مشتهى الأجيال

10/684

الاتحاد بالله

إن المسيح بحياته وموته قد أتم عملا هو أكثر من مجرد رد وإصلاح ما قد خربته الخطية. لقد كان الشيطان يقصد أن يفصل بين الله والإنسان فصلا أبديا ، ولكننا —في المسيح- نصير متحدين بالله اتحادا أوثق مما لو لم نكن قد سقطنا . فإذ اتخذ المخلص طبيعتنا ربط نفسه بالبشرية برباط لا يمكن أن ينفصم . لقد ارتبط بنا مدى دهور الأبد “لأَنَّه هَذا أَحب اللهُ اْلعاَلم حتَّى بذلَ ابَنه اْلوحيد” (يوحنا 3 : 16). إنه بذله ليس فقط ليحمل خطايانا ويموت كفارة عنا ، ولكنه أعطاه لجنسنا الساقط . ولكي يؤكد لنا الله عهد سلامه الذي لا ينقض فقد بذل ابنه الوحيد ليصير واحدا من الأسرة البشرية وليظل إلى الأبد محتفظا بطبيعته البشرية . هذا هو الضمان على أن الله سينجز وعده: “لأَنَّه يوَلد لَنا وَلد وَنُعطى ابنًا ، وَتكُونُ الرياسةُ على كَتفه” لقد اتخذ الله الطبيعة البشرية في شخص ابنه الذي قد حملها إلى السماء العليا . إن “ابن الإِنسانِ” هو الذي يجلس مع الله في عرش الكون . وابن الإنسان هو الذي يدعى اسمه “عجِيبا ، مشيرا ، إِلها قَديرا ، أَبا أَبديا ، رئيس السلام” (إشعياء 9 : 6). إن “أهية” هو الوسيط بين الله والبشرية الذي يضع يده على كليهما . إن ذاك الذي هو “قُدوسٌ بِلا شَر وَلا دَنسٍ ، قَد اْنَفصلَ عنِ اْلخُطاةِ” وهو “لاَ يسَتحي أَنْ يدعوهم إِخوةً” (عبرانيين 2 : 11). في المسيح ارتبطت الأسرة الأرضية والأسرة السماوية معا . فالمسيح الممجد هو أخونا . فلذلك تعتز السماء بالبشرية ، والبشرية تحتضنها المحبة غير المحدودة . ML 23.2

يصف الله شعبه “كَحجارَةِ التَّاجِ مرفُوعةً على أَرْضه . ما أَجودَهُ وَما أَجمله!” (زكريا 9 : 16 و 17). إن تمجيد المفديين سيكون شهادة أبدية لرحمة الله “لِيظهِر في الدهور الآتية غَنى نعمته اْلَفائِقَ ، بِاللُّطْف عليَنا في اْلمسيحِ يسوعَ” ، “لِكي يعرفَ الآنَ عند الرؤَساءِ وَالسلاطينِ في السماوِياتِ ، بِواسطة اْلكنيسة ، بِحكمة اللهِ اْلمتَنوعة ، حسب قَصد الدهورِ الَّذي صنعه في اْلمسيحِ يسوعَ رَبنَا” (أفسس 2 : 7 ؛ 3 : 10، 11). ML 24.1

وعن طريق عمل المسيح الفدائي يزكو حكم الله وقضاؤه. إن الله القدير يعرف على أنه إله المحبة . إن اتهامات الشيطان قد دحضت وكذبت وكشف الستار عن صفاته، ولن يمكن أن يحدث عصيان فيما بعد . ولن تعود الخطية لتدخل المسكونة فيما بعد . ومدى دهور الأبد سيكون الجميع بمأمن من الارتداد . وبواسطة تضحية المحبة لذاتها قد ارتبط سكان الأرض والسماء بخالقهم بصلات وثيقة لا يمكن أن تنفصم . ML 24.2

إن عمل الفداء سيكون كاملا. ففي المكان الذي فيه كثرت الخطية زادت النعمة وتفاضلت جدا . والأرض نفسها التي كانت ميدانا ادَّعى الشيطان ملكيته ، ستتمجد فضلا عن كونها ستفدى . وعالمنا الصغير الواقع تحت لعنة الخطية ، تلك البقعة السوداء الوحيدة في ملكوت الله المجيد سيكرم أكثر من كل العوالم الأخرى في الكون . فهنا حيث حل ابن الله في جسم بشريته ، وحيث عاش ملك المجد وتألم ومات - هنا عندما يصنع كل شيء جديدا سيحل الله في خيمته في وسط الناس ، وهو “سيسكُن معهم ، وَهم يكُونُونَ لَه شَعبا ، وَاللهُ نَفسه يكُونُ معهم إِلها لَهم” (رؤسا 21 : 3). ومدى دهور الأبد إذ يسير المفديون في نور الرب فسيشكرونه على عطيته التي لا يعبر عنها- ML 24.3

عمانويل، “ الله معنا” ML 24.4