مشتهى الأجيال

144/684

إيمان نال مكافأة

ولم تكن قانا تبعد عن كفرناحوم كثيرا وكان يمكن أن يصل ذلك الضابط إلى بيته في مساء اليوم الذي فيه تقابل مع يسوع ، إلاّ أنه لم يسرع في عودته إلى البيت فلم يصل إلى كفرناحوم إلا في غد اليوم التالي. وكم كان قلبه مبتهجا وهو عائد إلى بيته! إنه عندما خرج من بيته يطلب يسوع كان قلبه مثقلا بالحزن فكان نور النهار مؤلما لنفسه وغناء الطيور كان سخرية بأحزانه . ولكن ما أعظم التبدل الذي حدث له الآن . إنه يرى الطبيعة كلها وقد اكتست ثوبا بهيا جميلا ، وها هو يرى بعينين جديدتين . وفيما كان مسافرا في ساعة الصباح الباكرة بدا كأن الطبيعة كلها تشاركه في تسبيح الله . وإذ كان لم يزل بعيدا عن بيته خرج عبيده لملاقاته لكي يسروا عنه الجزع الذي كانوا يعلمون أنه يضايقه . لم تدهشه الأخبار التي سمعها منهم . ولكن باهتمام عميق لم يعرفوا سره استخبرهم عن الساعة التي أخذ فيها ابنه يتعافى . فأجابوه قائلين: “أَمسِ في الساعة السابِعة تَركَتْه الْحمى” (يوحنا 4 : 52). ففي نفس اللحظة التي فيها تمسك الأب بقول المسيح “اِبنُك حي” لمست محبة الله ذلك الابن المحتضر بلمستها الشافية. ML 175.4

وقد أسرع الأب ليسلم على ابنه ، وإذ وصل إلى البيت احتضن ابنه كمن قد أقيم من الأموات ، وشكر الله مرارا وتكرارا على هذا الافتقاد الرباني الرحيم. ML 176.1

اشتاق ذلك النبيل إلى أن يعرف الشيء الكثير عن المسيح. فلما سمع تعاليمه بعد ذلك صار هو وكل بيته تلاميذ للسيد . لقد قدس الله التجربة فصارت واسطة في اهتداء أسرة كاملة . ثم انتشرت أنباء تلك المعجزة ، وفي كفرناحوم التي أجرى فيها المسيح قوات عديدة كان الطريق معدا لخدمته . ML 176.2

إن ذاك الذي بارك النبيل القادم من كفرناحوم له نفس الشوق لأن يباركنا ، ولكننا كذلك الأب المتألم كثيرا ما نطلب يسوع طمعا في الحصول على خير زمنى. فإذا منحنا طلبنا وثقنا بمحبته ، غير أن المخلص يتوق إلى أن يمنحنا بركة أعظم مما نطلب ، وهو يؤخر إجابة طلبنا إلى أن يرينا شر قلوبنا وحاجتنا العظمى إلى نعمته ، كما أنه يرغب في تحريرنا من الأنانية التي تسوقنا إلى أن نطلبه . وإذ نعترف بعجزنا وحاجتنا المرة علينا أن نسلم أنفسنا بالتمام لمحبته. ML 176.3

كان ذلك النبيل يرغب في رؤية إجابة صلاته قبلما يؤمن. ولكن كان عليه أن يقبل قول المسيح بأن طلبه قد أجيب وأنه قد منحه البركة . وعلينا نحن أيضاً أن نتعلم هدا الدرس عينه ، علينا أن نؤمن لا لأننا نحس أو نرى بل علينا أن نثق بمواعيده . ومتى أتينا ML 176.4

إليه بإيمان ، فكل طلبة تصل إلى قلب الله. ومتى طلبنا منه بركة علينا أن نؤمن بأننا قد نلناها ونشكره لأنه منحنا إياها . وحينئذ نذهب لمزاولة أعمالنا ، موقنين أن البركة ستتحقق لنا عندما نكون في أشد الحاجة إليها . ومتى تعلمنا أن نفعل هذا فسنعرف أن صلواتنا قد أجيبت . والله سيفعل لنا “أَكْثَر جِدا” ، “بِحسبِ غنَى مجدهِ” و “عظَمةُ قُدرَته” (أفسس 3 : 20، 16 ؛ 1 : 19). ML 177.1