مشتهى الأجيال
“ الخمر مستهزئة”
إن الخمر التي قدمها المسيح للمدعوين إلى الوليمة والتي قدمها لتلاميذه كرمز لدمه كانت من عصير الكرمة النقي الغير المختمر. والنبي إشعياء يشير إلى هذه الخمر عندما يتكلم عن الخمر الجديدة “في اْلعْنقُودِ” قائلا: “لاَ تُهلكه لأَنَّ فيه بركَةً ” (إشعياء 65 : 8). ML 129.2
إن المسيح هو الذي قدم الإنذار لإسرائيل قديما قائلا: “اَلخَمر مستَهزِئَة . اْلمسكر عجاجٌ، وَمن يتَرنَّح بِهِما فَلَيس بِحكيمٍ ” (أمثال 20 : 1). فلا يعقل أنه يقدم مثل هذا المشروب بنفسه. إن الشيطان يجرب الناس لأن يسكروا بالخمر حتى تظلم عقولهم وتتخدر بصيرتهم الروحية . ولكن المسيح يعلمنا أن نخضع طبيعتنا الدنيا . لقد كانت حياته كلها مثالا يحتذى في إنكار الذات . فلكي يحطم قوة الشاهية “شهوة الطعام” احتمل أقسى امتحان يمكن أن يحتمله بشر نيابة عنا . إن المسيح هو الذي أوصى ألاّ يشرب يوحنا خمرا ولا مسكرا وهو الذي حذر امرأة منوح ومنعها عن الخمر والمسكر ، كما أنه نطق بالويل على من يسقي صاحبه خمرا ومسكرا . والمسيح لم يناقض تعاليمه . إن الخمر غير المختمرة التي قدمها للمدعوين إلى العرس كانت شرابا صحيا منعشا ، وكان من أثرها أنها جعلت ذوق الشاربين على وفاق مع القابلية السليمة. ML 129.3
وإذ أبدى المدعوون ملاحظاتهم على نوع الخمر أخذوا يسألون عدة أسئلة جعلت الخدام يعترفون بحدوث المعجزة ، فاستولت على تلك الجماعة دهشة بالغة جعلتهم ينسون التفكير إلى حين في ذاك الذي صنع العمل العجيب. فلما بحثوا عنه أخيرا علموا أنه قد خرج بهدوء بحيث لم يلاحظ أحد خروجه حتى ولا تلاميذه أنفسهم. ML 129.4
ثم اتجه انتباه تلك الجماعة آنئذ إلى التلاميذ. ولأول مرة اعترفوا بإيمانهم بيسوع ، وأخبروهم بما كانوا قد نظروه وسمعوه عند نهر الأردن ، فاضطرمت في قلوب كثيرين من السامعين نار الرجاء في أن الله قد أقام مخلصا لشعبه . وقد انتشر نبأ تلك المعجزة في كل الإقليم حتى وصل إلى أورشليم ، ولذلك بدأ الكهنة والشيوخ يفتشون في أسفار الأنبياء الخاصة بمجيء المسيح باهتمام جديد ، كما نشأ في القلوب شوق شديد لمعرفة رسالة هذا المعلم الجديد الذي ظهر بين الشعب في غير تكلف أو ادعاء. ML 130.1