مشتهى الأجيال
“أنا هو القيامة”
إن الكهنة إذ صلبوا المسيح وقتلوه جعلوا أنفسهم آلات في يد الشيطان . والآن ها هم يصيرون تحت سيطرته التامة . لقد أوقعوا أنفسهم في شرك لم يكونوا يجدون بابا للنجاة منه إلا بمواصلة حربهم ضد المسيح . فعندما سمعوا بنبأ قيامته باتوا يخشون غضب الشعب وأحسوا بأن حياتهم في خطر . وظنوا أن أملهم الوحيد هو في إثبات كون المسيح مخادعا بإنكار قيامته . فرشوا الحراس وضمنوا سكوت بيلاطس ، كما نشروا الأخبار الكاذبة في كل مكان . ولكن كان هنالك شهود لم يستطيعوا إسكاتهم . إن الكثيرين كانوا قد سمعوا شهادة الحراس لقيامة المسيح ، كما أن بعض الأموات الذين خرجوا من قبورهم مع المسيح ظهروا لكثيرين وأعلنوا أنه قد قام . وقد وصلت الأخبار إلى الكهنة عن أناس رأوا هؤلاء الذين قد قاموا وسمعوا شهادتهم . فكان الكهنة والرؤساء في رعب دائم لئلا يقفوا وجها لوجه أمام المسيح وهم سائرون في الشوارع أو وهم في خلوة في بيوتهم . وأحسوا بأنه لا أمان لهم . إن المزاليج والأبواب المغلقة بكل إحكام لا يمكنها أن تحمي الإنسان من ابن الله . وفي النهار والليل ظل ذلك المشهد الذي حدث في دار القضاء حين صرخوا قائلين: “دمه علينا وعلى أولادنا” (متى 27 : 25) ماثلا أمام عيونهم لا يفارقهم البتة . إن ذكرى ذلك المشهد لم تفارق عقولهم قط . وما عادوا يذوقون طعم النوم الهنيء بعد ذلك أبدا. ML 742.2
وعندما سمع صوت الملاك العظيم أمام قبر المسيح قائلا إن الآب يدعوك ، خرج المخلص من القبر بالحياة التي كانت له في ذاته . وقد تحقق الآن صدق كلامه حين قال: “أضع نفسي لآخذها أيضاً. ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً. وقد تحققت الآن النبوة التي كان قد أنبأ بها الكهنة والرؤساء عندما قال لهم انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه” (يوحنا 10 : 17 و 18 ؛ 2 : 19). ML 743.1
وفوق قبر يوسف المشقوق أعلن المسيح قائلا بكل انتصار: “أنا هو القيامة والحياة” ولم يكن يمكن لغير الله أن يفوه بهذا الكلام . فكل الخلائق تعيش بإرادة الله وقدرته . إنهم يعتمدون على الله إذ يستمدون الحياة منه . فمن أسمى السرافيم إلى أدنى الخلائق الحية -الجميع يشبعون ويرتوون من نبع الحياة . إنما فقط ذاك الذي هو واحد مع الله هو وحده الذي استطاع أن يقول: “لي سلطان أن أضعها (حياتي) ولي سلطان أن آخذها أيضاً”. إن المسيح بقوة ألوهيته كان له السلطان أن يحطم قيود الموت. ML 743.2