مشتهى الأجيال
بلبلة ورعب
بدت وجوه الكهنة كوجوه الموتى ، وحاول قيافا أن يتكلم وانفرجت شفتاه ولكنه لم ينبس ببنت شفة . وإذ كان الحراس على أهبة الخروج من غرفة المجلس إذا بصوت يستوقفهم .فقد استطاع قيافا أخيرا أن يتكلم فقال لأولئك الحراس: انتظروا ، انتظروا . لا تخبروا أحدا بشيء مما رأيتم. ML 741.1
ثم أعطي لأولئك الجنود بلاغ كاذب . فلقد قال لهم الكهنة: “قولوا إن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام” (متى 28 : 13). وهنا نجد الكهنة يخادعون أنفسهم ، إذ كيف يقول الحراس إن التلاميذ سرقوا الجسد وهم نيام ؟ وكيف يمكنهم معرفة ذلك ما داموا نياما ؟ ولو كان التلاميذ قد سرقوا جسد المسيح حقا ، أفما كان الكهنة أول من يحكمون عليهم ؟ وإذا كان الحراس قد ناموا عند القبر أما كان الكهنة أول من يشتكون عليهم أمام بيلاطس ؟ ML 741.2
ارتعب الحراس من فكرة كونهم يثبتون على أنفسهم تهمة النوم في مركز حراستهم إذ كان جزاء هذه الجريمة القتل . فهل يشهدون كذبا فيخدعون الشعب ويعرضون حياتهم للخطر ؟ ألم يحرسوا القبر وهم ساهرون طوال الليل ، فكيف يثبتون أمام المحكمة لو حلفوا زورا ولو طمعا في المال ؟ ML 741.3
فلكي يسكت الكهنة الشهادة التي كانوا يخافونها وعدوا الحراس أن يعملوا ما يكفل سلامتهم قائلين إن بيلاطس مثلهم تماما لا يرغب في انتشار هذا الخبر ، فباع أولئك الجنود الرومان صدقهم وأمانتهم لليهود بالمال. ML 741.4
لقد وقفوا أمام الكهنة مثقلين بأرهب أخبار الحق ، ولكنهم خرجوا محملين بالمال ، وعلى ألسنتهم خبر كاذب لقنهم إياه الكهنة . ML 741.5
وفي أثناء ذلك وصل خبر قيامة المسيح إلى بيلاطس . ومع أن هذا الوالي كان مسئولا عن تسليم المسيح للموت كان قليل الاكتراث نسبيا . ففي حين أنه حكم على المخلص وهو كاره وبه عطف شديد عليه ، إلا أن ضميره لم يبكته حتى ذلك الحين . فبرعب شديد حبس نفسه في بيته وعزم على ألا يرى أحدا . لكن الكهنة شقوا طريقهم إليه وأخبروه بالأكذوبة التي كانوا قد اخترعوها وألحوا عليه أن يتغاضى عن إهمال الحراس لواجبهم . وقبلما يطابق معهم راح يسأل الحرس بنفسه عن القضية . أما الحراس فإنهم خوفا على سلامتهم لم يجسروا على إخفاء شيء عن الوالي إذ طلب منهم أن يخبروه بكل ما حدث . أما هو فلم يثر تلك المسألة فيما بعد ، إلا أنه بعد ذلك لم يعد يعرف طعم السلام. عندما دفن يسوع في القبر انتصر الشيطان . وكان يؤمل أن المسيح لن يستعيد حياته ثانية . وادعى إبليس أن له الحق في جسد الرب ، لذلك أقام حراسة حول القبر محاولا أن يبقي جسد المسيح في أسره . ولكنه غضب أشد الغضب عندما هرب ملائكته لدى قدوم رسول السماء . وعندما رأى المسيح يخرج ظافرا عرف أن ملكه سينقضي وأنه لا بد سيموت في النهاية. ML 742.1