما زاد في ضرورة تقديم المال عما كانت عليه أيام الحكم العبراني. أما ما يطلبه الله من الهبات الأن فليس أقل, بل أعظم مما كان في أية فترة من تاريخ العالم. إن المبدأ الذي الذي وضعه المسيح هو أن تكون الهبات والتقدمات متناسبة مع ما ينعم به المعطي من نور وبركات. لقد قال : ” كل من أعطى كثيرا يطلب منه كثيرا ” ( لوقا 12 : 48 ). CCA 315.1
إن فيضا من النور يشع من كلمة الله, ويجب أن نتنبه للفرص المهملة. حين يكون الكل أمناء في ردهم لله خاصته في العشور والتقدمات فسيتاح للعالم فرصة لسماع الرسالة الخاصة بالزمن الحاضر. لو أن قلوب شعب الله امتلأت بالمحبة للمسيح, ولو نشبع كل عضو في الكنيسة بروح إنكار الذات تمام, ولو أظهر الجميع حرارة تامة, لما كان ثمة افتقار إلى المال للعمل في الوطن أو الإرسااليات في الأقطار الأخرى, كما أن مواردنا تتضاعف وينفتح أمامنا ألف باب للنفع, وندعي لولوجها. لو نفذ شعب الله قصده تعالى بتبليغهم العالم رسالة الرحمة, لكان المسيح قد جاء إلى الأرض قبل الآن ولنرحب بالمفديين إلى مدينة الله. CCA 315.2
لقد بدأ نظام العشور قبل أيام موسى. كان يطلب من الناس أن يأتوا له بتقدمات لمقاصد دينية قبل أن يعطى. CCA 315.3
إن البشارة إذ أخذت تمتد وتتسع بعد موت المسيح اقتضت امدادات أعظم لتأييد المحاربة وقتئذ, مما زاد في ضرورة تقديم المال عما كانت عليه أيام الحكم العبراني. أما ما يطلبه الله من الهبات الأن فليس أقل, بل أعظم مما كان في أية فترة من تاريخ العالم. إن المبدأ الذي الذي وضعه المسيح هو أن تكون الهبات والتقدمات متناسبة مع ما ينعم به المعطي من نور وبركات. لقد قال : ” كل من أعطى كثيرا يطلب منه كثيرا ” ( لوقا 12 : 48 ). لموسى نظام العشور محددا ومرسوما. كان ذلك حتى في أيام آدم. وكان عليهم في استجابتهم لمطاليب الله أن يظهروا شكرهم لمراحمه وبركاته عليهم عن طريق التقدمات, واستمر هذا خلال الأجيال المتعاقبة, ومارسه ابراهيم الذي قدم عشوره لملكي صادق كاهن العلي. ووجد المبدأ نفسه في زمان أيوب. ويعقوب إذ كان منفيا, وجوالا لا مال له, حين اضطجع في بيت ايل لينام ليلته في عزلة ووحدة متوسدا حجرا, هناك وعد الرب قائلا : ” كل ما تعطيني فإني أعشرة لك “ ( تكوين 28 : 22 ). إن الله لا يرغم الناس ليعطوا, بل كل ما يعطونه يجب أن يكون عن تطوع. فهو لا يريد ان تمتليء خزنته بتقدمات غير طوعية. CCA 315.4
أما من جهة القيمة المطلوبة فقد عين الله عشر الدخل. وهذا الأمر متروك لضمير الناس ولسخائهم, الذين ينبغي أن يكونوا أحرارا في حكمهم في نظام العشور هذا, وبينما يترك هذا الأمر حرا للضمير, فقد وضع تدبير تام التحديد لإفهام الجميع. ليس من ارغام في الأمر. CCA 316.1
دعا الله الشعب في عصر تطبيق الفرائض الموسوية ليعطوا عشارا من كل دخلهم. استأمنهم على أمور هذه الحياة, على مواهب لينموها ويعيدوها له. وهو يطلب منهم عشرا. وهذا أقل ما يمكن أن يطالب به الإنسان ليرده للرب. يقول : أعطيكم تسعه أعشار واطلب منكم عشرا واحدا. انه لي. حين يسمك الناس العشر فهم يسلبون الله. وبالإضافة إلى عشر دخلهم كان يطلب منهم أيضا ذبائح خطية وذبائح سلامة وقرابين شكر. CCA 316.2
كل ما يمسك مما يطلبه الله, عشر الدخل, يدون في سجلات السماء ضد الذين يمسكونه على انه مال مسروق. ان اناسا كهؤلاء يسلبون خالقهم, وحين تعرض عليهم خطية الإهمال هذه, يجب ألا يكتفوا بتغيير مسلكهم والشروع من تلك اللحظة في تطبيق هذا النظام القويم, لأن هذا لا يصحح الأرقام المدنة في السجل السماوي ضدهم لإختلاسهم ما قد استؤمنوا عليه من ممتلكات, لردوها للمقرض الأعظم, بل يطلب منهم أن يتوبوا عن عدم الأمانة في معاملتهم لله وعن عدم شكرهم له. CCA 317.1
كلما عمل شعب الله بسرور ورضى في أية فترة من تاريخ العالم, على تنفيذ تدبير الله والإستجابة لمطالبيه, واكرامه بأموالهم, امتلأت مخازنهم بالوافر الوفير. ولكن حين سلبوا الله في العشور والتقدمات جعلهم الله يدركون أنهم لم يسلبوه فقط بل سلبوه أنفسهم, لأنه قلل من بركاته لهم ما قللوا هم من تقدماتهم له. CCA 317.2
ينبغي للرجل الذي يخطئه التوفيق ويجد نفسه مديونا ألا يأخذ من نصيب الرب ليفي به ما عليه من ديون لأخيه الإنسان. ينبغي له أن يعتبر ما يحدث له انه ما لإمتحانه, وأنه باحتفاظه بنصيب الرب لإستعماله الشخصي انما يسلب المعطي الأعظم. انه مدين لله بكل ما يملك, ولكن دينه هذا يتضاعف حين يستعمل نصيب الرب في دفع ديونه لإناس بشر, ويكتب مقابل اسمه في سجلات السماء عبارة : ” عدم الأمانة لله “ ان عليه حسابا يؤديه لله من أجل أنه استأثر بأموال الرب لإراحة نفسه. وما ينكشف من افتقار إلى المبدأ في استيلائه على أموال الله بغير حق سيظهر في معالجته لأمور أخرى. وسيرى ذلك في كل ما يتعلق بعمله من شؤون. فمن يسلب الله إنما ينمي في ذاته صفات خلقية من شأنها أن تحرمه من الإنتماء إلى أسرة الله السماوية. CCA 317.3