مشتهى الأجيال

132/684

ماء الحياة

لم يجب يسوع حالا عن السؤال الخاص بنفسه ، ولكنه بغيرة مقدسة قال لها: “ كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً. ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيع يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى الحياة الأبدية” (يوحنا 4 : 13 و 14). إن من يحاول أن يطفئ ظمأه من ينابيع هذا العالم سيشرب ليعطش أيضاً . والناس في كل مكان يحسون بعدم الاكتفاء . إنهم يتوقون إلى ما يسد حاجة النفس . ولا يوجد غير شخص واحد يمكن أن يسد تلك الحاجة . إن حاجة العالم “مشتهى كل الأمم” هي المسيح ، فالنعمة الإلهية التي يعطيها هو وحدة مشبهة بالماء الحي الذي يطهر النفس وينعشها وينشطها . ML 163.1

إن يسوع لم يكن يقصد أن يقول إن جرعة واحدة من ماء الحياة تكفي من يشربها ، لأن من يذوق محبة المسيح لا بد أن يطلب المزيد منها ، ولكنه لا يطلب شيئا آخر سواها. فغنى العالم وكراماته ومسراته لا تستهويه . إن صرخة قلبه الدائمة هي إلى المزيد من الرب يسوع . وذاك الذي يكشف للنفس حاجاتها منتظر ليشبع جوعها ويروي عطشها . إن كل الموارد البشرية وكل اعتماد عليها مآله إلى الفشل . فالأحواض ستفرغ والبرك تجف ، ولكن فادينا هو نبع لا ينضب . يمكننا أن نشرب مرارا وتكرارا ، ومع ذلك يبقى هو على ملئه . إن من يسكن المسيح في قلبه له في داخله نبع بركات: “ينْبوعَ ماءٍ ينْبع إِلى حياةٍ أَبدية” (يوحنا 4 : 14). وإن هذا النبع به قوة ونعمة كافيتان لسد كل أعوازنا. ML 163.2

وإذ تكلم يسوع عن الماء الحي نظرت إليه المرأة بانتباه تخالطه الدهشة. لقد أثار اهتمامها وأيقظ في نفسها الشوق للحصول على تلك العطية التي قد تكلم عنها . وهنا أدركت أنه لم يكن يشير إلى مياه بئر يعقوب إذ كانت هي تأتي لتستقى منها على الدوام ، فكانت بعدما تشرب تعطش مرة أخرى. فقالت له المرأة: “يا سيد أَعطني هَذا الْماءَ ، لكي لاَ أَعطَش وَلاَ آتي إِلى هنَا لأَستَقي” (يوحنا 4 : 15). ML 163.3