مشتهى الأجيال
إنسان مولود ثانية
وإذ بوغت وأُخرج من رباطة جأشه أجاب المسيح جوابا مفعما بالتهكم قائلا: “ كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟” (يوحنا 3: 4) وهو ، ككثيرين من أمثاله عندما يطعن الحق بحده القاطع أعماق الضمير ، أعلن حقيقة كون الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله. ليس فيه شيء يتجاوب مع الأمور الروحية لأن الروحيات تُدرك روحيا. ML 149.1
غير أن المخلص لم يقرع حجة بحجة ، بل إذ رفع يده بعظمة مهيبة هادئة أوصل الحق إلى قلب سامعه بتأكيد أعظم إذ قال: “ الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله” (يوحنا 3 : 5). عرف نيقوديموس أن المسيح كان يشير بكلامه هذا إلى معمودية الماء وتجديد القلب بروح الله ، واقتنع بأنه في حضرة ذاك الذي كان يوحنا المعمدان قد أنبأ عنه. ML 149.2
ثم عاد يسوع يقول: “ المولود من الجسد جسد هو، والمولود من الروح هو روح” (يوحنا 3: 6). إن القلب شرير بطبيعته ، “من يخرج الطاهر من النجس؟ لا أحد!” (أيوب 14 : 4). لا يمكن لأي اختراع بشري أن يجد علاجا للنفس الخاطئة لأن “اهتمام الجسد هو عداوة لله، إذ ليس هو خاضعاً لناموس الله، لأنه أيضاُ لا يستطيع” ، “لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف” (رومية 8 : 7 ؛ متى 15 : 19). ينبغي أن يتطهر ينبوع القلب قبلما تصير المجاري الخارجة منه طاهرة . إن من يحاول الدخول إلى السماء بأعماله عن طريق حفظ الناموس إنما يحاول المستحيل . إنه لا أمان لمن يتمسك بمجرد ديانة رسمية أو تقوى شكلية . إن حياة المسيحي ليست ترقيعا ولا تعديلا ولا إصلاحا لحياته القديمة ولكنها تغيير يشمل الطبيعة كلها . ينبغي أن يموت الإنسان عن الذات والخطية ويحيا حياة جديدة في كل شيء . وهذا التغيير لا يمكن أن يتم بغير عمل الروح القدس الفعال. ML 149.3