مشتهى الأجيال

112/684

وقت اقتناع

وإذ استولى الرعب على الكهنة والرؤساء هربوا من رواق الهيكل لينجوا بأنفسهم من نظرة يسوع الفاحصة التي كشفت طواياهم. وفي هربهم التقوا آخرين ممن كانوا في طريقهم إلى الهيكل فأمروهم بالعودة وأخبروهم بما قد رأوا وسمعوا . وقد نظر المسيح إلى أولئك الهاربين في إشفاق رحيم لخوفهم وعدم معرفتهم مطاليب الديانة الحقيقية . وفي هذا المنظر رأى السيد رمزا لتشتت الأمة اليهودية كلها بسبب شرهم وصلابة قلوبهم. ML 140.1

ولكن لماذا هرب الكهنة من الهيكل؟ ولماذا لم يثبتوا في أماكنهم؟ إن من قد أمرهم بالخروج هو ابن النجار الذي كان جليليا فقيرا ، لا مقام له ولا سطوة في العالم . فلماذا لم يقاوموه ، ولماذا تركوا مكسب الظلم وهربوا انصياعا لأمر ذاك الذي كان مظهره الخارجي وضيعا جدا؟ ML 140.2

لقد تكلم المسيح بسلطان كملك ، وفي مظهره ونغمة صوته كان هنالك شيء عجزوا عن مقاومته وأمام كلمة الأمر التي خرجت من شفتيه تحققوا ما لم يتحققوه من قبل وهو أنهم مراؤون ولصوص. وعندما سطعت ألوهيته من خلال بشريته لم يروا الغضب فقط مرتسما على وجه المسيح بل تحققوا مغزى كلامه . لقد أحسوا كأنهم ماثلون أمام عرش الديان السرمدي يستمعون لحكمه عليهم في الحياة ومدى الأبدية ، واقتنعوا بعض الوقت بأن المسيح نبي ، وآمن كثيرون بأنه مسيا ، أعاد الروح القدس إلى أذهانهم أقوال الأنبياء عن المسيح . فهل يخضعون لهذا الاقتناع؟ ML 140.3

لقد رفضوا التوبة. عرفوا أن قلب المسيح كان ممتلئا بالعطف على الفقراء ، كما عرفوا أنهم ارتكبوا جريمة الاغتصاب في معاملتهم للشعب . ولأن المسيح عرف أفكارهم فقد أبغضوه . وإن توبيخه إياهم على مسامع الشعب كان فيه إذلال لكبريائهم ، كما كانوا يغارون منه لتزايد نفوذه بين الشعب ، فصمموا على أن يراجعوه ويتحدوه من جهة سلطانه في طردهم ، ومن أعطاه هذا السلطان. ML 140.4