مشتهى الأجيال
يصلي طلبا للقوة
ولما خرج يسوع من الماء جثا على الشاطئ يصلِّي . لقد بدأت حقبة جديدة وهامة في حياته ، وها هو الآن يقف على مسرح أوسع ويدخل في صراع حياته . ومع أنه رئيس السلام فإن مجيئه سيكون بمثابة امتشاق الحسام . والملكوت الذي أتى ليثبته الآن على عكس ما كان يشتهيه اليهود. ذاك الذي كان أساس طقوس ونظام إسرائيل سينظر إليه على أنه مدمر ومخرب وعدو لذلك كله . ذاك الذي قد أعلن الناموس في سيناء سيحكم عليه بأنه متعد عليه ، وذاك الذي قد أتى ليحطم قوة الشيطان ويسحقها سيحكمون عليه بأنه بعلزبول . لم يكن على الأرض إنسان فهم يسوع على حقيقته ، إذ طوال سني خدمته كان عليه أن يسير وحيدا ، وطوال سنى حياته لم تدرك أمه ولا إخوته رسالته . حتى تلاميذه لم يفهموه . لقد كان يسكن في نور أزلي كمن هو واحد مع الله ، ولكن حياته على الأرض كان ينبغي أن تكون حياة العزلة والانفراد. ML 91.4
وإذ كان واحدا معنا كان عليه أن يحمل عبء آثامنا وويلاتنا. فالمنزه عن الخطية كان عليه أن يحس بعار الخطية ، ومحب السلام كان يجب أن يعيش في وسط النزاع والخصام ، وكان على الحق أن يعيش في جوار الكذب والطهارة إلى جوار الخسة والنذالة . وكل نفور أو نزاع وكل خطية وكل شهوة نجسة جلبها العصيان- كل تلك الشرور كانت سياط عذاب لروح المسيح. ML 92.1
لقد كان عليه أن يسير في الطريق وحده ، وأن يحمل العبء وحدة . وذاك الذي أخلى نفسه من مجده وقبل ضعفات البشرية كان ينبغي أن يأخذ على نفسه تبعة فداء العالم . لقد رأى ذلك كله وأحس به ولكنه ظل لابثا في عزمه على الوصول إلى غرضه . كان يستند على قوة يمينه لخلاص جنسنا الساقط ، وقد مد يده ليمسك بيد المحبة القادرة على كل شيء. ML 92.2
إن نظرة المخلص يبدو وكأنها اخترقت السماء عندما كان يسكب نفسه في الصلاة . إنه يعرف جيدا إلى أي حد قست الخطية قلوب الناس ، ويعرف مدى صعوبه إدراكهم لرسالته وقبولهم عطية الخلاص ، فهو يسأل الآب أن يمنحه القوة التي بها ينتصر على عدم إيمانهم ويحطم أغلالهم التي بها استرقَّهم الشيطان ، ولينوب عنهم في قهر مهلك النفوس ، وهو يطلب شهادة على أن الله يقبل البشرية في شخص ابنه. ML 92.3