مشتهى الأجيال

11/684

الفصل الثاني— الشعب المرفوض

ظل الشعب اليهودي ينتظر مجيء المخلص حقبة طويلة من الزمن جاوزت ألف سنة وقد تركزت في هذا الحادث أبهج آمالهم وانتظاراتهم. ففي تسبيحاتهم ونبواتهم ، في طقوس الهيكل وفي العبادة العائلية كانوا يقدسون اسمه . ومع ذلك فإنهم لم يعرفوه عندما أتى . إن حبيب السماء ذاك كان في نظرهم “كَعرق من أَرْضٍ يابِسة” فلم يروا فيه “صورَةَ ... وَلاَ جمالَ” فينظروا إليه ولا منظر فيشتهوه: “إِلى خَاصته جاءَ ، وَخاصتُه لَم تَقبله” (إشعياء 53 : 2 ؛ يوحنا 1 : 11). ML 25.1

ومع ذلك فإن الله كان قد اختار إسرائيل. دعاهم لكي يحفظوا معرفة شريعته بين الناس ، وليحتفظوا بالرموز والنبوات التي كانت تنبئ عن المخلص . كان يريدهم أن يكونوا مثل ينابيع خلاص للعالم . فكما كان إبراهيم في أرض غربته ، وكما كان يوسف في مصر ، وكما كان دانيال في بلاط مملكة بابل- كذلك كان يجب أن يكون الشعب العبراني بين الشعوب ، كان عليهم أن يعلنوا الله للناس ML 25.2

إن الله عندما دعا إبراهيم قال له: “أُبارِكك ... وَتكُونَ بركةً ... تَتبارَكُ فيك جميع قَبائِلِ الأَرْضِ” (تكوين 12 : 2 و 3). وقد ردد الأنبياء نفس هذا التعليم . وحتى بعدما اجتاحت الحروب أرض إسرائيل وأُخذ الشعب إلى السبي قدم لهم هذا الوعد: “وَتكُونُ بقيةُ يعقُوبَ في وَسط شُعوبٍ كَثيرِين كَالنَّدى من عند الربِّ ، كَاْلوابِلِ على اْلعشبِ الَّذي لاَ ينتظر إِنسانًا وَلاَ يصبِر لِبني اْلبشرِ” (ميخا 5 : 7). وعن الهيكل في أورشليم أعلن الله بواسطة إشعياء النبي: “لأَنَّ بيتي بيت الصلاةِ يدعى لِكُلِّ الشُّعوبِ” (اشعياء 56 : 7). ML 25.3

ولكن الإسرائيليين ركزوا آمالهم وانتظاراتهم في العظمة المادية. فمنذ أن دخلوا أرض كنعان حادوا عن وصايا الله واتبعوا طرق الوثنيين . وعبثا أنذرهم الله على أفواه أنبيائه ، وعبئا قاسوا الأهوال من جراء الاضطهادات التي أوقعها عليهم أعداؤهم الوثنيون ، فبعد كل إصلاح كان الشعب يوغل في الارتداد ML 25.4

ولو كان بنو إسرائيل أمناء لله لكان قد أتم غرضه في إكرامهم وتعظيمهم. ولو ساروا في طريق الطاعة لكان الرب قد تمم لهم وعده الذي أعطاه على فم موسى بأن يجعلهم مستعلين “على جميعِ اْلَقبائِلِ الَّتي عملها في الثَّنَاءِ وَالاسمِ وَاْلبهاءِ” ” فَيرى جميع شُعوبِ الأَرْضِ أَنَّ اسم الربِّ قَد سمي” عليهم “وَيخافُونَ” منهم . ولقد نصحهم أن يعملوا بالحكمة والفطنة ” أَمامَ أَعينِ الشُّعوبِ الَّذين يسمعونَ كُلَّ هذهِ اْلَفرائِضِ ، فَيقُولُونَ: هَذا الشَّعب اْلعظيم إِنَّما هو شَعب حكيم وَفطن” (تثنية 26 : 19 ؛ 28 : 10 ؛ 4 : 6). ولكن نظراً لعدم أمانتهم لم يكن ممكنا أن يتم قصد الله إلاّ عن طريق تعاقب الضيق والإذلال ML 26.1