مشتهى الأجيال

مقابلة سرية

كان يتوق جدا إلى الاجتماع بيسوع ولكنه كان يخشى أن يطلبه جهارا. إنه يكون أمرا في منتهى الإذلال والمهانة لرئيس ومعلم لليهود أن يعلن عن ميله وعطفه نحو ذلك المعلم الحديث العهد بالشهرة . ولو وصل خبر تلك الزيارة إلى مسامع رجال السنهدريم لصار هدفا لاحتقارهم وتشيرهم به . ولذلك عزم على الذهاب إليه سرا ، قائلا إنه لو ذهب إلى يسوع علنا فقد يتمثل به الآخرون . فإذ علم من الاستخبارات الخاصة عن مكان اعتكاف المخلص في جبل الزيتون انتظر حتى هجع أهل المدينة ثم خرج يطلبه. ML 147.1

وإذ مثل نيقوديموس في حضرة المسيح بدأ يحس بخجل غريب حاول أن يستره تحت مظهر الرصانة والعظمة. قال له: “يا معلّم، نعلم أنك قد أتيت من الله معلّماً، لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه” (يوحنا 3 : 2). كان يرجو أنه إذ يتكلم عن مواهب المسيح الفذة كمعلم ، ويتحدث عن قدرته العظيمة في إجراء المعجزات فسيكون ذلك تمهيدا حسنا لتلك المقابلة ، كما قصد بكلامه هذا أن يعبر عن ثقته بالمسيح ويظفر بثقته ، ولكن ذلك الكلام كان في الحقيقة تعبيرا عن عدم الإيمان . فهو لم يعترف بالمسيح كمسيا بل قال عنه إنه ليس سوى معلم مرسل من قبل الله. ML 147.2

لكن يسوع بدلا من التسليم بهده التحية ثبت نظره في المتكلم كما لو كان يقرأ عمق أفكاره. وبحكمته اللامتناهية رأى أمامه رجلا يطلب الحق . وقد عرف غرضه من تلك الزيارة ، فإذ كان يرغب في تعميق الحق الرابض في عقل ذلك الزائر تقدم مباشرة إلى الغاية المقصودة فقال بكل رفق ومهابة: “الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله” (يوحنا 3 : 3). ML 147.3