مشتهى الأجيال

109/684

قوة ذات سلطان

فلما دخل يسوع الهيكل عرف كل شيء على حقيقته. رأى الصفقات الجائرة الظالمة ، ورأى ضيق الفقراء الذين كانوا يعلمون أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة لخطاياهم ، ورأى دار هيكله الخارجية وقد استحالت إلى مكان للتجارة النجسة ، فتلك الدار المقدسة أصبحت سوقا كبيرة. ML 136.4

رأى المسيح أنه لابد من عمل شيء. لقد فرضت على الشعب فرائض كثيرة دون أن يعلمهم أحد معناها ، كما كانوا يقدمون ذبائحهم دون أن يفهموا أنها كانت ترمز إلى الذبيحة الكاملة الواحدة ، فوقف في وسطهم ذاك الذي كانت كل الرموز تنتهي إليه، ولكن لم يعرفه أو يكرمه أحد . كان قد أعطى تعليماته الخاصة بالتقدمات ، وكان يعرف قيمتها الرمزية كما عرف أنها صارت آلات فاسدة وأساء الناس فهمها . لقد بدأت العبادة الروحية تختفي ، ولم تعد هنالك أية صلة بين الكهنة والرؤساء وبين إلههم ، فكان المسيح مزمعا أن يقيم عبادة تختلف عن هذه كل الاختلاف. ML 137.1

وإذ يقف المسيح على درج رواق الهيكل ويتطلع بنظراته الفاحصة يرى كل شيء على حقيقته. وبعين النبوة يرى حوادث الغيب ، إنه لا يرى السنين فقط بل يرى أيضاً تعاقب القرون والأجيال . فهو يرى كيف أن الكهنة والرؤساء سيصدون الفقراء عن حقوقهم ويمنعون الكرازة بالإنجيل للمساكين . ويرى كيف أن محبة الله ستحجب عن عيون الخطاة وكيف سيتجر الناس بنعمته ، فإذ يشاهد ذلك المنظر ترتسم على محياه أمائر الغضب والقوة والسلطان . وهنا تتجه أنظار الناس إليه ، وأولئك المشغولون في تجارتهم النجسة يثبتون أنظارهم فيه ولا يستطيعون أن يغضوا أبصارهم عنه ، بل ويحسون بأن هذا الإنسان يقرأ أعمق أفكار قلوبهم ويكشف طواياهم ، فيحاول بعضهم إخفاء وجوههم كما لو كانت أعمالهم الشريرة مسطورة على جباههم وأن عينه الفاحصة تراها. ML 137.2