الصبا و الشباب
علاقة الصحة ببناء الخلق
إن الله لا يأذن للإنسان بتعدي قوانين كيانه البشري مطلقاً، غير أن الإنسان بإذعانه لتجارب إبليس الداعية إلى عد الإعتدال، يخضع قواه السامية لشهوة الطعام الحيوانية و سائر الشهوات البهيمية، و إذا فرضت هذه سلطانها فإن الإنسان الذي وضع عند خلقه قليلاً عن الملائكة و جهّز بطاقات قابلة لأسمى التهذيب و التثقيف — هذا الإنسان يخضع مستسلماً لسلطان إبليس. أما الذين يسهل على إبليس السيطرة عليهم بسهولة فهم الذين أسلموا القيادة لشهوة الطعام فيهم فاستعبدوا لها. ومن الناس من يضحون، عن طريق الإفراط، بأنصاف طاقاتهم الجسمية و العقلية و الأدبية. آخرون يضحون بثلثيها، فيمسون ألعوبة في يدي العدو. SM 245.1
أما الذين يرومون صفاء الذهن ليمكنهم إكتشاف خدع إبليس فلا بد لهم من إخضاع شهوات الجسم لحكم العقل و الضمير. و لا بد، لتكميل الخلق المسيحي، من أن تنشط قوى العقل السامية نشاطاً أدبياً و صحياً، لأن خدمتنا النافعة في الحياة الدنيا، و خلاصنا الأبدي في الحياة الأخرى يتوقفان، إلى حد بعيد، على مبلغ ما تكون عليه عقولنا الآن من القوة أو الضعف. إن الإفراط، أياً كان نوعه، هو تعد على سنن كياننا، و إن الخرق أو ضعف العقل قد استبد بالناس إلى حد يبعث على الخوف، و أضحت الخطية جذابة جداً بسبب ما يلقيه عليها إبليس من أقنعة نورانية، و إن إبليس هذا ليأخذه الجذل حين يتمكن من إبقاء العالم المسيحي منصرفا إلى ممارساته اليومية المألوفة تحت سطوة العادة المستبدة و جعل شهوة الطعام تسيطر عليه و تتحكم به. SM 245.2