مشتهى الأجيال

666/684

رعاية الخراف

إن أول عمل أسنده المسيح إلى بطرس بعد إعادته إلى الخدمة كان رعاية الخراف. كان بطرس قليل الخبرة في هذا العمل إذ كان العمل يتطلب عناية ورقة عظيمتين ومزيدا من الصبر والمثابرة . كان هذا العمل يتطلب منه أن يخدم الحديثي الإيمان ويعلم الجهال ويفسر لهم آيات الكتاب ويدربهم على أن يكونوا نافعين في خدمة المسيح . ولم يكن بطرس قبل ذلك لائقا لهذا العمل أو حتى لإدراك أهميته . ولكن هذا هو العمل الذي أسنده إليه المسيح الآن . وقد أعده اختباره الذي جاز فيه حين اختبر مرارة الآلام والتوبة للقيام به. ML 768.1

إن بطرس قبل سقوطه كان دائما يتكلم كلاما طائشا بروح الاندفاع. وكان دائما يتطوع لإصلاح أخطاء الآخرين والتعبير عما في فكره قبلما يفهم نفسه فهما صحيحا أو ما يجب عليه أن يقوله . ولكن بعد توبته ورجوعه اختلف عما كان اختلافا عظيما . لقد ظل محتفظا بغيرته الأولى ولكن نعمة المسيح ضبطت تلك الغيرة ونظمتها . ما عاد سريع الاندفاع كما في الأول ولا واثقا بنفسه ولا ممجدا لذاته ، بل صار هادئا ضابطا لنفسه وقابلا للتعلم .وهكذا استطاع أن يرعى الخراف والغنم في قطيع المسيح. ML 768.2

إن طريقة المسيح في معاملته لبطرس كان فيها درس له ولإخوته. لقد علمتهم أن يعاملوا المخطئين بالصبر والعطف والمحبة الغافرة . إن بطرس مع كونه قد أنكر سيده فإن المحبة التي كانت له في قلب يسوع لم تضعف قط . هكذا ينبغي لجميع خدام المسيح أن يحسوا بمثل تلك المحبة نحو الغنم والخراف المسلمة لرعايتهم . فإذ ذكر بطرس ضعفه وفشله كان عليه أن يعامل أفراد قطيعه بنفس الرقة التي قد عامله بها المسيح. ML 768.3

إن السؤال الذي قدمه المسيح لبطرس كان له مغزاه. لقد ذكر شرطا واحدا للتلمذة والخدمة فقال: “أَتُحبني؟” هذا هو المؤهل الجوهري . فمع أن بطرس كان يمكن أن يكون له مؤهل آخر فإنه بدون محبة المسيح ما كان يمكنه أن يكون راعيا أمينا على قطيع الرب. فالمعرفة والإحسان والفصاحة والشعر والغيرة كلها أمور تساعد على تأدية العمل العظيم، ولكن بدون محبة يسوع في القلب فإن عمل الخادم المسيحي يمسي فشلا ماحقا. ML 768.4