مشتهى الأجيال

122/684

قلب مضطرب

وفيما كان يسوع يتكلم أشرقت بعض أنوار الحق على عقل ذلك الرئيس فتأثر قلبه بقوة الروح القدس الملطفة المقنعة. ومع ذلك فهو لم يدرك كلام المخلص تماماً . إنه لم يتأثر بضرورة الميلاد الثاني بقدر ما تأثر بكيفية إتمامه ، فقال باندهاش: “كَيفَ يمكن أَنْ يكُونَ هذَا؟ ” (يوحنا 3 : 9). ML 150.4

فسأله يسوع بقوله: “أَنْتَ معلِّم إِسرائِيلَ وَلَستَ تَعلَم هذَا!” (يوحنا 3 : 10). حقاً إن شخصا مسؤولا عن تعليم الشعب تعليما دينيا ينبغي ألاّ يجهل مثل تلك الحقائق الهامة . كان كلام المسيح يحمل بين ثناياه درسا هاما لنيقوديموس ، فبدلا من أن يهتاج من كلام الحق الصريح كان عليه أن يفكر في نفسه تفكيراً وضيعا جدا بسبب جهله الروحي . ومع هذا فقد كان المسيح يتكلم بجلال مهيب . وبنظراته ونغمة كلامه كان يعبر عن محبته العظيمة بحيث لم يكن نيقوديموس يحس باستياء حين تحقق من ضعة حالته الروحية. ML 151.1

ولكن إذ أوضح يسوع أن مهمته على الأرض هي أن يؤسس ملكوتا روحيا بدلا من الملكوت الزمني ، فهذا الكلام أزعج سامعه. وإذ رأى يسوع منه هذا أردف يقول: “إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُم الأَرْضياتِ وَلَستُم تُؤْمنُونَ ، فَكَيفَ تُؤْمنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُم السماوِياتِ؟” (يوحنا 3 : 12). إذا كان نيقوديموس لم يستطع أن يقبل تعليم المسيح الذي فيه وصف عمل النعمة في القلب ، فأنَّى له أن يدرك طبيعة ملكوته السماوي المجيد؟ وإذ لم يدرك طبيعة عمل المسيح على الأرض لم يمكنه إدراك عمله في السماء. ML 151.2

إن اليهود الذين طردهم يسوع من الهيكل ادعوا أنهم أولاد ابراهيم ولكنهم هربوا من حضرة المخلص لأنهم لم يستطيعوا احتمال مجد الله الذي أظهر فيه. وهكذا برهنوا على أنهم غير مؤهلين بنعمة الله للاشتراك في خدمة الهيكل المقدسة . كانوا غيورين على الاحتفاظ بصورة التقوى والقداسة ، ولكنهم أغفلوا قداسة القلب . ففيما كانوا متمسكين بحرفية الناموس كانوا على الدوام يتعدون روح الناموس . إن حاجتهم العظمى كانت إلى نفس ذلك التغيير الذي كان يسوع يوضحه لنيقوديموس- ميلاد جديد للخلق وتطهير من الخطية وتجديد في المعرفة والقداسة. ML 151.3