مشتهى الأجيال
بواعث أنانية
ومع ذلك فقد كان عند ذلك النبيل قليل من الإيمان لأنه قد أتى ليسأل ما كان يعتقد أنه أثمن البركات ، بينما كان لدى يسوع هبة أعظم ليمنحه إياها. كان يتوق ليس ليشفي الابن المريض فحسب بل أن يجعل أيضاً ذلك الضابط وكل بيته شركاء في بركات الخلاص ، وليشمل نورا في كفرناحوم التي عما قليل ستكون حقل خدمته . ولكن يجب على ذلك النبيل أن يدرك حاجته قبلما يطلب من المسيح النعمة . كان نديم الملك هذا مثالا لكثيرين من بني أمته ، فلقد كانوا مهتمين بيسوع لأجل بواعث أنانية . كانوا يرجون الحصول على منافع خاصة بواسطة قوته. وقد جعلوا إيمانهم متوقفا على منحه إياهم ذلك الإحسان الزمني ، ولكنهم كانوا يجهلون مرضهم الروحى ، ولم يدركوا حاجتهم إلى النعمة الإلهية. ML 174.4
وكنور خاطف كشفت تلك الكلمات قلب ذلك النبيل له ، فلقد رأى أن الدوافع التي أتت به إلى يسوع كانت دوافع أنانية وقد بدا إيمانه المترنح على حقيقته. وفي ضيقه العميق تحقق من أن شكوكه قد تكلفه موت ابنه ، وعرف أنه في حضرة ذاك الذي يعرف ما يخطر ببال الناس والذي كل شيء مستطاع لديه . وفي توسل مؤثر محزن صرخ قائلا: “يا سيد ، انْزِلْ قَبلَ أَنْ يموتَ ابني” (يوحنا 4 : 49). وكيعقوب تمسك بالمسيح بالإيمان ، إذ فيما كان يعقوب يصارع الملاك صرخ قائلا: “لاَ أُطْلقُك إِن لَمتُبارِكْني” (تكوين 32 : 26). ML 175.1
وقد غلب كما غلب يعقوب من قبل. إن المخلص لا يمكنه أن يترك النفس التي تتعلق به متوسلة إليه أن يمنحها حاجتها العظمى ، “قَالَ لَه يسوعُ: اذْهب . اِبنُك حي” (يوحنا 4 : 50). فانطلق ذلك النبيل من حضرة المخلص وقد امتلأ قلبه بسلام وفرح عظيمين لم يكن له بهما عهد من قبل . ولم يؤمن فقط بأن ابنه سيشفى بل بثقة عظيمة آمن بأن المسيح هو الفادي. ML 175.2
وفي نفس الساعة رأى أقارب الصبي المحتضر الملتفون حول سريره تغييرا سريا مفاجئا طرأ عليه بعدما كان في حالة الاحتضار. فلقد اختفى شبح الموت بعيدا عن ذلك الابن المريض . وبدلا من وقدة الحمى حلت الصحة والراحة ، والعينان المنطفئتان أشرقتا بنور الذكاء وعادت القوة إلى ذلك الجسم المضنى . ولم يبق في جسم المريض أي أثر من آثار المرض . وذلك الجسم الذي كان ملتهبا بالحمى تندى بالعرق فنام الابن نوما هادئا . وقد زايلته الحمى في أشد ساعات النهار حرارة . وقد ذهلت العائلة وفرح الجميع فرحا عظيما. ML 175.3