مشتهى الأجيال

71/684

على هيئة حمامة

لم يسبق للملائكة أن سمعوا مثل تلك الصلاة. إنهم يتوقون إلى أن يحملوا إلى رئيسهم المحبوب رسالة اليقين والعزاء . ولكن لا ، فإن الآب سيجيب بنفسه على طلبة ابنه. فمن عرش الله مباشرة تنبث أنوار مجده . فها السموات تنفتح وينزل على رأس المخلص نور غاية في النقاوة على هيئة حمامة ، وهي رمز يناسب ذاك الذي هو وديع ومتواضع القلب ومن بين كل الجمع الغفر المجتمع عند الأردن لم يفطن إلى تلك الرويا غير عدد قليل وعلى رأسهم يوحنا . ومع ذلك فإن جلال الحضور الإلهي شمل ذلك الجمع ، فوقف الناس يشخصون إلى المسيح وهم صامتون ، وقد غمره النور الذي يحيط دائما بعرش الله . ووجهه الشاخص إلى السماء تمجد ، الأمر الذي لم يسبق أن حدث لإنسان ، ومن السموات المفتوحة سمع صوت يقول: “هَذا هو ابني اْلحبِيب الَّذي بِه سرِرْتُ” (متى 3 : 17). ML 92.4

إن كلمات التثبيت هذه قد أرسلت لكي تبعث الإيمان إلى قلوب من شاهدوا ذلك المنظر ولتقوي المخلص في أداء رسالته وإنجاز مهمته. فعلى رغم أن حقيقة كون خطايا العالم الأثيم قد وضعت على المسيح ، وعلى رغم اتضاعه في كونه أخذ على نفسه طبيعتنا الساقطة ، فإن الصوت الذي سمع من السماء أعلن أنه ابن الله السرمدي ML 93.1

لقد تأثر يوحنا تأثرا عظيما عندما رأى يسوع جاثيا كمن يبتهل ويتضرع ، وهو يتوسل بدموع طالبا مصادقة الآب. فإذ أحاط به مجد الله وسمع الصوت من السماء تحقق يوحنا من العلامة التي سبق أن وعدد الله بها ، فعرف أن ذاك الذي عمده هو فادي العالم حيث استقر عليه الروح القدس . ثم أشار إلى المسيح قائلا: “هوذَا حملُ اللهِ الَّذي يرفَع خَطيةَ اْلعاَلمِ!” (يوحنا 1 : 29). ML 93.2

لم يكن أحد من السامعين حتى ولا المتكلم نفسه قد فهم فحوى هذه العبارة “ حملُ اللهِ “.لقد سمع إبراهيم وهو على جبل المريا ابنه يسأله قائلا: “يا أَبِي ... أَين اْلخروفُ لِلْمحرقَة؟” فأجابه أبوه بقوله: “اللهُ يرى لَه اْلخروفَ لِلْمحرقَة يا ابني ” (تكوين 22 : 7 و 8). ففي الكبش الذي أعده الله عوضا عن اسحق رأى إبراهيم رمزا لذاك الذي كان مزمعا أن يموت لأجل خطايا الناس . وقد تنبأ الروح القدس إذ التقط هذه الصورة فقال بلسان إشعياء: “كَشاةٍ تُساقُ إِلَى الذَّبحِ” ، “الربُّ وَضع علَيه إِثْم جميعنَا” (إشعياء 53 : 7، 6). إلا أن شعب إسرائيل لم يكونوا قد فهموا هذا الدرس . وكثيرون منهم اعتبروا الذبائح الكفارية كما كان الوثنيون يعتبرون ذبائحهم- كتقدمات أرادوا عن طريقها استرضاء الله. وكان الله يريد أن يعلمهم أن من محبته تأتي العطية التي تصالحهم معه. ML 93.3