مشتهى الأجيال

103/684

خطر الانجراف وراء الرسميات

لقد كانت خدمة المسيح على طرفي نقيض مع خدمة شيوخ اليهود. إن حرصهم على حفظ التقاليد والرسميات والطقوس قضى على الحرية الحقيقية للتفكير والعمل . لقد عاشوا طيلة حياتهم في رعب دائم من التنجس . فلكي يتحاشوا النجسين كانوا يترفعون ليس فقط عن الأمم بل أيضاً عن الأكثرية الساحقة من بني أمتهم ، وبذلك لم يحاولوا أن ينفعوهم أو يكسبوا صداقتهم. وإذ ظلوا يفكرون في تلك الأمور صغرت عقولهم وضاق نطاق حياتهم، وكان مثالهم مشجعا للأنانية والتعصب بين طبقات الشعب. ML 130.2

شرع يسوع في عمل الإصلاح بكونه أبدى عطفا شديدا على البشرية. ففي حين أنه أبدى أعظم احترام للشريعة الإلهية فقد وبخ الفريسيين على تقواهم المصطنعة وحاول أن يحرر الشعب من القوانين التي لا معنى لها والتي أسرتهم ، وحاول أن ينقض السياجات التي كانت تفصل طبقات الشعب عن بعضهم البعض لكي يجمع الناس معا كأفراد أسرة واحدة ، وهكذا كان حضوره إلى ذلك العرس خطوة في سبيل تحقيق ذلك القصد. ML 130.3

لقد وجه الله يوحنا المعمدان للسكنى في البرية ليتقي شر تأثير الكهنة ومعلمي الشعب ولكي يتأهب لرسالة خاصة ، ولكن صرامة حياته وعزلته لم تكونا مثالا يحتذيه الشعب فهو نفسه لم يوصِ سامعيه باعتزال واجباتهم ، ولكنه أمرهم بأن يبرهنوا على توبتهم بأمانتهم لله في عملهم الذي قد عينه لهم. ML 130.4

وبخ المسيح الانغماس والإفراط في كل صورهما ، ومع ذلك كان اجتماعيا بطبيعته ، وكان يقبل كرم الضيافة من كل الطبقات ويزور بيوت الأغنياء والفقراء ، والعلماء والجهلاء على السواء ، وكان يحاول أن يسمو بتفكيرهم عن شؤون الحياة العادية إلى الأمور الروحية الأبدية. ولم يكن يتسامح مع الانغماس في الشهوات ، ولم يشوه تصرفاته أي أثر للرعونة العالمية ، ومع ذلك فقد سرته مناظر السعادة البريئة ، وبحضوره صادق على مجالس الإيناس . كانت حفلات الأعراس اليهودية فرصا تجلت فيها الحشمة والوقار، ولم تكن الأفراح مغيظة لابن الإنسان . فإذ حضر يسوع هذه الوليمة أضفى على الزواج كرامة عظيمة على اعتبار أنه دستور إلهي. ML 130.5